) لاستعمال هيئة التحرير ) تاريخ الإرسال (02-10-2024)، تاريخ قبول النشر (20-12-2024)

ملامح المنهج المعرفي التكاملي في التربية الإسلامية وأثره في الاسهام الفكري والحضاري الإنساني

اسم الباحث الأول باللغتين العربية والإنجليزية

د.عماد محمد حسين أبو غوري

Dr. Emad Mohammed Hussein Abu Ghoury

اسم الباحث الثاني باللغتين العربية والإنجليزية:

أ.د فايز كمال عبد الرحمن شلدان

Prof. Dr. Fayez Kamal Abdul Rahman Sheldan

اسم الباحث الثالث باللغتين العربية والإنجليزية:

/

/

Features of the Integrated Epistemological Approach in Islamic Education and Its Impact on Human Intellectual and Civilizational Contribution

1 اسم الجامعة والدولة (للأول) باللغتين العربية والإنجليزية

كلية الدعوة الإسلامية غزة فلسطين

Faculty of Islamic Da'wah - Gaza - Palestine

2 اسم الجامعة والدولة (للثاني) باللغتين العربية والإنجليزية

كلية التربية الجامعة الإسلامية غزة فلسطين

Faculty of Education - Islamic University of Gaza - Palestine

3 اسم الجامعة والدولة (للثالث) باللغتين العربية والإنجليزية

/

/

Doi: لاستعمال هيئة التحرير

 

* البريد الالكتروني للباحث المرسل:       E-mail address:

emadabughoury@gmail.com

 

الملخص:

 

 

هدفت الدراسة للتعرف إلى ملامح المنهج المعرفي التكاملي في التربية الإسلامية وأثره في الاسهام الفكري والحضاري الإنساني، من خلال بيان مفهومه والمقصود به، وتوضيح خصائصه، وذكر مظاهره، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي، وتوصلت الدراسة لنتائج منها: للمنهج التكاملي ملامحه الواضحة، وخصائصه التي ينضبط بها. له مظاهر تتعلق بالجانب الإيماني وتكامله بين العلم بالإيمان وتحقيق الاستقامة، كذلك العبادات وعلاقتها بالقيم والأخلاق. وضوح المنهج التكاملي في الجانب العلمي والمعرفي، من خلال تكامل مصادر المعرفة، وذكر مبادئ المنهج العلمي، وقواعد الوصول للمعرفة الصحيحة. تركيز المنهج التكاملي على البعد المقاصدي والذي يحقق مصالح الإنسانية في الدنيا والآخرة، وبما يضمن حفظ (الدين، والنفس، والعقل، والمال، والنسل)، وحفظ الكون والاستفادة منه. للمنهج المعرفي التكاملي في التربية الإسلامية وأثره في الاسهام الفكري والحضاري الإنساني، وأوصت الدراسة وزارة التربية والتعليم وواضعي المناهج الاهتمام بالمناهج التكاملية والتي تؤدي للمعرفة من جوانبها المتعددة.

 

 

  كلمات مفتاحية:  (المنهج المعرفي، التربية الإسلامية، التكاملية، الإسهام الفكري، الحضارة الإنسانية)

 

 

Abstract:

 

 

The study aimed to identify the features of the integrative cognitive approach in Islamic education and its impact on human intellectual and cultural contributions, by explaining its concept, clarifying its characteristics, and mentioning its manifestations. The study used the descriptive and analytical approach, and the study reached results including: The integrative approach has its clear features and characteristics by which it is controlled. It has aspects related to the aspect of faith and its integration between knowledge, faith and achieving integrity, as well as acts of worship and their relationship to values ​​and morals. Clarity of the integrative approach in the scientific and cognitive aspect, through the integration of knowledge sources, mentioning the principles of the scientific method, and the rules for achieving correct knowledge. The integrative curriculum focuses on the purposeful dimension, which achieves the interests of humanity in this world and the hereafter. The study recommended that the Ministry of Education and curriculum developers pay attention to integrative curricula, which lead to knowledge in its multiple aspects.

 

 

 

Keywords: ( Epistemological Approach, Islamic Education, Integration, Intellectual Contribution, Human Civilization)

 

 

 

المقدمة:

        جاءت الشريعة الإسلامية بتكريم الإنسان فجعلته مركزاً محورياً في هذا الكون الفسيح، وأمدته بكل وسائل العلم والتعلم، وبالمعرفة اللازمة؛ لتخرج الناس من الظلمات إلى النور، ومن الجهل لنور العلم.

          وقد نظر الإسلام للإنسان نظرة شمولية تكاملية لجميع مناحي حياته، وهذا ما أكده القرآن الكريم بقوله تعالى: ﴿ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء﴾ (سورة النحل، آية: 89).

        وبيّن القرآن الكريم موقع الإنسان من المعرفة والحقيقة، ودوره في اكتساب هذه المعرفة، وموقع العقل والإدراك ووسائله، والطريقة الصحيحة لاكتساب المعارف بتكامل معرفي يشمل عالم الغيب والشهادة، والتكامل بين مصادر المعرفة وأدواتها، وبين العلم والنظر، والوحي والعقل، لإبداع وتوازن فالقرآن يرينا الترابط والتفاعل بين الظاهرات الطبيعية المختلفة وبينها كلها وبين الإنسان، وهذا إذا دل على شيء فإنما يدل على أن فلسفة التربية الإسلامية فلسفة مؤمنة توحيدية، تقوم على المواءمة بين العلم والدين، أو التوحيد والكون، من غير حدوث تناقض، أو نشوء اضطراب (الدغيشي، 2016: 152).

          والناظر لآيات القرآن الكريم يرى أن آياته الكريمات توضح أن الهدف من النظر في آفاق الكون والأنفس هو لتحقيق مبدأ الحقيقة ووحدة المعرفة القائمة على مبدأ التوحيد (البرادعي، 2021: 1)، والتوحيد إقرار بأن الحقيقة قابلة لأن تُعرف، وأن بوسع الإنسان أن يصل إليها (الفاروقي، 1435: 33).

        وإن جهل التربويين وأصحاب الاختصاص بالمنهج التكاملي في التربية الإسلامية يدفعهم للقول بوجود التقابل والاختلاف والتصادم والتضاد أحياناً، ولعلهم اقتدوا بالمنهج الغربي والفلسفات الأخرى، والقاضي بوجود الفرق والفصل بينها، وقد كُتبت الأبحاث العلمية في هذا المجال، كدراسة هاشم (2022)،" مرتكزات التكامل المعرفي بين مفكري التربية الإسلامية وعلماء الفقه وأصوله"، ومن المقالات العلمية التي توضح هذا المقصد، الجندي (2012)،" أصالة المنهج الإسلامي منهج التكامل الجامع".

مشكلة الدراسة:

        إن الإسلام يقدم للبشرية المفهوم التكاملي والجامع للمعرفة والذي عجزت الفلسفات والأيدلوجيات والنظريات عن استيعابه أو تقبله، بل وبقيت حتى الآن قاصرة عنه عاجزة عن تقبله، لأنها أقامته على أساس الصراع بين الأطراف؛ والتي يجمع بينهما الإسلام ويوازن بينها، فالإسلام يقرر أن دائرة المعرفة لا تتم إلا بالتقاء القوسين الروح والمادة، والفرد والجماعة، والعقل والقلب، ويحقق بينهما التكامل (الجندي، 2012).

        لذلك فقد وجب على علماء الأمة والتربويين أن يبينوا هذا المنهج التكاملي؛ والذي رسم ملامحه القرآن الكريم والتطبيقات العملية لسنة النبي ﷺ، حيث لا انفصام بين مكوناته، وينسجم ذلك كله مع مقاصد الشريعة الإسلامية ووحدة المعرفة، لذا جاءت هذه الدراسة لتبين ملامح المنهج المعرفي التكاملي في التربية الإسلامية وأثره في الاسهام الفكري والحضاري الإنساني.

ومن خلال العرض السابق تتحدد مشكلة الدراسة في الأسئلة التالية:

أسئلة الدراسة:

1-    ما مفهوم المنهج المعرفي التكاملي في التربية الإسلامية؟

2-    ما خصائص المنهج المعرفي التكاملي في التربية الإسلامية؟

3-    ما مظاهر المنهج المعرفي التكاملي في التربية الإسلامية؟

4-    ما أثر المنهج المعرفي التكاملي في الاسهام الفكري والحضاري الإنساني؟

أهداف الدراسة:

5-    توضيح مفهوم المنهج المعرفي التكاملي في التربية الإسلامية.

6-    التعرف إلى خصائص المنهج المعرفي التكاملي في التربية الإسلامية.

7-    ذكر مظاهر المنهج المعرفي التكاملي في التربية الإسلامية.

8-    إبراز أثر المنهج المعرفي التكاملي في الاسهام الفكري والحضاري الإنساني.

أهمية الدراسة:

1-    تعدُّ الدراسة تأصيلاً للتربية.

2-    الإفادة من الدراسة للتربويين، والمعلمين، وواضعي مناهج التربية الإسلامية، وغيرهم.

حدود الدراسة:

تتحد الدراسة من خلال استقراء آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية التي تتحدث عن ملامح المنهج المعرفي التكاملي، والاستعانة بالأدب التربوي وإثراء الموضوع.

مصطلحات الدراسة:

المعرفة: هي إدراك الشيء على ما هو عليه، وهي مسبوقة بجهل، بخلاف العِلم (الجرجاني، 2002: 186).

المنهج المعرفي التكاملي: يمكن تعريفه إجرائياً:" بأنه إتمام وترابط جزئيات العلم الواحد أولاً، ثم بينه وبين العلوم الأخرى ثانياً؛ بحيث تتم المعرفة بالشيء من جوانبها المتعددة ورفع الجهل به، وانتفاء الخلل أو النقص المتعلق بذكره منفرداً، وذلك لتمام وحدة الموضوع".

