"دور القيادة التربوية في تطوير البيئة الداعمة للموهبة
والإبداع" "The role of educational leadership in
developing an environment that supports talent and creativity" Doi: اسم
الباحث الأول:
اسم
الباحث الثاني (إن وجد): اسم
الباحث الثالث (إن وجد): د. سناء عز الدين عطاري Dr..
Sanaa Ezz El-Din Attari 1 اسم الجامعة والبلد (للأول) 2 اسم الجامعة
والبلد (للثاني) 3 اسم الجامعة
والبلد (للثالث) * البريد
الالكتروني للباحث المرسل: E-mail address: وزار التربية والتعليم
الفلسطينية Palestinian
Ministry of Education sanaatari@yahoo.com
جسم البحث:
مقدمة:
يتميز العالم الحديث
بالتطور السريع في كافة المجالات، ومنها المجال العلمي التربوي، مما أثر على دور
المدرسة ودور الإدارة التربوية فأصبحت تتطور وتلائم نفسها لتواكب التغيرات
العالمية، ولتكون متغيرة متجددة، داعمة للإبداع، حيث أصبح الاهتمام بالعملية
الإبداعية ضرورة حتمية في العصر الحديث، لأن الإبداع هو الأداة الرئيسية للإنسان
في مواجهة المشكلات الحياتية المختلفة.
وتمثل الإدارة المدرسية
الركن الأساسي الذي يقوم عليه كيان المدرسة والمحرك لطاقاتها وإمكانياتها البشرية
والمادية، والموجه والمنسق لها لبلوغ الأهداف التربوية التي تسعى المدرسة
لتحقيقها، وتسعى هذه الورقة إلى بيان الدور الهام الذي تقوم به الإدارة التربوية
لتطوير البيئة المساندة لتنمية الموهبة والإبداع لدى طلابها.
لقد أصبح وجود الأفراد المفكرين الناقدين والمبدعين متطلباً
أساسياً للمجتمعات المتقدمة التي تتعقد فيها مشكلات الحياة والمجتمع، فيشكل
الموهوبون مورداً قيماً لحل المشكلات العديدة المعقدة التي يحتاجها المجتمع.
"وتحصد البشرية فوائد جمة من موهوبيها، كالتقدم في
العلم والتكنولوجيا والمهارة في الطب والرقي بالموسيقى والأدب والفكر" (جبر وحجازي،1994
:180).
وقد أثبتت الدراسات أن
الأطفال يولدون ولديهم قدرات إبداعية كامنة، وتظهر هذه القدرات في السنين الأولى
من عمر الطفل في محاولاته الدائمة للاستكشاف، وطرحه الدائم للأسئلة، ويعتمد الأمر
كثيراً على الأفراد المحيطين بالطفل فهم إما يقومون بطمس هذه التوجهات الاستكشافية
والقدرات الإبداعية بممارساتهم المختلفة؛ سواء بالتجاهل، أو السخرية، أو التهديد،
أو التسلط وفرض آرائهم وأفكارهم وحلولهم على الأطفال، وإما يدعمونه ويشجعونه
لتطوير قدراته.
وما تحاول هذه الورقة
أن تبينه، أن مهارات التفكير العليا كالتفكير الإبداعي يلزمها البيئة المناسبة
المساندة لكي تظهر وتنمو، ويتحمل مسؤولية ذلك الأسرة والروضة والمدرسة والمسئولون
في المؤسسات التربوية التعليمية المختلفة.
وسنطرح في هذه الورقة معنى الإبداع، وخصائص الطفل المبدع التي لا بد
للمربين والمعلمين من معرفتها ليتمكنوا من الكشف عن الطفل المبدع في محيطهم ليولوه
الرعاية والعناية اللازمتين. وسنبين أهمية وجود المبدعين في المجتمع، ثم المحور
الأساسي لهذه الورقة ألا وهو دور القائد التربوي في تطوير البيئة المساندة الداعمة
للتفكير الإبداعي.
تعريف التفكير الإبداعي:
طرح المنظرون التربويون
العديد من التعريفات للتفكير الإبداعي، وأورد (قطامي، 1990) بعضاً من هذه
التعريفات نختار منها ما يلي:
تعريف جيلفورد (Guilford)
للعملية الإبداعية بأنها عملية مرادفة لعملية حل المشكلات من حيث الأصل، وهو
يعتبرهما عملية واحدة.
أما نويل، وسيمون، وشو فيفترضون أن التفكير المبدع يعتبر شكلاً متقدماً للأداء
الذي يظهر في حل المشكلة. ويرون أن أداء حل المشكلة
يعتبر إبداعاً إذا ما اتفق مع واحد من الشروط التالية أن يمثل إنتاج التفكير جدة
وقيمة.
1. التفكير
المغاير، أي التفكير الذي يغير أو ينفي الأفكار الموجودة مسبقاً.
2.التفكير الذي يتضمن
الدافعية والمثابرة والاستمرارية العالية التي تظهر على مسار العمل بشكل متقطع أو
مستمر، والذي يتضمن قدرة عالية لتحقيق أمر ما.
3.تكوين
مشكلة ما تكويناً جديداً.
ويفترض جانيه Gangne أن الطفل المبدع هو الذي يظهر إمكانيات
خارقة، أو من لديه صفات وقدرات قيادية متميزة، أو أظهر أداءً متميزاً في مجالات
ميكانيكية أو يدوية، أو في تعبيره عن رأيه، أو في أي مجال من مجالات تحقيق نشاط
إنساني متميز.
أما ميدنيك Mednick
فيعرف التفكير الإبداعي أنه " عملية صب عدة عناصر يتم استدعاؤها في
قالب جديد يحقق حاجة محددة أو منفعة ". ويعرف تورانس
الإبداع بأنه " عملية يصبح فيها الفرد حساساً للمشكلات، كما ويعرف بأنه عملية
إدراك الثغرات، والاختلال في المعلومات، والعناصر الناقصة، وعدم الاتساق الذي لا
يوجد له حل تم اكتسابه أو تعلمه في السابق، ثم البحث عن أدلة ومؤشرات في الموقف،
وفيما لدى الفرد من معلومات، ووضع الفروض حولها، واختبار صحة هذه الفروض، والربط
بين النتائج، وربما إجراء التعديلات، وإعادة اختبار الفروض، ثم يقدم نتائجه في آخر
الأمر.