التربية الإسلامية: ويمكن تعريفها إجرائياً بأنها:" تنشئة الفرد المسلم على عقيدة التوحيد في كل مراحل حياته، ومجالات الحياة المتعددة؛ ليكون صالحاً في نفسه مُصلِحاً لغيره، محققاً عبادة الله تعالى وخلافة الأرض".

الاسهام الفكري والحضاري الإنساني: "يمكن تعريفه إجرائياً بأنه: ما قدمه المسلمون من إنجازات وعلوم إنسانية ونظرية وتجريبية في كل مجالات الحياة، ونشر المبادئ والقيم الإسلامية، وتنشيط كافة عوامل التطور والنهوض، وتوجيهها توجيهاً إيجابياً؛ بهدف إسعاد الإنسانية وتسهيل حياتهم وخدمتهم".

- منهج الدراسة:

استخدم الباحث في دراسته أسلوب تحليل المحتوى من الناحية الكيفية، كأحد مداخل المنهج الوصفي، والذي يعتمد على تجميع الآيات والأحاديث النبوية المتعلقة بالمنهج المعرفي التكاملي، وتصنيفها، وتحليلها، وتفسيرها للوصول إلى آثارها في الاسهام الفكري والحضاري الإنساني ثم المقترحات.

الدراسات السابقة:

1-   دراسة ابن هاشم (2022)، "مرتكزات التكامل المعرفي بين مفكري التربية الإسلامية وعلماء الفقه وأصوله".

هدفت الدراسة إلى توضيح العلمية للتكامل المعرفي بين علم أصول التربية الإسلامية وعلمي الفقه وأصوله، حيث يمثل الأخير مصدراً رئيسياً من مصادر التربية الإسلامية وأصلاً من أصولها تستقي منه مقوماتها ومنطلقاتها بما يتناسب مع تغير الزمان وتجدده ويحافظ على ثوابت الدين الإسلامي ومصادره، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي. وتوصلت الدراسة لنتائج منها: غزارة الفكر التربوي الإسلامي بالمقومات النظرية والتطبيقية لمبدأ التكامل المعرفي وآراء المفكرين ومؤلفاتهم أكبر برهان على ذلك، إن التكامل بين علم الأصول الإسلامية للتربية والفقه وأصوله يورث تحصناً فكرياً وحضارياً.

2-    دراسة قاسمي (2018)،" التكامل المعرفي – مقاربة مفاهيمية".

هدفت الدراسة لتوضيح التكامل المعرفي" وتتبع مفهومه والكشف عن آليات تشغيله في النسق الثقافي والحقل المعرفي. يبرز إلى المصطلح المركب "التكامل المعرفي" ليفعل الحقل المعرفي ويُكامل بين عناصره المفككة، والبحث في الآليات الكفيلة بتشغيل هذا المفهوم في الحقل المعرفي للأمة المسلمة، لتحقيق الوحدة المعرفية وبالتالي توجيه الحضارة الإنسانية التوجيه الصحيح، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي والمقارن. ومن نتائج الدراسة منها: إن مفهوم العلم في الثقافة المسلمة يحمل في طياته المعاني التالية: التكامل والتكميل، التآلف والتأليف، التتام والتتميم، والقياس والمقيس عليه، التقارب والتقريب، الوحدة والتوحيد، الحقيقة والتحقيق.

3-   دراسة حسين، ونصيرات (2016)،" نظرية المعرفة عند الغزالي ومقارنتها بالفلسفات التربوية"

يهدف هذا البحث إلى الكشف عن نظرية المعرفة، وبيان ملامح تكامل أدوات المعرفة، وأحكام العلوم المعرفية عنده، ودعوة الغزالي العلماء إلى التكامل فيما بينهم للوصول إلى المعرفة الحقيقية، ويظهر هذا التكامل من خلال مقارنتها بالفلسفات التربوية الحديثة، ولتحقيق أهداف البحث استخدم المنهج الاستقرائي والمنهج الوصفي والمنهج المقارن، الذي أعان على الوقوف على ملامح نظرية المعرفة وإظهار تكامل عناصرها عند الغزالي، وتوصل البحث إلى أن ملامح التكامل المعرفي عند الغزالي تكمن في تكامل مصادر المعرفة وعلومها وعلمائها. وأوصت الدراسة بما يلي: بدراسة مقارنة بين الفكر المعرفي وتكامله عند أعلام الفكر التربوي الإسلامي من العلماء الأوائل وبين اتجاهات الفكر المعرفي المعاصر وبيان ضلاله وابتعاده عن الحقيقة العلمية، ويتم بذلك دحض هذه النظريات.

4-   دراسة أبو بكر (2015)،" التكامل بين الفردية والجماعية في التربية الإسلامية".

هدفت الدراسة لتوضيح خصائص التربية الإسلامية واعتمادها مبدأ تحقيق التكامل بين الفردية، الجماعية في تربيتها لأفراد. وبينت الدراسة مفهوم التربية الفردية، والجماعية، َ ثم تناولت شرحا لركائز كل منهما في الشرع، والخصائص التي تميزت بها كلا من التربية الفردية، والجماعية، ومعالم التكامل بينهما، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي.

التعقيب على الدراسات السابقة:

أكدت الدراسات السابقة كلها على تكامل مصادر المعرفة فيما بينها، وما نتج عن ذلك من تكامل بين العلم الواحد وأنواع العلوم المتعددة، وجاء هذا المزج والتكامل في توضيح المعرفة وحصول تمامها، إذ لا وجود للتناقض والتنافر بينها، وهذا ما أكدته الدراسة الحالية.

ما تميزت به الدراسة الحالية:

1-    تعدُّ الدراسة تأصيلاً تربوياً للمنهج المعرفي التكاملي في التربية الإسلامية.

2-    توضيح خصائص ومظاهر المنهج المعرفي التكاملي، ليحصل مفهوم التكامل من جوانبه المتعددة.

3-    ربطت بين المنهج المعرفي التكاملي في التربية الإسلامية وأثره في الاسهام الفكري والحضاري الإنساني.

- خطوات الدراسة:

قام الباحث بالخطوات التالية:

1-     جمع الآيات القرآنية التي تتحدث عن المنهج المعرفي التكاملي.

2-     تصنيف الآيات التي تتحدث عن المنهج المعرفي التكاملي.

3-     ذكر مفهوم المنهج المعرفي التكاملي.

4-     توضيح مظاهر المنهج المعرفي التكاملي في التربية الإسلامية.

5-     إبراز أثر المنهج المعرفي التكاملي في الاسهام الفكري والحضاري الإنساني.

6-     الرجوع إلى الأدب التربوي للاستفادة منه في إثراء المنهج التكاملي.

 

الفصل الثاني

ملامح المنهج المعرفي التكاملي في التربية الإسلامية وأثره في الاسهام الفكري والحضاري الإنساني

أولاً: مفهوم المنهج المعرفي التكاملي في التربية الإسلامية:

 والتكامل لغةً: التكامل مشتق من الفعل الثلاثي المجرد " كَمَ لَ "، كمل، الكمال: التمام، وقيل التمام الذي تجزأ منه أجزاؤه، وأكملت الشيء: أي أجملْته وأتممته، وكمَّله: أتمَّه وجمَّله، وأكملت لكم: كفيتكم وأعطيتكم فوق) (ابن منظور، د.ـت: 447).

التكامل من كَمَلَ، (التي تعني أتمَّ وجمَّل) (القاموس المحيط،2005: 1054)، والتمام من تمَّ، وتمَّ الشيء جعله تاماً، وتمّ: حفظه من الآفات وكفيه، وأتمَّ الشيء: عمل به، ويقال تمَّ إلى كذا وكذا: أي بلغه، وتمَ مَ على الأمر: استمر عليه، وتتامّت إليه: أي أجابته وجاءته متوافرة متتابعة، وأتمَّ الشيء: أدى كل ما فيه، والتمام: أطول ما يكون من الليل، للتمام: إذا ألقته وقد تم خلقه (ابن منظور، د.ت: 447).

ويقصد بالتكامل اصطلاحاً: مفهوم التكامل هو حركة تركيب وتنسيق مجموعة من العناصر، بمثابة أجزاء، يتخللها النقص إذا نُظر إليها منفردة، وتعويض النقص يقتضي الاتصال بالأجزاء الأخرى، وهذا الاتصال تحكمه آليات (التكميل والتلاقي والتمثيل، التأليف، والتحديد والمقارنة والاستعارة) وضوابط (الاستقراء والاستقصاء والتركيب والتنسيق) وروابط (والتوحيد هو الخط الرابط بين جميع الشعب العلمية (قاسمي، 2018: 150).

ويقصد بالكمال: اسم لاجتماع أبعاض الموصوف، والتمام اسم للجزء الذي يتم به الموصوف (العسكري،1412: 458).

ويقصد بالمنهج التكاملي: كما يعرفه الباحث إجرائياً:" بأنه إتمام وترابط أجزاء العلم الواحد أولاً، ثم بينه وبين العلوم الأخرى ثانياً؛ بحيث تتم المعرفة بالشيء من جوانبها المتعددة، ورفع الجهل به، وانتفاء التعارض أو النقص المتعلق بذكره منفرداً، لإتمام وحدة الموضوع ".

* ومن معاني التكامل المعرفي في الإسلام:

- امتلاك معرفة كافية بمبادئ الإسلام ومقاصده.

- منهجية مناسبة لتوظيف هذه المبادئ وهذه المقاصد.

- إعمال هذه المنهجية في فهم العلوم المعاصرة والتعامل معها.

- بناء شخصية إسلامية معاصرة تتصف بالتماسك والفاعلة.

- تمكين الأمة من الإسهام المتميز في الحضارة الإنسانية وترشيدها بهداية الوحي الإلاهي                      (ملكاوي، 2011: 291).

         ومن الآيات التي تدل على الإكمال والإتمام؛ وقد جمعت في آية واحدة في قوله تعالى:     ﱡﭐ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ  ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱷ ﱸ ﱹ  ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ (سورة المائدة، آية: 3)، وهذه أكبر نعم الله تعالى على هذه الأمة؛ حيث أكمل تعالى لهم دينهم، فلا يحتاجون إلى دين غيره (ابن كثير، 1999: 246).

فليس في المذاهب أو المناهج منهج يقوم على النظرة الكاملة الشاملة للحياة؛ نفساً ومجتمعاً، وفرداً وجماعةً، واقتصاداً وسياسةً، وروحاً ومادةً إلا الإسلام، وبذلك تعجز هذه المذاهب أن تُرضي النفس الإنسانية؛ لأنها جزئية التصور، وتعجز عن الاستمرار؛ لأنها بشرية المصدر. فالإسلام يقدم للبشرية هذا المفهوم الجامع الذي عجزت الفلسفات والأيديولوجيات والنظريات عن استيعابه أو تقبله، والإسلام يجمع بينها ويربطها ويوازن بينها. يجمع الإسلام بين الأرض والسماء، والعنصرين الزمني والروحي، والمطلق والنسبي، واللانهائي والمحدود، بينما وقعت مناهج وأيديولوجيات الغرب في الفصل بين هذه القيم، عاجزة عن فهم تكاملها والتقائها فيه، تؤمن بصراعها وتضاربها، والمسلمون يؤمنون بالتقائها وتَكاملها (الجندي: 2012).

فالعلاقة التي تنظم هذه الأصول المعرفية هي علاقة تكامل أو هي علاقة تساند لا تعاند، حيث يكمل بعضها بعضًا، ووجود هذه العناصر مجتمعة يمثل تمام المنهج المعرفي الإسلامي في شموليته. والمنهج المعرفي الإسلامي يقوم على وحدة المعرفة، وتكامل الأصول المعرفية تبدو أكثر أهمية إذا علمنا أن المنهج المعرفي الغربي لا يزال توجهه ردود الفعل تلك، ويصر على اختزال المعرفة الإنسانية في أبعادها الحسية على حساب الروافد الأخرى (أمزيان، 86: 2022).

ويمكن القول إن الشريعة الإسلامية رسمت ملامح المنهج التكاملي، والذي يظهر جلياً من خلال إكمال الدين وإتمام النعمة على المسلمين، فالمنهج الإسلامي قد تمَّ وكَمُل باكتمال الدين فلا وجود لنقص يعتريه، أو خلل يكمن فيه، فوحدة المعرفة لهذا الدين مترابطة ومتكاملة، لا ينفك بعضها عن بعض، وهذا يُرى مظاهره في آيات القرآن الكريم ومدلولاتها.

ثانياً: خصائص المنهج المعرفي التكاملي في التربية الإسلامية:

 فالمنهج التكاملي يستمد خصائصه من الشريعة الإسلامية، لتكون صالحةً لكل زمان ومكان، وهذا ما تميز به عن غيره من المناهج الأخرى والتي دخلها التحريف والتبديل، بما يوافق الأهواء واختلاف العقول، ومن خصائص المنهج التكاملي في القرآن الكريم ما يلي:

1- الربانية:

             يستمد المنهج التكاملي تشريعه وأهدافه ومظاهره من الشرع الإسلامي، الذي يضمن له الاستمرارية والتميز، ذاك المصدر المحفوظ، والذي لا يطرأ عليه التحريف أو التبديل. 

          فلم تكن للبشرية علاقة بذلك المنهج غير التلقي ثم تلقينه للناس كما هو، لقوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ (سورة الشورى، آية:52-53).

           وهذا المنهج حفظ وعصم من التحريف أو التبديل على مرِّ العصور والأزمان، وهذا ما أكده القرآن الكريم بقوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ (سورة الحجر، آية:9).

         وقد ربط الإسلام بين الالتزام بالعقيدة وربانية المصدر بالرخاء في الحياة، وانفصالهما عن أعمال الإنسان يترتب عليه الضنك والتيه في الحياة الدنيا، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ (سورة طه، آية:124)، أي: من أعرض عن كتابي الذي يتذكر به جميع المطالب العالية، وأن يتركه على وجه الإعراض عنه، بأن يكون على وجه الإنكار له، والكفر فإن جزاءه، أن نجعل معيشته ضيقة مشقة، ولا يكون ذلك إلا عذاباً (السعدي، 2000: 515).

         ومن الآيات التي تؤكد هذا المعنى، قوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙﱚﱛﱜ ﱝ ﱟ ﱠﱡ ﱣ ﱤﱥ ﱦ ﱧﱨ (سورة المائدة، آية:66).

         والآية فيها دلالة على النماء والرخاء الذي سيصيبهم لو التزموا بالعقيدة. وقيل: لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم، يعني بذلك كثرة الرزق النازل عليهم من السماء والنابت لهم من الأرض (ابن كثير،1999: 3/ 148)، وقوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ (سورة الجن، آية:19).

       وقد نفى الله تعالى الاختلاف والتضاد في هذا المنهج الرباني، ﭧﭐﭨﭐ  ﱡﭐ ﱫ ﱬ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ  ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ (سورة النساء، آية:82).

لذلك يمكن القول إن المنهج التكاملي قد اتصف بتلك الخاصية ليضمن وحدة التلقي لهذا المنهج، وليكون المحك والمرجع في الاتفاق أو عند الاختلاف، وله دلالة أخرى وهي عدم وجود التضاد والتصادم بين العلوم؛ بل تتكامل فيما بينها لاتحادهما في المصدر، وهذا ما يميزه عن المناهج الوضعية التي يكثر تعدد وجهاتها ومصادرها وآرائها وتناقض أهدافها.

2- العالمية:

         لا ينحصر المنهج التكاملي في بعض مظاهره في بقعة جغرافية محدودة أو حبيسة في انعزال عن الآخرين، لأنها رسالة للبشرية جميعها، فتلك الرسالة وإن انطلق من مكة أو المدينة المنورة إلا أنها موجهة للعالم كله، تتفاعل معه في الخير أخذاً وعطاءً، تنقل عنه وتمده بما عندها.

فرسالة الإسلام تستهدف البشرية كلها مسلمهم وكافرهم، مصداقاً لقوله سبحانه وتعالى: ﱡﭐ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ(سورة سبأ: آية،28)، وقوله تعالى:    ﱡﭐﲀﲁﲂﲃﲄﲅ (سورة الأنبياء، آية:107).

          ومن الآيات الدالة على عالمية الإسلام، قوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ (سورة المائدة، آية:67)، وقوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓﱔ  (سورة الحجر ،آية:94)، وقوله: ﭐﱡﭐ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ  ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ(سورة البقرة، آية:143).

          وقد بشّر النبيﷺ بأن هذا الدين سيدخل كل بيت، كما في الحديث، (إِنَّ رَبِّي زَوَى لِيَ الأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ مُلْكَ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مَا زَوَى لِي مِنْهَا) (ابن حنبل- 22830 – مسند حكيم بن حزام).

         إن الدور الرسالي للإسلام وعالميته يمنحه طاقة وحيوية ويحتم عليه التفاعل مع سائر الحضارات، بحيث يصبح التفاعل وتوسيع دائرة المشترك الإنساني وممارسة العطاء والأخذ تكليفاً شرعياً واستجابة لأمر الله وطاعته وثواباً (يوسف ،2014: 17).

           والعالمية هي المهمة التي تطبع الواقع الإنساني القائم، ويبدو أن كل تغيير يتجاوزها سوف يبقى مراوحاً في مكانه، مهما بدت لياقته في بعض مراحل السير، فختم النبوة معناه عالمية الإسلام وثقافته التوحيدية، ومعناه كذلك الظهور الحضاري للدين الحق، ولكن ما يلاحظ أن المسلم غافل عن هذه الحقائق الكونية الكبرى، فنحن كأمة نؤمن بفكرة العالمية من منظور الظهور الكلي للدين الحق الذي سيحقق مصالح العباد في الدارين (ابن مبارك ،1995: 73).

     إن عالمية المنهج الإسلامي هدفه نقل ثقافته ورسالته السمحة للعالم، ونشر قيمه وأخلاقه المستمدة من خالق البشر، ليعم الخير والسلام للجميع، مع ذلك فإنها لا تخفي استفادتها من مورث الآخرين الذي لا يتعارض مع المنهج الرباني، وكذلك تشير عالمية الإسلام أن المسلم ليس بمنعزل عن الآخر؛ بل يتكامل مع غيره، ويستفيد مما أنجزه الغير في هذا الكون الفسيح. 

3- التوازن:

          كانت فلسفة الإسلام للحياة هي مزج مكونات الإنسان بشكل ونظام دقيق، يضمن عدم الإخلال بتلك المكونات، فلا يطغى جانب على آخر، فوازن بين عالم الروح والمادة، وما يتعلق بهما من أعمال وحاجات ومتطلبات، كما ووازنت بين اهتمامات الفرد والجماعة.

         وتشير الآية الكريمة للتوازن بين متطلبات الدنيا والآخرة والتكامل بينهما، في قوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳐ ﳑ ﳒ ﳓ ﳔ ﳕ (سورة القصص، آية:77)، حيث نهى الإسلام عن التفرغ للجوانب الروحية والعبادة وترك احتياجات الحياة من العمل والسعي في مناكب الأرض، فأمر بعد الفراغ من العبادة التوجه للسير والضرب لابتغاء فضل الله تعالى من العمل، لقوله تعالى: ﱡﭐ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦﱧ (سورة الجمعة، آية:10).