كما ويعرف الإبداع بأنه
قدرة على تكوين أبنية أو تنظيمات جديدة. ويعرفه برونر بأنه العمل أو الفعل الذي يؤدي إلى الدهشة والإعجاب.
والإبداع مبادرة يبديها الفرد، تتمثل في قدرته على التخلص من السياق العادي
للتفكير، واتباع نمط جديد من التفكير، ويعرف المعرفيون الإبداع بأنه ظهور لإنتاج
جديد، ويعرف الإبداع أيضاً أنه قدرة الفرد على تجنب الروتين العادي، والطرق
التقليدية في التفكير، مع إنتاج أصيل جديد، أو غير شائع يمكن تنفيذه وتحقيقه.
ويمكن تعريف الإبداع
وفق مفهوم جيلفورد بأنه عملية ذهنية معرفية تتضمن
الطلاقة، والمرونة، والأصالة، والإثراء بالتفاصيل.
ويعرف جروان (1999) التفكير الإبداعي بأنه نشاط عقلي مركب وهادف
توجهه رغبة قوية في البحث عن حلول أو التواصل إلى نواتج أصيلة لم تكن معروفة
سابقاً. ويتميز التفكير الإبداعي بالشمولية والتعقيد،
لأنه ينطوي على عناصر معرفية وانفعالية وأخلاقية متداخلة تشكل حالة ذهنية فريدة.
ويستخدم الباحثون تعبيرات متنوعة تقابل مفهوم "التفكير
الإبداعي" وتلخصه من الناحية الإجرائية مثل "التفكير المنتج" Productive و "التفكير المتباعد" Divergent و "التفكير الجانبي" Lateral.
أما الإبداع بمعناه العام فهو إيجاد حلول جديدة للأفكار
والمشكلات والمناهج، وذلك إذا ما تم التوصل إليها بطريقة مستقلة، حتى ولو كانت غير
جديدة على العلم والمجتمع.
خصائص الطفل المبدع:
إن معرفة خصائص الطفل
المبدع يمكن أن تكون ذات فائدة للمربي / المعلم من أجل تحديد الأطفال المبدعين،
واكتشافهم، وتنمية قدراتهم الإبداعية، والحيلولة دون إعاقتها، خاصة، وكما يقول تورانس في (قطامي،1990: 666):
" لا يميل
المعلمون إلى التعامل مع التلميذ المبدع، ومرد ذلك إلى ما يتصف به الطفل المبدع من
خصائص غير عادية، تتطلب تخطيطاً وأنشطة خاصة، يجب على المربي / المعلم مراعاتها،
الأمر الذي يعني بذل جهد خاص، وإلا فإن هذا الطفل سينقلب إلى طفل مشاكس، يهدف إلى
إشغال المربي أو المعلم به.
ومن خصائص الطفل المبدع: المرونة، الاستقلال والمثابرة، الاعتماد
على النفس، الانطواء والانعزالية، المغامرة والتفكير المغامر، الاهتمامات
المتنوعة، تنوع طرق التعبير عن الانفعالات، الاندفاعية، والتنافس..
وقد تضمن تقرير مكتب التعليم في الولايات المتحدة الأمريكية (U.S.O.E) تعريفاً للطفل المبدع جاء فيه أنه
صاحب الأداء العالي أو الإنجاز العالي في واحد أو أكثر من المجالات التالية:
القدرة العقلية العامة، القدرة الأكاديمية المتخصصة، التفكير الإبداعي أو الخلاق،
الفنون البصرية أو التمثيلية، والقدرة المتقدمة النفسحركية
(قطامي، 1990، ص667).
أهمية البيئة المساندة
للموهبة والإبداع:
مهما كانت قدرات
الأطفال الإبداعية الكامنة، فإنها لن تؤتي أكلها ما لم تكن محاطة ببيئة مساندة
دافئة، تكشف عن هذه القدرات وتوجهها وتساعدها على النمو والتطور. فكل الأطفال يولدون
ولديهم قدرات إبداعية، ولكن الأمر يعود إلينا لتوفير البيئة المساندة لجهود الطفل
الإبداعية.
لقد كشفت الكثير من
الدراسات حول نمو الطفل وتطوره المعرفي، أن الطفل يولد ولديه الميل الفطري
للاكتشاف والاستقصاء والتساؤل والتخمين، ولكن عادة ما يحصل تغيير سلبي في عملية
التعليم في عمر ثلاث أو أربع سنوات، ويمكن تسمية هذا التغيير (هدماً)، حيث يتعلم
الطفل أن يتوقف عن الإجابات التي تتضمن التخمين والإبداع عندما تواجه جهوده بالرفض
لعدد من المرات، وبدلاً منها يصبح يوجه الأسئلة مباشرة إلى الكبار، فهو يتعلم أن
الإجابات لا تعتمد على ما يفكر ويؤمن به الطفل، بل على ما يفكر ويؤمن به أحد
الوالدين أو المعلم. فالطفل هنا يبدأ بالتصرف بسلبية، ويبدأ بالاعتماد على سلطة
الآخرين بدلاً من الاستمرار في التدرب على إيجاد الروابط والتخمين والإبداع،
وبدلاً من زيادة مهاراته في الاكتشاف، والربط، والمقارنة، وربط المعلومات. فإذا لم يكن يعرف الإجابة الدقيقة، أو لم يكن قد فهم ما رآه
بشكل كامل، فإنه ينتظر شرح الآخرين ( Fisher,
2001).