ومن السنة النبوية ما يحث على التوازن في جوانب الحياة الإسلامية وأعمالها، ما ورد عن  أنس، أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: لاَ أَتَزَوَّجُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أُصَلِّي وَلاَ أَنَامُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَصُومُ وَلاَ أُفْطِرُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ فَقَالَ: ( مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا كَذَا وَكَذَا، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَنَامُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي)( ابن حنبل- 13738- مسند أنس بن مالك).

والشريعة الإسلامية ترسخ مفهوم التوازن والتكامل كما يلي:

أ- الروح والجسد أو عالم المعنويات وعالم الحس.

ب- عالم الغيب وعالم الشهادة.

ت- الإيمان بالقدر والأخذ بالأسباب.

ث- العمل الفردي والعمل الجماعي، وبما أن الفرد مشحون بغريزة أنانية مستبدّة تنحاز إلى المصلحة الفردية لتحمي ذاتها في مواجهة التحديات المختلفة، فإن إرادة الأنا تصطدم بإرادة الآخر؛ فردًا كان أو جماعة، وإن من مسؤولية أية فكرة حضارية تحقيق المصالحة والتوازن بين هاتين الإرادتين (جندية، 2011: 84).

          ومبدأ التوازن بين الحاجات الروحية والمادية وهي مسألة عميقة في نسيج القرآن والسنة، بحيث يبدو الفصل بين الطرفين إقحاماً فجاً يتناقض ابتداءً مع الوضع الذي يريده الإسلام للإنسان في هذا العالم، ومادام الأمر كذلك ومادام أريد للإنسان المسلم أن يكون متوازناً قادراً على الفعل والتغيير والحركة غير متأزم أو جانح أو مكبوت، فلابد من طرائق العلم وحقائقه وتطبيقاته لتنفيذ هذه الرؤية التعادلية التي لا نجدها في أي مذهب أو عقيدة أخرى بهذا القدر من الشمول والوضوح (خليل، د.ت:141)

         وهذا المبدأ الذي تتوازن فيه عناصر المادة مع عناصر الروح، فيعمل لترقية الروح ورفعها في الوقت الذي ليعمل فيه على حفظ الحياة وامتدادها، كما يتوازن فيه عنصر العقل مع عنصر الأحاسيس والعواطف، فينطبق في عالم الأشواق وعالم النوازع بلا تفريط ولا إفراط، كما يتوازن فيه البعد الفردي مع البعد الجماعي، في قصد وتناسق واعتدال، وهذا كله يدفع إلى التوازن في النمو والإعمار واستغلال مسخرات الله في الكون (الخطيب ،2010: 121).

        كما لم تغفل الشريعة الإسلامية التوازن بين النظرية والتطبيق العملي في جوانب الحياة، والتوازن في تنظيم المعرفة الإنسانية التي تفيد الفرد والمجتمع وترتقي به، فيحذر الله تعالى ممن يخالف قوله أعماله، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ (سورة الصف، آية:2-3).

 وبذلك تكمن حيوية الإسلام بتلك الخاصية؛ فالتوازن لا إفراط فيه ولا تفريط، فقد جمعت الشريعة الإسلامية بين كل أمرين يحسبه الجاهل متناقضاً، فأخذت فوائد ما عند الواحد وأضافته للآخر في وحدة معرفية متكاملة، دون أن تميل لأحدهما، بوسطية معتدلة توافق فطرة الإنسان.

4- الثبات والمرونة:

          تنبع هذه الخاصية من ثبات الأصول والمقومات والقيم التي يستمدها المنهج الإسلامي، فلا يمكن أن تتغير أو تتبدل على مرّ العصور، فهي تمثل المقاييس التي تقاس بها الأمور، ولا يمكن أن يتصور تغيرها أو تبدلها، وإلا سيحدث الخلل والانهيار في أركانها، ومع ثبات الأصول امتازت بالمرونة في الفروع والوسائل، فالفروع ليست منحصرة في الكتاب أو السنة لكثرتها، بل هي متجددة لكثرة الوقائع في الحياة.

        ومن مظاهر هذه الخاصية، ثبات الغاية والهدف من الوجود الإنساني في هذا الكون، حتى لا يخرج الإنسان عن حقيقة إيمانه بالله تعالى وكفر به، والله – سبحانه وتعالى – يقول: ﭐﱡﭐ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ  ﲷ ﲸ ﲹ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ  ﳀ ﳁ ﳂ ( سورة المؤمنون،آية:71)، وقوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ  ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ( سورة الجاثية،آية:18)، وأما عن مظاهر المرونة؛ يتمثل الأمر برد كل شيء يُتنازع فيه أو يجهله للقرآن أو السنة، وذلك من خلال العلماء والمجتهدين ليستنبطوا أحكاماً وفروعاً فيوضحوه لعامة الناس، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ  ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ  ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲑ ﲒ  ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ     (سورة النساء، آية:83).

          ومن مظاهر مرونة المنهج الإسلامي التكاملي أنه لم يكن أبداً منذ مولده منغلقاً على نفسه؛ وإنما كان دائماً مرناً، قابلاً للأخذ والعطاء، وحسب هذا المنهج أنه احترم تراث الوثنية في شتى العلوم والفنون، ولم يقف من هذا التراث موقفاً معادياً مثلما فعلت الكنيسة ورجالها في الشطر الأول من العصور الوسطى، ولم يجد ما يحول دون الاستفادة من الحضارات اليونانية والفارسية والهندية التي احتكت بها، كل ما في الأمر أنه أحسن الانتقاء فلم يقبل كل ما صادفه، وإنما تخير ما من شأنه أن يساعده على الاحتفاظ بقيمه ومثله وطابعه، ورفض كل ما لا يقبل التكيف وكل ما لا يتفق وروحه ومبادئه(عاشور، وعبد الحميد، والعبادي ،1996: 17).

          وفي الاقتصاد الإسلامي نجد أموراً ثابتة، لا تتغير ولا تتبدل مهما تغير الزمان والمكان منها: تحريم الربا والميسر، وحل البيع، وكثير من العقود، والنصاب، والمقدار في الزكاة، وتوزيع التركة على الورثة؛ فليس لأحد أن يحل ما حرم، أو يحرم ما أحل، أو يغير في أحكام الزكاة والميراث، والإسلام جاء خاتماً للأديان ليطبق في كل زمان ومكان، فكان في اقتصاده من المرونة ما جعله يتسع للأساليب المختلفة، والوسائل المتجددة، والعرف ما دام لا يتعارض مع أصل ثابت، ومن المعروف أن الأصل في العبادات الحظر، وفي المعاملات الإباحة، فكل عبادة ممنوعة ما لم يوجد ما يدل على مشروعيتها، وكل معاملة مباحة ما لم يثبت ما يمنعها، لذا اتسع الاقتصاد الإسلامي ليشمل ما يجد من المعاملات المختلفة التي خلت من الربا والميسر والغرر الفاحش، ورأينا تغير الفتوى تبعا لتغير الزمان والمكان، يقال: هذا اختلاف زمان ومكان وليس اختلاف حجة وبرهان (السالوس د.ت: 57).          

          إن اتصاف المنهج الإسلامي بالثبات والمرونة لهو سبب مهم لتتابعه على مر السنين والأزمان، دون أن يفقد أدائه وقوته وحيويته في الحياة، فكل منهج تكاملي لا يستوعب الوقائع المتجددة، وتغير الأزمنة المتعاقبة لن يكتب له الاستمرار والديمومة.

5- الإيجابية والنفع:

       غرست الشريعة الإسلامية في الإنسان منهجاً متكاملاً يستهدف جوهره ابتداءً؛ وذلك بتزكية نفسه وتخليتها من الرذائل وتحليتها بالفضائل، ثم غرس القيم والأخلاق في تعاملاته، وفي علاقاته الإنسانية والاجتماعية وغيرها، لتحقيق النفع والخير للآخرين.

     ولابد للمسلم من تزكية نفسه وبذل الجهد في الامتثال لأمر الله تعالى، وكمال عبادته لا تصلح لخلافة اللَّه تعالى ولا يكمل لعبادته وعمارة أرضه إلا من كان طاهر النفس قد أزيل رجسه ونجسه، فللنفس نجاسة كما أن للبدن نجاسة (الراغب، 2007: 86).

     وحركة الإنسان المهتدي بهدايات الخالق العظيم، هي حركة في اتجاهين متوازيين ومتكاملين، حركة في داخل الإنسان نفسه من أجل تنميته وتطهيره والصعود به في مراتب الكمال ومدارج الخير، وحركة في الأرض والطبيعة لاستثمارها والتفاعل معهما بعيداً عن الرؤية الصادرة عن المادة؛ والتي تجعل الإنسان سلعة خاضعة لمقاييس الاستخدام والاستغلال في دنيا منفصلة عن الآخرة (الخطيب ،2010: 54).

       فالدين الإسلامي جاء ليخبر الإنسانية أن التفاضل مرده إلى الاستقامة والتقوى، ونشر مبادئ الخير والفضيلة بين الناس والمساهمة في بناء أمة حضارية تسعى إلى توحيد الصفوف، وإرساء قواعد البناء الصلب، وإماطة أساليب الهدم (رحائم، 2007: 62).

      ومجتمع الإسلام الأول هو مجتمع الألوان والأجناس والتفاوت الاجتماعي المنسجم المتعاون المتكافل المتكامل، فبلال إلى جانب أبي بكر، وسلمان إلى جانب عثمان وعلي – رضي الله عنهم جميعاً- والفقراء في كنف الأغنياء، والقيم العليا واستباق الخيرات متاح للكسب الفردي" فاستبقوا الخيرات " ومتاح لكل إنسان وليس قصرياً ينتهي بالتمييز والعنصرية والانحياز (زهرة،2014: 10).

        والشريعة الإسلامية في أغلب مواضيعها وأجزاءها جاءت لتحقيق القيم والانسجام بين الإنسان وأخيه الإنسان، والشريعة كلها إنما هي تخَلُّق بمكارم الأخلاق ولهذا قال عليه السلام: (إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ صَالِح الأَخْلاقِ) (البخاري- 273 – باب: حسن الخلق) (الشاطبي، د.ت:2/77).

         فالإنسان هو العنصر الفاعل وله الدور الأكبر لأنه هو الذي يحدد قيمته الاجتماعية، وهذا يعني أن نشوء الحضارات وتطورها منوط به، وهذا ما يجعل منها تعبيراً عن مراحل إنسانية تطورية متقدمة، توفر الخبرة التي تساعد على الانتقال من إنجاز إلى آخر وصولاً إلى الحالة المثالية (ابن نبي،2007: 55).

فالإيجابية وتحقيق النفع للآخرين لم يكونا حبيسي النفس الإنسانية دون أن يرى الآخرون أثرهما سلوكاً على المسلم، بحيث يعم نفعهما وفائدتهما على المجتمع والآخرين، بهذا كله يستشعر المسلم أن وجوده في هذا الكون وعلى الأرض ليس وجوداً عابراً؛ إنما هو قدر الله المقدور، والمرسوم طريقه ووجهته، وغاية وجوده يقتضي التكامل حركةً وعملاً إيجابياً لتحقيق المنهج الرباني.

6- التدرج:

تظهر هذه الخصيصة جلياً في أول أطوار الدين ومراحله، ابتداءً من مرحلة الدعوة السرية، انتهاءً بالجهر بالدعوة والإيذان بنشرها، ثم بعد ذلك تدرج الدعوة إلى طور آخر من أطوار البناء، وهي الهجرة إلى المدينة، وفرض القتال، لتبدل حال المسلمين من الضعف إلى القوة والمنعة، وبذلك يؤسس النبي للتغيير شيئاً فشيئاً، ومرحلة فمرحلة.

        فقد جعل الله تعالى التدرج سنة كونية وسنة شرعية أيضاً، فالإنسان خلق أطواراً، طوراً بعد طور، ومنازل من النطفة إلى العلقة إلى المضغة فالعظام واللحم ليكون خلقاً آخر، فاقتضت حكمته خلق السماوات والأرض في ستة أيام، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ (سورة ق، آية:38).

      والقرآن جاء ليربي أمة بمنهج تكاملي بحيث ينشئ مجتمعاً، ويقيم نظاماً، وذلك يحتاج إلى زمن، والنفس البشرية لا تتحول تحولاً كاملاً شاملاً بين يوم وليلة بقراءة كتاب كامل شامل للمنهج الجديد، إنما تتأثر يوماً بعد يوم بطرف من هذا المنهج، وتتدرج في مراقيه رويداً رويداً، وتعتاد على حمل تكاليفه شيئا فشيئا، فلا تجفل منه كما تجفل لو قدم لها ضخماً ثقيلاً عسيراً، وهي تنمو في كل يوم بالوجبة المغذية فتصبح في اليوم التالي أكثر استعداداً للانتفاع بالوجبة التالية، وأشد قابلية لها والتذاذاً بها (قطب،1412: 5/2562).

ومن الناحية العملية لخاصية للتدرج فقد بدأ الإسلام بالدعوة إلى التوحيد، وتثبيت العقيدة السليمة، ثم تدرج للحديث عن آيات التشريع شيئا فشيئا، حيث فرضت فرائض، وحرمت محرمات، وفي هذا المعنى تقول أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها- : (إِنَّمَا نَزَلَ أَوَّلَ مَا نَزَلَ مِنْهُ سُورَةٌ مِنَ المُفَصَّلِ، فِيهَا ذِكْرُ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، حَتَّى إِذَا ثَابَ النَّاسُ إِلَى الإِسْلاَمِ نَزَلَ الحَلاَلُ وَالحَرَامُ، وَلَوْ نَزَلَ أَوَّلَ شَيْءٍ: لاَ تَشْرَبُوا الخَمْرَ، لَقَالُوا: لاَ نَدَعُ الخَمْرَ أَبَدًا، وَلَوْ نَزَلَ: لاَ تَزْنُوا، لَقَالُوا: لاَ نَدَعُ الزِّنَا أَبَدًا)( صحيح البخاري- 4993- باب: تأليف القرآن)، فلما اطمأنت النفوس على ذلك أُنزلت الأحكَام ولهذا قالت ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا لا ندعها وذلك لما طبعت عليه النفوس من النفرة عن ترك المألوف  (العسقلاني، 1379: 9 /40).

ومن فوائد التدرج في المنهج التكاملي، أنه يسهل الانقياد والتطبيق، وهو سنة من سنن الله تعالى في خلقه، والمتأمل في هذا الكون والمتفكر في خلقه من تعاقب اليل والنهار، والمنهج الإسلامي لم يبدأ في علاج رذائل الجاهلية وانحرافاتها ابتداءً، إنما بدأ بغرس العقيدة الصحيحة القوية التي يستجيب بعدها لداعي الله ورسوله، ثم انتقل بالتغيير لأمور الحياة والعبادات فاستجابوا وانصاعوا لأمر الله ورسوله (قطب،1412: 5/2562).

والتدرج يعد منهجاً تكاملياً بين دعوات الأنبياء كلهم، حيث إننا نجد في القرآن الكريم والذي يمثل اللبنة الأخيرة أو المنهج الأخير للنبوة، الذي انتهت إليه النبوات مساحة كبيرة لدعوات الأنبياء وقصصهم مع أقوامهم، وكيفيات تعاملهم مع المجتمعات (ابن المبارك1995: 26).

          ومما سبق يتبين أن التدرج لا بد منه في المنهج الإسلامي التكاملي إذ إن الإصلاح والتغيير المنشود الذي يستهدف المسلم في كل جوانب حياته لا يَتَأتي دفعةً واحدة دون تدرج فيهما، فتعديل الخلل والرذائل التي طبعت في النفوس يحتاج لتلك الخاصية. 

7- الوسطية والاعتدال:

        تميزت أحكام الشرع الإسلامية بوسطيتها واعتدالها في القيم والموازين وجوانب العبادة، فلا إفراط ولا تفريط، بل كان موقفها تعنيف من يتنكب ذلك المنهاج، وتصحيحه ورده للطريق القويم والمنهج الصحيح.

        ويقصد بالوسطية: أمر اتصف بالخيرية والبينية جميعاً (الصلابي، 2001: 34).

فالأمة الإسلامية وصفت بالوسطية بين الأمم، ما بين منهجين وطرفي الغلو والتطرف، فمنهج الأمة في مجالات حياتها الإيمانية، والأخلاقية، والاقتصادية، وغيرها لا يخرج عن وسطيتها المرسومة لها من الله – سبحانه وتعالى- ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ  ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥﱦ ﱧ  ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ  ﱲ ﱳ ﱴ ﱵﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ  ﱽ ﱾﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄﲅ ﲆ ﲇ ﲈ  ﲉ ﲊ ﲋ ( سورة البقرة،آية:143).

           وإن منهج التفريط في العبادة مثّله اليهود حتى أصبحت القيم المادية محور الحياة، وأصبح الإنسان في نظر اليهود آلة تحرك، ومعدة تهضم، وكائن يلهو، وتعلقوا بالدنيا غاية التعلق وحرصوا عليها حتى ولو كانت حياة البهائم ونحوها، ومنهج الإفراط والغلو في العبادة ابتدعته النصارى فحرموا الزواج، وكبتوا الغرائز، ومنعوا الزينة والطيبات من الرزق، إن القرآن الكريم وسط في باب الأخلاق بين غلاة المثاليين الذين تخيلوا الإنسان ملاكا أو شبه ملاك، فوضعوا له من القيم والآداب ما لا يمكن له، وبين غلاة الواقعيين، الذين حسبوه حيوانا أو كالحيوان، وتتضح وسطية القرآن في مجال التشريع في إباحة تعدد الزوجات بالشروط والحدود التي ذكرها المولى -عز وجل-، وكذلك في إباحة الطلاق وأحكام المواريث. فالقرآن الكريم يقرر منهج الوسطية في العبادة بأساليب متعددة ومتنوعة فأحيانا بيان الانحراف الواقع في حقيقة العبادة وأحيانا بيان كيفية عبادته وحده -سبحانه وتعالى (الصلابي، 20001: 565).

         ومن ملامح الوسطية في العقيدة أنها صافية تملأ القلب نوراً، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ   ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗﱘ   ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ (سورة الشورى، آية:52)، فهي تقنع العقل بالحجة والبرهان والدليل، ﭧﭐﭨﭐ ﱡﭐ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ  (سورة الرعد،آية:4)، ومع ذلك فهي تتوافق وتنسجم مع الفطرة، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭﲮ ﲼ (سورة الروم، آية:30).

       ومن ملامح الوسطية اليسر ورفع الحرج في المنهج الإسلامي في الأحكام الشرعية،           ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ     ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ  ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ   ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ  ﲢ ﲣ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ  ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ  ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ (سورة البقرة، آية:185).

 ومن ملامح وسطية الإسلام الانفتاح على الغير، إذ إن الإسلام لم يحجر على أفراده أو يفرض عليهم الانغلاق الفكري أو الاجتماعي دون أن يكون مطلعاً على ما حوله من ثقافات وحضارة تحيط به، بل جعل لهم الحرية والاستفادة منها وخاصة التي تتفق مع الشرع، فاعتبر الإسلام الإخوة الإنسانية سبباً لتجمع بين الأمم في المتفقات والتكامل بينهم، قال تعالى:      ﱡﭐ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ  (سورة الحجرات،آية:13).