كما أن الآباء قد يعودون الطفل على تلقي الحلول الجاهزة لكل ما يواجهه من مشكلات، ولا يشجعونه على البحث عن الخبرات الجديدة.
والأسرة لها دور فيما يتعلمه الفرد خارج نطاقها فهي إما تدعم أو تهاجم مثل هذا
التعلم، وهذا يؤثر على اكتساب أو عدم اكتساب الطفل لتلك الخبرات (غانم،2001: 227).
وعالم النفس كارل روجرز
يقول: " إن الناس يحتاجون إلى شرطين إذا أرادوا أن يقوموا بعمل مبدع: الأمن
النفسي، والحرية النفسية. وإحساس الطفل بالأمن النفسي ينتج من ثلاث عمليات مترابطة:
1- تقبل الطفل كفرد
ذي قيمة غير مشروطة، والإيمان بالطفل بصرف النظر عن وضعه الحالي
2- تجنب التقييم الخارجي، ودعم تقييم الذات.
3- التعاطف مع الطفل،
ومحاولة رؤية العالم من وجهة نظره، وتفهمه وتقبله" (Fisher.2001, p.35).
وبإمكان الشخص البالغ
الذي يرشد الطفل سواء أكان أحد الوالدين، أو المعلم أن يقول للطفل " لا
يعجبني تصرفك "، ولكن عليه أن يكون حذراً في استخدام بعض الألفاظ التي تقيم
الطفل ذاته مثل: " أنت سيئ، مخطئ، كسول ". ومع أن الفرق بين الأسلوبين
دقيق، وقد لا يتنبه له البعض، إلا أنه مركزي لبيئة الإبداع، فهناك فرق بين أن نقيم
أو ننتقد سلوك الطفل، وبين أن ننتقده أو نقيمه هو ذاته، فقد سبق أن ذكرنا أنه يجب
علينا أن نتقبل الطفل كما هو دون شروط.
وقدرة الطفل الإبداعية تُغذى بالاستحسان الإيجابي والدافئ من قبل البالغين المهمين في
حياته. فالأطفال يميلون للخلق من أجل من يحبون.
أما الحرية النفسية فإنها تقوي الإبداع بإتاحة حرية التعبير لدى
الأطفال. ويجب أن يشعر الأطفال بدرجة كافية من الأمان تتيح لهم تجربة الأشياء
الجديدة، وان يعطوا الحرية للقيام بذلك ضمن حدود، ولكن بحيث لا تكون حريتهم عائقاً
أمام حرية الآخرين. وفي ظل مناخ مساند للإبداع يُقَدِّر
الراشدون والأطفال عالياً الأصالة وليس المسايرة لأفكار الآخرين، ويُقَدِّرون كذلك
اختلاف الأفكار وليس التشابه. ومن الممارسات التي تساند الإبداع تشجيع الذات
الساعية إلى التجريب وليس الذات الساعية إلى حماية نفسها من خلال تكرار عمل ما هو
عادي ومألوف (Fisher, 2001).
وللتعابير والألفاظ
التي نقولها للأطفال أهمية في إضعاف ثقتهم بأنفسهم، وتدمير تقدير الذات لديهم، أو
على العكس دعم التفكير الإبداعي لديهم، ودعم ثقتهم بأنفسهم، ولذلك يجب أن نكون
حذرين وحساسين جداً لما نستخدمه معهم من هذه التعابير والألفاظ. وهذه بعض الأمثلة
على التعابير المحبطة:
- من أين أتيت بهذه الفكرة السخيفة ؟
- لا تسأل مثل هذا
السؤال الغبي.
- ألا تستطيع
أبداً أن تفكر بطريقة صحيحة.
- ألا تفكر أبداً.
- هل هذا كل ما تستطيع قوله / عمله / التفكير به ؟
ومن الأمثلة على
التعابير التي تدعم التفكير الإبداعي:
- هذه فكرة رائعة.
- أخبرني المزيد عن ذلك.
- كيف توصلت إلى هذه النتيجة.
- هل فكرت ببدائل أخرى.
- جرب ذلك بنفسك، وإن
احتجت إلى مساعدة أخبرني.
- هذا سؤال جيد.
- أنا واثق أنك تفهم
بشكل صحيح.
وعلينا أن نتقرب من الأطفال بتفهم كبير، هادفين إلى تقليل أخطائهم،
ومكافأة جهودهم. "والدراسات البحثية أظهرت أهمية وجود
توقعات كبيرة من الأطفال. فتوقعات البالغين من الطفل، سواء الإيجابية أو السلبية
تؤثر على استجابات الطفل إلى التفكير والتعليم. ويذكرنا تورانس
أن الإبداع يتطلب الجرأة؛ فبمجرد أن يمتلك الفرد فكرة جديدة، يصبح أقلية مكونة من
فرد واحد " (Fisher, 2001, p37).
ومن المهم أن نذكر أن البيئة المساندة للإبداع، هي بيئة تقدم
الدعم والمساندة والتشجيع للإناث كما تقدمها للذكور، فكما يستطيع الطفل الذكر أن
يبدع، تستطيع الأنثى كذلك.
" وفي إطار البحث
عن العوامل التي تساعد في تنمية الإبداع وتطوره، وجد أن آباء وأمهات الأطفال
المبدعين أقل ميلاً إلى التسلط، ويتيحون لهم الحرية الكاملة لاتخاذ القرار الذي
يراه الطفل المبدع مناسباً، كما يتيحون لأطفالهم فرصة اكتشاف البيئة من
حولهم.
أضف إلى ذلك قيام
الآباء والأمهات باصطحاب أطفالهم إلى المكتبات، وكثيراً ما يقرأون الكتب والقصص
أمام أطفالهم، فهؤلاء الآباء والأمهات يفضلون أسلوب التوجيه، ونادراً ما يلجأون إلى العقاب الجسدي " (قطامي وقطامي، 2001: ص510).
كما أن العلاقات
الأسرية التي ينشأ في ظلها الطفل تكون أساساً لعلاقة الفرد مع الآخرين خارج
الأسرة، فمثلاً إذا كان الأطفال خاضعين لآبائهم فإنهم يكونون أكثر ميلاً لقبول
التسلط، وسيجد الفرد صعوبة في المغامرة، وسيظل يتعامل مع ما تثبت صلاحيته ويتجنب
كل جديد.
وقد أظهرت الدراسات
الكثيرة، التي وقفت على تأثير الأسرة، أن الأسلوب التربوي المعتدل للآباء اتجاه
أبنائهم، بما يحتويه من التشجيع على الاستقلالية العقلية وخلق الظروف المناسبة
لتطور الاهتمامات والاستعدادات في مجال النشاط المختلفة، يمكن أن يسهم في تطور
الشخصية المبدعة (قطامي وقطامي، 2001: 473).
والموهبة قابلة للقمع
والتدمير والاستئصال، إذا كانت البيئة التي وجدت فيها بيئة فقيرة الموارد في شتى
المجالات، فهي لا تكتفي بغض النظر عن الموهبة، وعدم تشجيعها وحسب، بل تقلب
للموهوبين ظهر المجن، وتتآمر عليهم. ولذلك فإننا حين
نحسب فوائد تعليم الموهوبين، يجب أن نحسبها من خلال كلفة عدم وجود برامج تعنى بهم،
مثلاً ما هي كلفة الاكتشاف الطبي الذي لم يتحقق؟ والحل
السياسي الذي لم نتوصل إليه؟ (فهيم وحجازي، 1994: 180).
"وتؤثر العوامل
الثقافية تأثيراً كبيراً على سير تطور الإبداع، ومستوى وظائفه، ونمطه. ويحصل
الطلبة الذين يعيشون في بيئات مدعمة وغنية ثقافياً على درجات إبداع أعلى من
الدرجات التي يحصل عليها الطلبة الذين يعيشون في بيئات محبطة ومحرومة، أو فقيرة
ثقافياً " (قطامي وقطامي، 2001: ص511).
تعريف القيادة:
يعرف تيد القيادة بأنها القدرة على التأثير الشخصي في الجماعة كي
تتعاون لتحقيق الهدف المراد بلوغه. ويرى كونتز وأودن أن
القيادة هي القدرة على التأثير الشخصي من خلال الاتصال بالأشخاص وتوجيههم نحو
الهدف، ويشير كيلي ولازر إلى القيادة بأنها عملية
التأثير على نشاط مجموعة منظمة في تحديدها للأهداف وفي العمل على تحقيق تلك
الأهداف. وتعد القيادة بمثابة التفاعل بين عدد من العوامل: القائد والمرؤوسين
والموقف الذي تمارس من خلاله القيادة (درويش وآخرون، 1996).
دور القيادة التربوية
في تطوير البيئة الداعمة للموهبة والإبداع:
تلعب القيادة التربوية
دوراً هاماً في تنمية الإبداع من خلال تطوير البيئة الداعمة للتفكير الإبداعي لدى
الطلاب والمعلمين؛ لذلك يجب أن تكون قيادة المدرسة واعية، تؤمن بأهمية الإبداع في
البيئة التعليمية، فالمدرسة هي الأساس الذي تنطلق منه القوى البشرية بكل تخصصاتها
في بناء دولهم، والقيادة الناجحة المبدعة تعمل على توفير مناخ صحي عام بالمدرسة،
والقائد الإبداعي هو القادر على جمع الأفكار الجديدة مع بعضها البعض بطريقة فردية
تنظم علاقتها غير المترابطة، وجعلها بؤرة إبداع.
وتتميز القيادة التربوية بأن اهتمامها وتركيزها ينصب على الطالب
المتعلم. ويتبدى دور القيادة التربوية في تحسين عملية التعلم والتعليم من خلال
بناء شبكة من العلاقات داخل المدرسة بحيث توفر فرص التعلم الفعال لجميع الطلاب،
توظيف الخبرات والمهارات المهنية والمعرفية لتوفير ظروف موضوعية تمكن الطلبة من
استغلال كامل طاقاتهم في ظل فرص متكافئة للجميع، ويؤدي توفر العاملين السابقين إلى
تحسن كبير في أداء التلاميذ، مما يؤدي بالتالي إلى تقليل أثر الفروق الاجتماعية
والاقتصادية بينهم (شقور، 2002).
والمدرسة في العصر
الحديث تتطلب من مدير المدرسة جهداً إضافياً؛ كي يتخذ لإدارته المدرسية مسارات
خلاقة مبدعة، من خلال وضع الأهداف والتخطيط لتحقيقها، أو تحديد الإجراءات المناسبة
للتنفيذ والمتابعة، ويكون ذلك من خلال المشاركة والمناقشة واللقاءات المتنوعة
والمختلفة داخل المدرسة وخارجها. كل هذا يهدف إلى تحقيق أهداف المؤسسة التربوية
التي يرأسها.
وتؤثر ممارسات القيادة
التربوية في منحى تحصيل الطلاب وكذلك في دعم وتطوير البيئة الداعمة للإبداع
والموهبة Leithwood et. al, 2004)) .
ومن الممارسات الإدارية
التي تؤثر في الإبداع:
1- التحدي: عن طريق تعيين الشخص المناسب في
الوظيفة المناسبة والتي تتصل بخبراته ومهاراته، وقد يؤدي ذلك إلى توقد شعلة
الإبداع لديه، كما أن التسكين في المكان غير المناسب يؤدي إلى الإحباط والشعور بالتهديد.
2- الحرية: وتتمثل في
إعطاء الموظف الفرصة لكي يقرر بنفسه كيف ينفذ المهمة المسندة إليه، فذلك ينمي
الحافز الذاتي وحاسة الملكية لديه.
3- الموارد: أهم موردين يؤثران على الإبداع
هما: الوقت والمال، وتوزيعهما يجب ئان يكون بعناية
فائقة لإطلاق شرارة الإبداع عند الجميع.