          ومن ملامح الوسطية في الأخلاق أنها شاملة ومتكاملة لكل مناحي الحياة، ففيها ضروريات الحياة وحاجاتها، ﭧﭐﭨﭐ ﱡﭐ  ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ  ﱋ ﱌﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ( سورة الأعراف،آية:31)، وفي دوافع النفس ومشاعرها، ﭧﭐﭨﭐ       ﱡﭐ    ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ( سورة الشمس،آية:9-10)، وفي ما يتعلق بالعلاقة الزوجية، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲰ ﲱ ﲲﲳ ﲴ ﲵ ﲶ  ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ  ( سورة النساء،آية:19)، وفيما يتعلق بالوالدين، ﭧﭐﭨﭐ      ﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄﱅ ﱲ ( سورة الأحقاف،آية:15)، وفيما يتعلق بأخلاق المجتمع، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲾ ﲿ  ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ  ﳈ ﳉ ﳊﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ                 (سورة النور، آية:27)، وفيما يتعلق بأخلاق الاقتصاد، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ  ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ( سورة المطففين، آية:1-3).

         ووسطية الإسلام تكمن في عدم إلزام الناس طريقة واحدة، أو نمطاً واحداً من أنماط البر، فهناك الصائم، والقائم، والذاكر، والعالم، والمجاهد، وفاعل المعروف، والمتصدق.. الخ، وكل واحد منهم يؤدي شيئاً من الإسلام، ومجموع أعمالهم تمثل شريعة الإسلام الواسعة الشاملة، وهذا التنوع ليس مسوغا لتنقص، ولا يدل على تمايز عند الله، وللجنة أبواب ثمانية، كل باب لضرب من ضروب البر، وهذا يفتح باباً واسعاً في النظر والدعوة؛ إذ علينا أن نفيد من جميع المسلمين ذكورهم وإناثهم، محسنهم ومقصرهم، كما كان يفعل سلف هذه (العايد، 1425: 1/65).

وبذلك يتضح شمول وتكامل وسطية الإسلام؛ ليشمل جميع مناحي الحياة: العقدية، والأخلاقية، والاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، وغيرها. ليدلل على أنه المنهج الخالد والذي يصلح لكل زمان ومكان، ويُظهر سماحة الإسلام ليجد بذلك طريقه للقلوب والسلوك.

8- الواقعية:

         تتسم هذه الخاصية بأنها اعترفت بمحدودية طاقات ومقدور المسلم، فهي التي تعالج قضاياه الحياتية بواقعية، دون أن تغالي في المثالية والتي لن يصلها الفرد بأن يصل درجة الملائكة، ولا تهون منها فينزل لدرجة أقل في إنسانيته، بحيث يستبيح المحرمات بحرية مطلقة.

        فالإنسان في واقعه يحب العدل والأمانة، والإسلام يأمر بذلك، ﭧ ﭐﭨﭐﱡﭐ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ (سورة النساء، آية:58).

        ومن جانب آخر لمفهوم الواقعية في الإسلام، أن الإنسان لا يستغني عن أخيه الإنسان فكل واحد مكمل للآخر، فقد وضحه الله تعالى، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻﲼ ﲽ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ (سورة الزخرف، آية:32)، يقول السالوس: فهذا هو واقع الناس، اختلافهم في الرزق والجاه، ليتخذ بعضهم من بعض أعواناً، يُسَخَّرون في قضاء حوائجهم، حتى يتساندوا في طلب العيش وتنعيم الحياة. وختام الآية الكريمة له أثره في أن يتم هذا في تراحم وتعاون محمود (السالوس، د.ت: 67).

·         وأما عن مفهوم الواقعية في المنهج التكاملي، فهي كما يلي:

أ- التكليف ضمن حدود الطاقة الإنسانية.

ب- مراعاة مطالب الفكر والنفس والجسد، وعدم إهمالها، وذلك ضمن حدود طريق الخير.

ت- مراعاة واقع حال المجتمعات الإنسانية التي يتفاوت أفرادها في استعداداتهم، وخصائصهم، وذلك في البيانات الإسلامية، وفي أساليب التربية، وفي الأعمال الجماعية، وفي تحديد مناهج السلوك، وفي أصول المحاسبة والجزاء.

ث- مراعاة واقع حال النفس الإنسانية، المفطورة على حب المخالفة، والنزوع إلى الشذوذ، والمغامرة بامتحان المسالك الوعرة (حنبكة،1998: 177).

          وواقعية الإسلام تتوافق مع الفطرة الإنسان وتتحقق من خلال تعامله مع السنن الجارية في الكون، ومن خلال معرفة الإنسان بضعفه وقوته وتذكره ونسيانيه وفطرته وغريزته ونزوعه إلى الخير وانحداره في الشر واستيعاب جميع ما يتعرض له من الظروف والأحوال والقابليات من الشدة والرخاء والسقوط والنهوض والهزيمة والنصر، ليكون المنهج من ثم دليلاً ومرشداً في كيفية التعامل مع الأحوال كلها من خلال الاستطاعات المتوفرة والظروف المحيطة (ابن مبارك، 1995: 31).

والاقتصاد الإسلامي يرسخ واقعيته في مبادئه ومنهجه وأحكامه، وينظر إلى الواقع العملي الذي يتفق مع طبائع الناس، ويراعي دوافعهم وحاجاتهم ومشكلاتهم، لا يجنح إلى خيال وأوهام، ولا ينزل إلى درك لا يتفق مع البشرية التي كرمها ربنا – سبحانه وتعالى (السالوس، د.ت: 67).

       ومما سبق يتبين أن المنهج التكاملي استطاع بتلك الخاصية أن يفرض أحكامه الدينية والدنيوية المناسبة للإنسان، وفق مقدوره ضامناً تطبيقها، مراعياً بذلك التكليف اليسر ورفع الحرج عن الأمة، ومعرفته بحقيقة الإنسان من وقوع العجز والخطأ والنسيان منه، ورفع إثمهم عن المسلم، ومنطلق ذلك قوله تعالى: ﴿لا يكلف الله نفساً إلا وسعها﴾ (سورة البقرة، آية:286).      

ثالثاً: مظاهر المنهج المعرفي التكاملي في التربية الإسلامية:

          اتسم المنهج الإسلامي بأنه لم يغفل أي جانب من جوانب الحياة دون أن يستهدفها ويحتويها في منهجه التكاملي الجامع، فقد جمع بين أمور الدين والدنيا، وكذلك ما يتعلق بالعلم والمعرفة ومصادر الحصول عليها والمبادئ التي يقوم عليها المنهج العلمي الصحيح، وربط الجانب الاقتصادي والحضاري بسياج الشرع لئلا يخرج عن النهج القويم.

1-   تكامل الجانب الإيماني مع التوجه السلوكي للإنسان:

يعد الجانب الإيماني الموجه للفكر الذي انطلق منه المسلم ليدخل أعماق قلبه، فينتج عنه السلوك المرغوب الذي يريده الإسلام، فيدفع صاحبه للاستقامة على الوجهة الصحيحة، وللعمل والسعي لتحقيق ضروريات الحياة.  

            والإيمان لا بدّ أن يتكامل مع العمل وإلا اعتراه النقص في الإيمان، قال تعالى: ﱡﭐ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ   ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ  (سورة العصر،آية:2-3).

     ذلك أن العمل إن لم يكن موجهاً توجيهاً عقدياً مباشراً فإنه قد يطرأ عليه انقطاع عن مفاهيم العقيدة، حتى وإن كان الفكر الذي هو امتداد له مبنياً بناءً عقدياً، فما أيسر ما ينحرف السلوك العملي الصورة الذهنية الحاصلة بالفكر، فصورته الذهنية العقدية صحيحة، لكن العمل منحرفاً عنها، وربما كان الخلل هو انقطاع الأعمال عن موجهاتها العقدية (النجار1995: 78).

      ومنها كذلك أن إيمان المسلم لن يكون مكتملاً إن لم يهده للاستقامة في الحياة، وكان النبيﷺ من منهجه غرس طريق الاستقامة في نفوس أصحابه - رضي الله عنهم- كما في حديث سفيان بن عبد الله الثقفي، قال قلت يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحد بعدك، قال: (قُلْ: آمَنْتُ بالله، ثم اسْتَقِمْ) (صحيح مسلم- 62- باب: جامع الأوصاف). والاستقامة درجة بها كمال الأمور وتمامها وبوجودها حصول الخيرات ونظامها، ومن لم يكن مستقيما في حالته ضاع سعيه وخاب جهده (النووي، 1392: 9/ 2).

         وفي العبادات تجد التكامل بينها وبين الجانب الاجتماعي والخلقي والقيمي، فكل عبادة مفروضة تعالج قضايا متعددة، فالصلاة تعالج ما تعتريه النفس من الفحشاء والمنكر، ﭧﭐﭨﭐ      ﱡﭐ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ   ﲯ ﲰﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ   ﲷﲸ ﲹ ﲺ ﲻﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ  (سورة العنكبوت، آية :45)، وكذلك في صلاة الجماعة، حكم جليلة، ومصالح جمة بعضها اجتماعي وخلقي كالوحدة والاجتماع، والتعارف والتعاون، وبعضها ديني أخروي، كالمحافظة على الصلوات والتنافس في إحسانها وإتقانها (منصور، 1404: 124).

          والصوم يعالج قلة الصبر وضبط النفس عند الغضب، كما في الحديث: (الصِّيَامُ جُنَّةٌ، ‌فَلَا ‌يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ..) (صحيح البخاري- 1894- باب: فضل الصوم)، ويذكر الصوم النفس بحال الأكباد الجائعة من المساكين (ابن القيم، 1994: 2/ 27).

         والزكاة تعالج آفة الشح والبخل بالإنفاق وإعطاء حق المال، ﭧﭐﭨﭐ ﱡﭐ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑﲒ  ﲓ ﲔ ﲕ ﲖﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ (سورة، آية:103)، وللزكاة دور في معالجة آفة التخاصم وفساد ذات البين فيتمثل في المخصصات المعتمدة من موارد الزكاة تحت بند الغارمين- وهم الفقراء المدينين (المصري، 2005: 2).

       والحج يعلم الانضباط بالوقت وتحمل المشاق وضبط النفس، وتعويد على الإنفاق، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ       ﱇ ﱈ  ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱒ ﱓ  ﱔ ﱕ                               ﱠ ﱡ ﱢ (سورة البقرة، آية:197) ففيه تقوية رابطة الإيمان والإسلام، فيتجمعون من كل العالم، تحت رابطة الدين (شيخون، 1977: 98).

        والعبادات التي شرعت في الإسلام، واعتبرت أركاناً في الإيمان به ليست طقوساً مبهمة من النوع الذي يربط الإنسان بالغيوب المجهولة، ويكلفه بأداء أعمال غامضة وحركات لا معنى لها، كلا فالفرائض التي ألزم الإسلام بها كل منتسب إليه، هي تمارين متكررة لتعويد المرء أن يحيا بأخلاق صحيحة، وأن يظل مستمسكا بهذه الأخلاق (الغزالي، د.ت:4).

    ومن التكامل ما يتعلق بالجانب الاجتماعي من حيث التكافل بين الأفراد كما في الحديث: (من كان معه فضل ظهر، فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له، فذكر من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا فضل)  (صحيح مسلم- 1728- باب: استحباب المواساة)، فشعور المسلم بأخيه المسلم بتطبيق عملي جميل، يتحمل كل فرد من أفراد المجتمع الإسلامي مسؤوليته عن غيره من أصحاب الفقر والحاجة في تكامل وتكافل حميد.    

     ومن ملامح التكامل في الأخلاق أنها وضعت لحفظ ضروريات الحياة وحاجاتها الأساسية، ﭧﭐﭨﭐ        ﱡﭐ ﱂ ﱃ       ﱇ ﱈ      ﱋ ﱌ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ  (سورة الأعراف،آية:31)، وفي دوافع النفس ومشاعرها، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ    ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ( سورة الشمس،آية:9-10)، وما يتعلق بالعلاقة الزوجية، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲚ ﲛ  ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲥ ﲦ  ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ  ﲱ ﲲ ﲴ ﲵ ﲶ  ﲷ ﲸ ﲹ      ﲽ ﲾ ﲿ  ( سورة النساء،آية:19)، أما ما يتعلق بالوالدين، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ  ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ  ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ  ﱠ ﱡ           ﱨ ﱩ   ﱬ ﱭ  ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ   ( سورة الأحقاف،آية:15)، وفيما يتعلق بأخلاق المجتمع، ﭧﭐﭨﭐ            ﱡﭐ ﲿ    ﳁ ﳂ  ﳃ ﳄ ﳅ   ﳆ ﳇ                  ﳐ ﳑ         ( سورة النور،آية:27)، وفيما يتعلق بأخلاق الاقتصاد، ﭧﭐﭨﭐ      ﱡﭐ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ  ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ (سورة المطففين، آية:1-3).

      والإسلام لم يلزام الناس طريقة واحدة، أو نمطاً واحداً من أنماط البر، فهناك الصائم، والقائم، والذاكر، والعالم، والمجاهد، وفاعل المعروف، والمتصدق.. الخ، وكل واحد منهم يؤدي شيئاً من الإسلام، ومجموع أعمالهم تمثل شريعة الإسلام الواسعة الشاملة، وهذا التنوع ليس مسوغا لتنقص، ولا يدل على تمايز عند الله، وللجنة أبواب ثمانية، كل باب لضرب من ضروب البر، وهذا يفتح باباً واسعاً في النظر والدعوة؛ إذ علينا أن نفيد من جميع المسلمين ذكورهم وإناثهم، محسنهم ومقصرهم، كما كان يفعل سلف هذه الأمة (العايد، 1425: 1/65).

ويتضح مما سبق تكامل الجوانب التعبدية والحياتية، فالاستقامة والعمل الصالح نتيجة لازمة وشرط للإيمان بالله تعالى وجوداً وعدماً، والأخلاق والقيم وما يتعلق بالسلوك المرغوب به هدف للإسلام ويدلل على ذلك كثرة انتشار آياته في القرآن الكريم والتي تفوق كثيرا آيات العبادات.

1-   التكامل في الجانب العلمي والمعرفي:

        اهتم الإسلام بالمنهج العلمي والمعرفي التكاملي، فقد جمع بين مصدري الوحي والعقل، ومبادئ المنهج العلمي المستمد من الشرع الإسلامي، وقواعد الوصول للمعرفة الصحيحة البعيدة عن الأوهام والخيال، ويتضح ذلك بما يلي:

لا يشك المسلم بأن المصدر الأول للمعرفة الوحي، حيث أخبر الله تعالى من خلاله أموراً غيبية وعلمية، ثم المصدر الثاني يتعلق بالعقل فكل واحد يؤيد الآخر في انسجام وتكامل لا ينقض أحدهما الآخر.

          فأساس العلم مرده لله تعالى، فعلم آدم- عليه السلام- العلم والأسماء ثم تناقلتها البشرية، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ       ﱦ ﱧ      ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ (سورة البقرة، آية: 31).

وتكمن أبعاد التكامل المعرفي في مصادر المعرفة في الإسلام والتي اتفق عليها العلماء بأن المصدر الأول فيها هو الوحي، الذي كشف للإنسان حقائق ما كان ليصل إليها بدونه، ثم العقل الذي يستطيع كشف أنواع من الحقائق والحس الذي يهيئ للعقل مادة المعرفة، عن طريق المدركات الحسية (الزنيدي، 1412: 96).

        فالوحي هو المنسق والمرشد والهادي بإشاراته المتكررة إلى الموجودات والهيئات والأشكال والأبعاد والحركات في طبيعة الوجود، والعقل بأدواته ينساق إلى تلك الإشارات، ويهتدي بها وفق التنسيق الذي وجد له في طبيعتهما، فالوحي يرشد العقل ويهديه إلى المباشرة والبحث عن حقائق الموجودات والتزود من معانيها المعرفية. فوحي القرآن هو الوحي الذي نسق بين وحي الطبيعة وعقل الإنسان، والعلاقة بينهم علاقة دورية تكمن في التكامل الحقيقي المتلازم في إتمام المهام على وجه الدقة والترتيب (محمود، 2016: 156).

          وفائدة إرشاد الوحي وتوجيهه يوفر للعقل أمرين الأول: أنه يحفظه من التوجه الخاطئ إلى خيالات وموضوعات لا وجود لها في عالم الخلق؛ لأن العقل لا يستطيع الوصول إلى معرفة في غير مادة موجودة. والثاني: أن إرشاد الوحي يحفظ العقل يقظاً إلى الهدف من البحث والمعرفة، وهو معرفة الله تعالى وعبادته لا التجبر والعلو في الأرض، ولأن مصدر هو الله تعالى فلا يدّعيها ويدخله العجب والطغيان (الكيلاني، 1407: 255).

       وقد أمر الله تعالى الإنسان باستخدام وسائل الإدراك والعقل للتفكر في هذا الكون للوصول للمعرفة الصحيحة الدالة على الله تعالى، نظير قوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ  ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ  ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ (سورة العنكبوت، آية: 20)، وقوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ  ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ  ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ (سورة الروم، آية: 8).

       فكل مصادر المعرفة الإنسانية والحقائق المتصلة بالمادة، والمتصلة بما وراءها هي في متناول الإنسان يستطيع أن يتوصل إليها بمداركه العديدة المدرجة المستند بعضها إلى بعض، في غير تنافر ولا تدابر ولا تناشز، ... وتبقى هذه المدركات كذلك متعاونة متساندة لا يمكن أن يحصل بطريق واحد منها ما يتناقض مع الحاصل من مدرك؛ إلا أن بعض ما يقصر عن الإحاطة به وأخذ هاتيك الطريق يمكن أن يتصل به طريق آخر منها حتى تنتهي إلى الإذعان للمدركات الحاصلة بالطريق الخارق للعادة وهو طريق الوحي (ابن عاشور،2003: 12).

       وإن التضاد أو التعارض في ذهن الإنسان بين العقل والوحي إن وقع فهو لنقص في استيعابه أو غفلة عن جانب، أو نقص في الوسائل والأدوات، واستكمال ذلك من شأنه أن يزيل التعارض الموهوم أو المفترض. وأياً كان فإن النص يبقى هو المرجع والأساس، ولا بدّ من حسن فهمه على ضوء الواقع الزماني والمكاني، والإطار اللغوي، وسائر أدوات ووسائل فهم النصوص (النجار، 1413: 19)، ولإزالة ما يُتصور أنه تعارض فيجب مراجعة إما فهمه للوحي، أو مراجعة النتائج العقلية، أو القيام بهاتين العمليتين معاً، فالتوحيد بوصفه مبدا لوحدة الحق ينفي اعتبار التعارض نهائياً (الفاروقي، 1435: 101).

* ومن مظاهر التكامل المعرفي، ما يلي:

أ‌-       التكامل بين مصدري المعرفة؛ الوحي والوجود.

ب‌-    التكامل بين أداتي المعرفة؛ العقل والحس.

ت‌-    التكامل بين المصادر والأدوات (ملكاوي، 2011: 291).