4- ملامح فريق العمل: كلما كان فريق العمل
متآلفاً ومتكاملاً كلما أدى ذلك إلى مزيد من صقل مهارات التفكير الإبداعي وتبادل
الخبرات.
5- تشجيع المشرفين: حيث أن معظم المديرين
دائماً مشغولون وتحت ضغط النتائج يفوتهم تشجيع المجهودات المبدعة، فلا بد من تحفيز
الدافع الذاتي حتى يتبنى الموظف المهمة ويحرص عليها ويبدع فيها.
6- دعم المنظمة: إن تشجيع المشرفين يبرز
الإبداع، ولكن الإبداع يدعم حقيقة حينما يهتم به قادة المنظمة الذين عليهم أن
يضعوا نظاماً أو قيماً مؤكدة لتقدير المجهودات الإبداعية واعتبار أن العمل المبدع
هو قمة الأولويات، كما أن المشاركة في المعلومات واتخاذ القرارات من القيم التي
ترعى الإبداع. (عبد الفتاح، 1995).
أهمية استخدام أدوات قياس الموهبة والإبداع للكشف عن الموهوبين
والمبدعين في المدرسة:
من أبرز مسؤوليات
المدرسة التعرف على الموهوبين واكتشافهم باعتبارهم أهم مصادر الثروة والقوة في
مجتمعنا، ومن ثم وجب علينا حمايتهم وتقديم ألوان الرعاية التربوية المتكاملة لهم
ويتم ذلك في المدرسة من خلال استخدام طرق وأدوات علمية للكشف عن الموهوبين، إعداد
المعلمين وتطوير المناهج التي تحقق إشباع حاجات الموهوبين مع تدريب المدرسين على
الأساليب المختلفة للكشف عن الموهوبين والطرق التربوية السليمة للتعامل معهم.
عالجت بعض الدراسات موضوع الخصائص السلوكية للمبدعين والموهوبين والمتفوقين من
واقع مراجعة وتحليل السير الذاتية لعدد من العظماء والعباقرة الذين تركوا بصمات
واضحة في سجل الحضارة الإنسانية في مجالات العلوم والآداب والفنون والسياسة والحرب
والفلسفة والاجتماع، كما طورت مقاييس متنوعة لتقدير درجة توافر هذه السمات لدى
هؤلاء الطلبة، واشتملت مقاييس رينزولي ورفاقه (Renzulli et. al, 1976 ) على 95 من الخصائص السلوكية موزعة
على المقاييس الفرعية التي شملت مجالات التعلم، الدافعية، الإبداعية، القيادية،
الفن، الموسيقى، المسرح، الدقة في الاتصال، التعبيرية في الاتصال، والتخطيط، وتعود
أهمية التعرف على الخصائص السلوكية للطلبة الموهوبين والمتفوقين وحاجاتهم لسببين
رئيسيين:
1- اتفاق الباحثين والمربين في مجال تعليم
الطلبة الموهوبين والمتفوقين على ضرورة استخدام قوائم الخصائص السلوكية كأحد المحكات في عملية التعرف إلى هؤلاء الطلبة أو الكشف عنهم
واختيارهم للبرامج التربوية الخاصة.
2- وجود علاقة قوية
بين الخصائص السلوكية والحاجات المترتبة عليها وبين نوع البرامج التربوية
والإرشادية الملائمة. ذلك أن الوضع الأمثل لخدمة الموهوب والمتفوق هو ذلك الذي
يوفر مطابقة بين عناصر القوة والضعف لديه وبين مكونات البرنامج التربوي المقدم له،
أو الذي يأخذ بعين الاعتبار حاجات هذا الموهوب والمتفوق في المجالات المختلفة.
تقديم برامج تربوية خاصة لتعليم التفكير الإبداعي للطلبة
الموهوبين:
ومن الجدير بالذكر في هذا الصدد أن المدرسة يمكن أن تلعب دوراً
مهماً وفاعلاً في تطوير الإبداع وتنميته وتقدمه، ويمكننا أن نقول في هذا السياق أن
الإبداع من السلوكيات التي يمكن أن يتعلمها الفرد.
يرى ديبونو (De Bono,
1994) أن التفكير عبارة عن مهارة يمكن أن تتطور بواسطة التدريب،
والممارسة، ومن خلال التعلم يمكننا أن نقوم بها بشكل أفضل. ولا
يختلف التفكير عن أي مهارة أخرى، ويمكن أن يتحسن تفكيرنا إذا توفرت لدينا الرغبة
بذلك.
وإذا كان لا يمكننا
تعليم التفكير لأنه مرتبط بالذكاء المرتبط بالجينات، فإننا نستطيع أن نعلم مهارات
التفكير. وقد عرف جروان تعليم التفكير بأنه تزويد الطلبة
بالفرص الملائمة لممارسة نشاطات التفكير في مستوياتها البسيطة والمعقدة، وحفزهم
وإثارتهم على التفكير. وهي عملية كلية تتأثر بالمناخ الصفي والمدرسي
وكفاءة المعلم وتوافر المصادر التعليمية المثيرة للتفكير (جروان، 1999: 423).
أشارت البحوث والدراسات
إلى أن درجات الأفراد في المهارات التي يقيسها اختبار مينوستا
للتفكير الإبداعي (MTCT) قد
زادت بدرجة كبيرة بفعل برامج تعليم وتدريب خاصة (Parnes,1963; Torrance,1960; Crutchfield, 1969 ) ،
وإذا كانت المدرسة ستقوم بمهمة تعليم الإبداع ومن ثم العمل على تنميته وتطويره،
فإنه ينبغي على المدرسة أن تعيد النظر في أهدافها وغاياتها، وطرائق التدريب التي
تتبناها، وتوجهاتها، واهتماماتها ( قطامي وقطامي، 2001: 506).
وهناك في المدرسة حالات ومواقف خاصة تقود إلى تطوير روح البحث
والتفكير الإنتاجي المنطلق، وهذه المواقف يمكن أن تكون: تشجيع الطلبة على طرح
الأسئلة، وتحريضهم على الأنشطة الفاعلة في إيجاد الأفكار الحسنة، وحثهم على
المناقشة والنقد البناء. (قطامي وقطامي،2001: 474)
وعلى المدرسة إتاحة
الفرصة أمام المبدعين وتشجيعهم على الإنتاج الإبداعي ووضع الاستراتيجيات والبرامج
التي تساعد على رعايتهم وتوفير البيئة التي تثري هذه المواهب لتبدأ الرعاية والصقل
والدعم الأدبي والمادي، إقامة الندوات واللقاءات المفتوحة للتلاميذ مع العلماء والمفكرين
بهدف توسيع دائرة المعرفة لديهم، تنمية روح الفريق بين الطلاب وتوضيح أهمية العمل
الجماعي في كافة المجالات خاصة في مجالات الإبداع الفكري والعلمي لأن العمل
الجماعي ينمي ويشجع الإبداع نظراً لتبادل الأفكار والتجارب في ظل مناخ نفسي مناسب
بين الأفراد يفتح قدراتهم الإبداعية ويؤكد ذلك، ضرورة إدراج الأنشطة المختلفة
بتنمية القدرات الإبداعية لدى التلاميذ أثناء اليوم الدراسي الكامل، مثل الأنشطة
الثقافية، مكتبة المدرسة والصحافة والإذاعة المدرسية والمسابقات والبحوث الثقافية،
وعقد ندوات مع العلماء والمبدعين تطوير أساليب التقويم والامتحانات، ويكون من
الأفضل لو تخلينا عن تلك الأساليب التي تختبر قدرة الطالب على الحفظ ويتم
استبدالها بأسئلة تستثير التفكير، والقدرات النقدية وأداءه الإبداعي أي تساعده على
التحول من ثقافة الذاكرة إلى ثقافة الإبداع.
تأهيل المعلمين
وتدريبهم للكشف عن الطلبة الموهوبين وتعليمهم:
على القيادة التربوية أن تحرص على تأهيل المعلمين وتدريبهم للكشف
عن الطلبة الموهوبين وتعليمهم ضمن برامج خاصة تضمن تطوير قدراتهم الإبداعية،
ويعتمد البرنامج الذي يقدم للموهوبين على المعلم الذي يقوم بتطبيقه. ومعلم الموهوب يجب أن يكون شخصاً متميزاً، لأنه يتعامل مع طلبة
متميزين، ومما لا شك فيه أن المعلم المبدع أكثر قدرة على تعليم الإبداع، وأكثر
فاعلية من المعلم التقليدي غير المبدع.
ومن الصفات التي يجب أن
يتحلى بها معلم الطفل الموهوب أن يكون ميالاً للتحليل والنقد، وأن ينطلق في نقاشه
من مواقف واضحة، وهو في حديثه يفكر ولا يستذكر، يميز بين الاعتقاد والحقيقية، وهو
حين يطرح اعتقاداته يكون مدركاً للأسس العقلية لهذه الاعتقادات، يتقبل الأسئلة
والأجوبة والمشاريع المختلفة من الطلبة الموهوبين، ويتميز بحب الاستطلاع، وحب
النظام والعمل، وحب الإنجاز، ويكون مؤهلاً جيداً بتقنيات التعليم.
والمعلم الذي يضطلع بتعليم الموهوبين، يجب أن يكون متفهماً لحالة عدم
الانسجام أو التعارض التي قد تحصل بين الموهوب وبين زملائه، بل وعائلته. وعليه أن
يكون متعاطفاً مع حالة الإحباط والعزلة اللتين تطرآن على الموهوب نتيجة تقدم تطوره
العقلي والعاطفي والجسمي. وعليه أن يكون قادراً على المشاركة في حب الاستطلاع
العقلي والإبداعي، والتعرف على الفروق النوعية بين الاستجابات المختلفة للطلبة، والتمييز بين مستويات التفكير المختلفة، وعليه أن يكون
ذا قدرة عالية في التحكم بالموارد التعليمية (جبر وحجازي،1994: 181).
والأطفال المبدعون يواجهون صعوبات وعقبات عديدة في المدارس التقليدية،
لأن هذا النمط من المدارس لا ينطوي على مناخ مناسب للإبداع وبناء مقومات الشخصية
المبدعة.
ويقدم تورانس خمس نصائح للمعلم أثناء تدريب طلبته على الإبداع وهي:
1. احترم أسئلة الطلاب إليك.
2. احترم خيالات الطالب
التي تصدر عنه.
3. أظهر للطلبة أن
لأفكارهم قيمة.
4. اسمح للطلبة بأداء بعض الاستجابات دون تهديد بالتقويم الخارجي.
5. اربط التقويم ربطاً محكماً بالأسباب
والنتائج (قطامي وقطامي،2001: 507).
كما قدم تورانس عدة اقتراحات للمعلمين يمكن اتباعها في تدريب الأطفال
على التفكير الإبداعي وتنميته لديهم ، ومن هذه الاقتراحات:
1. ينبغي أن يعرف المعلمون المقصود بالإبداعات
وطرق قياسها بوساطة اختبارات الطلاقة والمرونة والأصالة، وأن يعرفوا الفرق بين
التفكير المنطلق والتفكير المحدود، وكيفية استخدام هذه الاختبارات.
2. على المعلم
مكافأة الطفل عندما يفكر فكرة جديدة أو مواجهة موقف بأسلوب إبداعي.
3. أن يشجع المعلم
الطفل على استخدام الأشياء أو الموضوعات والأفكار بطرق جديدة تساعد على تنمية
الإبداع لديهم، هذا بالإضافة إلى أهمية اختبار أفكار الطفل بطريقة منظمة لتحقيقي
أفضل نمو لقدراته الإبداعية.
4. لا ينبغي على
المعلم إجبار الأطفال على استخدام أسلوب محدد في حل المشكلات التي تواجههم أو في
مواجهة المواقف التي يتعرضون لها.
5. على المعلم أن
يقدم نموذجاً جيداً للشخص المتفتح ذهنياً في المجالات المختلفة.
6. على المعلم إظهار
رغبته في اكتشاف الحلول الجديدة عندما يقوم بمناقشة استجابات الأطفال على موقف
معين.
7. ينبغي أن يخلق المعلم المواقف التعليمية
التي تستثير الإبداع عند الأطفال (قطامي وقطامي، 2001: 508).
طرح الموضوعات المثيرة
للتفكير الإبداعي في البرامج التدريبية لتعليم الطلبة الموهوبين والمبدعين:
إن توفير مواد مثيرة للتفكير الإبداعي توفر بيئة مناسبة
لاستمراره، وإن وجود مواد أو موضوعات محرضة للإبداع يجعل الإبداع عملية حاضرة في
ذهن الفرد ودافعه لممارسته ومن هذه الموضوعات:
1. الموضوعات
المتناقضة.
2. مشكلات متضاربة
الحلول.
3. بدائل متنوعة.
4. ثقافات متنوعة.
5. نظريات تبرز عدم
الاتفاق فيما بينها.
6. موضوعات غير
متكاملة.
7. موضوعات بها مفاجآت غير متوقعة أو تمثل
معجزة.
8. موضوعات مثيرة
للدهشة أو الذهول أو التعجب.
9. موضوعات سيئة البنية والتركيب لإعادة
صياغتها.
10. موضوعات
تتضمن صراع القيم.
11.مشكلات طارئة وملحة تتطلب حلاً مستعجلاً.
تشكل الموضوعات
الإبداعية وسيطاً يتطلب فكراً غير عادي من الأفراد في المجتمع للوصول إلى صورة من
صور المعالجة غير العادية، فالإبداع يولد الإبداع، كما يولد الجمود جموداً (قطامي وقطامي،2001: 493)
حرص القيادة التربوية على تشجيع العلاقة الإيجابية بين الطلبة
الموهوبين ورفاقهم في المدرسة:
على إدارة المدرسة
والمعلمين الانتباه إلى علاقة الطلبة الموهوبين برفاقهم، والحرص أن تكون هذه
العلاقات داعمة لهم ولا تعيق تنمية الإبداع لديهم. بعض الدراسات أثبتت أن علاقات
رفاق الدراسة تؤثر سلبياً على عملية تنمية الإبداع وتطويره وتعمل على إعاقتها،
وخاصة في المرحلة الممتدة من الصف الثاني الابتدائي حتى الصف السادس الابتدائي؛
لذلك نجد الطلبة المبدعين أكثر ميلاً للعمل الفردي. ويبدو أحياناً أن علاقات
الرفاق تتحول إلى نوع من العداء المكشوف والنقد والرفض من الرفاق لرفيقهم المبدع،
وقد يلجأ الرفاق إلى تنظيم محاولاتهم الرامية إلى إحباط رفيقهم المبدع والحد من
نشاطه.
ومن ناحية ثانية نجد
الطلبة المبدعين أكثر تقبلاً من رفاقهم في المرحلة الإعدادية، كما يحظى المبدعون
الذكور بتقبل أكبر من زملائهم عندما ينخرطون في سلوكيات إبداعية مقارنة بالإناث
اللواتي يسلكن السلوك الإبداعي ذاته (Kurtzman,1967;
Liberty, Jones and McGurie, 1963; Torrance, 1963) في
(قطامي وقطامي،2001).
وإضافة إلى المناخ
الاجتماعي، الذي يؤثر في فاعلية الأفراد الذين ينضوون تحت نطاقه، يوجد أيضاً
المناخ العام الذي يتضمن الحاجة الاجتماعية للنشاط الإبداعي في المجالات المختلفة.
كتب بياجيه يقول:" إن المجتمع وحدة عالية، أما الفرد فإنه لا
يصل إلى ابتكاراته وأعماله العقلية إلا بمقدار ما يحتل مكاناً في تفاعل الجماعات،
وبالتالي في إطار المجتمع ككل. إن كبار الناس الذين خطوا اتجاهات جديدة لم تكن إلا
نتاج تفاعل وتركيب لأفكار أعدت في إطار تعاوني مستمر (قطامي وقطامي،2001: 474).
بناء جسور التواصل بين
الإدارة التربوية وأولياء أمور الطلبة الموهوبين:
يلعب أولياء الأمور
دوراً هاماً في دعم قدرات طفلهم الإبداعية أو هدمها وتثبيطها، ولذلك يجب على
إدارات المدارس والقيادة التربوية أن تحرص على بناء جسور التواصل معهم، والعمل على
رفع الوعي لديهم حتى يهيئوا البيئة الداعمة لأبنائهم، ويكون ذلك من خلال المحاضرات
وورشات العمل الخاصة بأولياء الأمور، وكذلك دمجهم بالفعاليات والنشاطات المدرسية
ليروا عن قرب ما تقوم به المدرسة لدعم أبنائهم، وكذلك ليروا أبنائهم ويتعرفوا على
ما لديهم من قدرات إبداعية فيزيد تقديرهم لهم والفخر بهم.
خلاصة:
إن الاهتمام بالمبدعين والموهوبين بالكشف عنهم وتعليمهم
ورعايتهم لهو من سمات الدول والمجتمعات المتقدمة، التي تقدر الإنسان وما يمثله من
مورد بشري قيِّم لحل المشكلات التي تتزايد في الحياة الحديثة.
وقد أثبتت الدراسات
المختلفة أن الطفل يولد ولديه القدرة على الإبداع والابتكار، كما أن لديه الميل
للتساؤل والتخمين والاستكشاف، ويعتمد تطوير هذه الميول والقدرات أو إعاقتها على
البيئة التي يعيش فيها الطفل ممثلة بالأسرة والروضة والمدرسة والجو الاجتماعي
والثقافي العام؛ فإذا كانت هذه البيئة مساندة ومحفزة للتفكير الإبداعي فإن مهارات
التفكير الإبداعي لدى الطفل تنمو وتطور، ويحدث العكس إذا كانت هذه البيئة غير
مساندة. والتفكير الإبداعي ينمو بشكل أفضل في المناخ الذي يتميز بالحرية والتقدير
والابتعاد عن التهديد والخوف.
وتقع على عاتق القيادات التربوية مسؤولية تطوير
البيئة الداعمة للموهبة والإبداع من خلال الكشف عن الطلبة الموهوبين، وتقديم
البرامج التربوية الملائمة لهم، وكذلك العمل على رفع مستوى تأهيل المعلمين وتدريبهم لكي يتمكنوا من الكشف عن الطلبة الموهوبين
وتعليمهم والتعامل معهم بما يتناسب مع القدرات الخاصة الموجودة لديهم. وتتعاون
المدرسة مع أولياء الأمور ليهيئوا الجو المناسب للإبداع سواء في البيت أو المدرسة.
وأخيراً قد يكون
الاهتمام بتعليم المبدعين والموهوبين مكلفاً لميزانية الدولة على المدى القريب،
ولكنه بالتأكيد يعود بالنفع والفائدة على المجتمع ككل على المدى البعيد، وكما قال
(جبر وحجازي،1994) فإن الكلفة الحقيقية هي في الخسارة في حالة عدم وجود برامج خاصة
للمبدعين.
المصادر والمراجع
أولاً: المراجع العربية:
- جبر، أحمد ؛ وحجازي، حمزة. (1994). سيكولوجية الموهوب وتربيته. نابلس، فلسطين.
- جروان، فتحي. (2002). الإبداع. دار الفكر للطباعة والنشر،
عمان، الأردن.
- جروان، فتحي. (1999). تعليم التفكير- مفاهيم وتطبيقات.
دار الكتاب الجامعي، العين: الإمارات العربية المتحدة.
- درويش، كمال والحمامي
محمد والمهندس، سهير ، (1996)، الإدارة
الرياضية الأسس والتطبيقات، الهيئة المصرية العامة للكتاب.
- سعادة، جودت.
(2003). تدريس مهارات التفكير. دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان: الأردن.
- شقور، محمد. (2002). الإدارة المدرسية في عصر العولمة، ط3،
دار المسيرة، عمان، الأردن.
-عطوي، جودت.
(2014). الإدارة المدرسية الحديثة- مفاهيمها وتطبيقاتها
العملية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن.
- غانم، محمود. (2001). التفكير عند الأطفال_ تطوره
وطرق تعليمه. دار الفكر، عمان: الأردن.
- الكوني، عصام. (2017). الإدارة المدرسية
ودورها في تنمية الإبداع لدى المعلمين في مدارس التعليم الأساسي بليبيا. مجلة كليات التربية، ع7، 1-16.
- قطامي، يوسف.
(1990). تفكير الأطفال- تطوره وطرق تعليمه. الأهلية للنشر والتوزيع،
عمان، الأردن.
- قطامي، يوسف،
وقطامي، نايفة. (2001). سيكولوجية التدريس. دار الشروق
للنشر والتوزيع، عمان: الأردن.
-النعيمات،
محمود. (2016). دور القيادة في تنمية الإبداع لدى معلمي
مدارس المرحلة الثانوية في تربية قصبة عمان من وجهة نظر المعلمين. مؤتمر كلية التربية الرياضية الحادي عشر، الجامعة الأردنية.
المراجع العربية
الإنجليزية
- Jabr,
A.; Hegazy, H. (1994). The
psychology of the gifted and his upbringing. (in
Arabic), Nablus, Palestine.
Jarwan, F. (2002). creativity. Dar Al-Fikr for printing and publishing, Amman, Jordan.
Jarwan, F. (1999). Teaching thinking - concepts and applications.
(in Arabic), University Book House, Al Ain: United Arab Emirates.
- Darwish, K, Al-Hamamy,
M, and Al-Mohandes, S, (1996), Sports Management,
Principles and Applications, (in Arabic), the Egyptian General Book Authority.
- His Excellency, c. (2003). Teaching thinking
skills. (in Arabic), Dar Al-Shorouk
for Publishing and Distribution, Amman: Jordan.
Shaqur, M. (2002). School Administration in the Age of
Globalization, (in Arabic), 3rd Edition, Dar Al Masirah,
Amman, Jordan.
Atwi, J. (2014). Modern School Administration - Concepts and Practical
Applications, (in Arabic), Dar Al Thaqafa for
Publishing and Distribution, Amman, Jordan.
- Ghanem, M. (2001). Children's
thinking - its development and teaching methods. (in
Arabic), Dar Al-Fikr, Amman: Jordan.
Al-Koni, p. (2017). School management and its role in
developing creativity among teachers in basic education schools in Libya.
(in Arabic), Colleges of Education Journal, p. 7,
1-16.
Qatami, Y. (1990). Children's thinking - its
development and teaching methods. (in Arabic),
Al-Ahlia for Publishing and Distribution, Amman,
Jordan.
Qatami, J, and Qatami, N. (2001). Teaching psychology. (in Arabic), Dar Al Shorouk for
Publishing and Distribution, Amman: Jordan.
- Alnaimat, M. (2016). The role of leadership in developing creativity among secondary
school teachers in Qasaba Amman Education from the
teachers' point of view. (in Arabic), the
Eleventh Conference of the Faculty of Physical Education, University of Jordan.
المراجع
الأجنبية:
- De Bono, Edward. (1994). De Bono's Thinking Course. MTCA Management, New York, USA.
-Fisher, Robert. (2001). Teaching Children to Think. Nelson Thorns Ltd. United Kingdom.
- Leithwood, Kenneth et. al. (2004). How Leadership Influences Student Learning. University of Minnesota. U.S.A.
-Renzulli,J., et.al. (1976). Scales for Rating the behavioral characteristics of superior students. Mansfield Center, CT: Creative Learning Press.