·      ومن التكامل والشمول توجيه القرآن الكريم النظر إلى الآيات الكونية التي تتدبر العلوم الفلكية، والطبيعة وما فيها من عبر بالغة تهدي الناس إلى الإيمان بالله وحده، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ (سورة آل عمران، آية:190-191).

فالمدركات الغريزية تتكامل مع المدركات العقلية لتؤدي إلى المقدمات المفضية إلى تلقي المدركات الغيبية من طريق الوحي وإلى التسليم بها والإذعان لها (ابن عاشور،2003: 12).

وبذلك يحقق هذا المنهج التعادل والتناسق في حياة الإنسان، ويمكنه من الارتقاء الروحي الدائم من خلال حياته الطبيعية المتعادلة، التي لا حرمان فيها، ولا إهدار لمقومات الحياة الفطرية البسيطة (قطب، 1412: 5/2711).

يمكن القول بأن مصادر المعرفة في التربية الإسلامية تنسجم وترتبط ببعضها البعض في تكامل بحيث لا يمكن الاستغناء عن أحدهما دون الآخر، فكل واحد منها يفضي للآخر، ولا يمكن أن يُتصور التناقض بينها، فالوحي يؤكد أهمية ودور العقل في المعرفة، واستدلال العقل الصحيح يؤكد ما جاء به الوحي.

        اتبع الإسلامي مبادئ العلم المنهجية المهمة في الاستدلال العلمي وحصول المعرفة الصحيحة، في شمول وتكامل، بعيداً عن الأهواء ونزوغ النفس في البحث العلمي.

أ- الفهم الصحيح والواعي للمسائل والنصوص، فالفقه والفهم الصحيح يدفع عن صاحبه التحيز؛ بل يكون مرشداً له، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ  ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ  ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ       ﳄ ﳅ      ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ (سورة التوبة،آية:122).

ب- النهي عن الظن: والظن ليس في منزلة اليقين، أو أن ينزل الخرص والتخمين منزلة الترجيح، وذلك مأخوذ من مثل وقوله: ﭐﱡﭐ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲄ ﲅ  ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ (سورة يونس،آية:36).

                   والظن استنتاج عقلي غير دقيق، وصحته محتملة وليست يقينية، واعتماد الظن دليل آخر على إمكانية انجراف العقل آحياناً وراء الأحكام غير الصحيحة أو غير الدقيقة، مما يعزز مقولة " النظام المعرفي الإسلامي بحاجة العقل للانضباط بالمنهجية الصحيحة "، ويكمن الفرق بين الظن والحق في استناد الأول على معلومات غير مكتملة أو غير صحيحة في التوصل إلى الاستنتاج والحكم، أما الحق أو الحقيقة فتمثل فيه كافة شروط المنهجية الصحيحة من معلومات مكتملة وموثوقة الصحة، وتحليل متجرد واستنتاج على قدر المعرفة، لذا فإن الأمر بنبذ الظن واعتباره أساساً غير مقبول – بل وحتى محرم- للمعرفة وتأكيداً على أهمية تقصي البيانات الصحيحة، وأن تكون مكتملة وشاملة (العطية ،2006: 86).

ت - التجرد من الأهواء: وذلك بأن يخالف الموضوعية العلمية مع علمه بذلك، متبعاً أهوائه الشخصية ومغازيه الذاتية، مثل قوله تعالى: ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ  ﲻ ﲼ ﲽ  ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ   ﳆ ﳇ     ﳋ ﳌ ﳍ  ﳎ ﳏ  (سورة القصص ،آية:50)، ونهى الإسلام عن الأهواء لأنها تؤثر على السلوك القويم واتباع الهدى، بل يصبح الهوى آمراً وناهيا،ً ومعلماً لصاحبه، بل ويتجاوز ذلك ليصبح إلهاً، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ      ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ  (سورة الفرقان،آية:43).

ويقصد بالأهواء: النوازع أو الميول الذاتية النابعة من مواقف مبدئية لا علاقة مباشرة لها بموضوع الاختيار، والتي قد ترجح كفة بديل ما على بقية البدائل من دون اعتبار للموضوعية، والأهواء: قوة دافعة مؤثرة في الفكر والسلوك؛ وهذه القوة متغيرة صعوداً ونزولاً حسب التقييم النسبي للفرد، وتختلف سيطرة الأهواء على الإنسان من فرد لآخر (العطية،2006: 52).

ث- النهي عن التقليد الأعمى: والمنهي عنه التقليد دون وعي أو علم، وهو مبدأ مأخوذ من مثل قوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ  ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ  ﱗ ﱘ (سورة البقرة،آية:170).

ج- عدم التسرع في إصدار الأحكام، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ     ﱔ ﱕ ﱖ  ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ  (سورة الحجرات،آية:6).

ح- عدم نشر ما يسمع قبل دراسة المختصين له، وإصدار الحكم عليه: ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ  ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ  ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲑ ﲒ  ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ (سورة النساء،آية:83).

خ - طلب الدليل والبرهان: والبرهان كما يعرفه السيوطي: هو القياس المؤلف من اليقينيات      (السيوطي، 2004: 127)، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ  ﱌ ﱍ ﱎ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ  (سورة النمل،آية:64).

د- العلم لا ينقض بعضه بعضاً فلا تناقض بين حقائق العلم الصحيحة، لئلا يهدم العلم وينتقض، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ  ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ   ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ (سورة الملك،آية:3).

       إن التصور الإسلامي لمناهج البحث العلمي لا يقف بمصادر المعرفة عند المنهج التجريبي وحده، إنه لا يهمله، ولا يقلل من شأنه ولا من شأن ثمراته المعرفية وإنجازاته التقنية الرائعة، فهو أحد ثمرات الحضارة الإسلامية الرائعة للإنسانية كلها. لكنه لا يقول بأنه السبيل الوحيد للمعرفة؛ فهناك المعرفة الربانية الصحيحة المتمثلة في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم- وهناك المنهج الاستقرائي الاستنباطي، وهناك المنهج العلمي للنظر العقلي، وهو منهج التفكير القائم على العلم والخبرة، وتمحيص الحقائق، وعدم التأثر بمقررات سابقة لا برهان عليها، وعدم الاعتماد على الظن، وطلب الدليل في كل اعتقاد (مدكور، 2001: 181).

     فالإسلام يقرر منهجه العلمي، واستمداد وتلقي العلم والمعرفة من مصدرهما من الوحي والاستدلال العقلي الصحيح، بعيداً عن ميول النفس وأهوائها، وحصول المعرفة اليقينية.

·      التكامل في قواعد الوصول للمعرفة الصحيحة:

ومن القواعد التي حث الإسلام على اتباعها للوصول للمعرفة الصحيحة، والتي أقرها من خلال آيات القرآن الكريم، ما يلي:

أ- المشاهدة والملاحظة والنظر والبحث: وهي وسائل للوصول للحقيقة، والقرآن حث الناس لاستعمال الحواس مع العقل، والبحث عن كيفية حصول ظواهر الطبيعة، نظير قوله تعالى:      ﭐﱡﭐ    ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ  ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ  (سورة النحل،آية:78).

-  ب- القياس: وهو تركيب مقدمات ينتج بعضها نتيجة يلزم منها، ومن مقَدمة أخرى نتيجة أخرى إلى أَن يوصل المطلوب ( السيوطي، 2004: 126)، وهو قياس حكم به نص، على حكم أو مسألة لا نص فيها لاشتراكهما في العلة، وهذا مأخوذ من قوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ  ﲑ ﲒ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲙ ﲚ ﲛ  ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ  ﲧ ﲨ ﲩ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ  ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ (سورة الحشر، آية: 2)، والقياس مساواة فرع لأصل في علة الحكم، والدليل ﴿فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ، ووجه الدلالة أن الاعتبار هو القياس، والآية أمرت بالاعتبار مما حدث للأمم السابقة، فأرشد الله تعالى عباده بالاعتبار مما حدث لهم، وأن يقيسوا ما حدث للأمم على أنفسهم، والأمر يفيد الوجوب، فيكون القياس واجبًا على المجتهد، وإذا كان القياس واجبًا على المجتهد؛ فيجب عليه أن يلتزم بالحكم الذي وصل إليه اجتهاده (الزحيلي،2006: 1/241).

ت- الاستدلال: وهو أن يستخدم الدليل على قضية ما، ففيها تعويد العقل الاستدلال بعد النظر والتأمل، ﭧﭐﭨﭐ ﱡﭐ ﱑ ﱒ ﱓ   ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ    ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ    ﱢ ﱣ ﱤ  ﱦ ﱧ ﱨ  ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ  ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ   ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ  ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ  ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ  ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ  ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ (سورة الأنعام،آية:75-79).

ث- الاستقراء: وهو الحكم على كلي لوجوده في أَكثر جزئياته (السيوطي، 2004، 126)، كما في قصة إبراهيم - عليه السلام – عندما أراد أن يتعرف على وجود خالق هذا الكون، فتتبع المنهج الاستقرائي في الوصول لحقيقة الخالق.

ج- الاستنباط: وهو مشهور عند علماء الشرع، من خلاله تستنبط الأحكام الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية، وقد أمر الله برد هذا النوع للعلماء والمتخصصين، ﭧﭐﭨﭐ     ﱡﭐ ﱺ ﱻ ﱼ      ﱿ  ﲀ ﲁ ﲂ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ    ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ  ﲎ ﲏ                  ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ    (سورة النساء، آية:83).

ح- التجربة العملية: والتطبيق العملي هو أفضل طريقة للتعلم، وقد استخدمها القرآن الكريم، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱊ ﱋ  ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ  ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ  ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ  (سورة البقرة: آية،260).

        لذلك نجد حرص الإسلام على تكامل قواعد الوصول للمعرفة الصحيحة وعدم التسرع في اصدار الأحكام لئلا يقع في الأخطاء، وأن يكون العلم نقياً من الشوائب غير اليقينية للمعرفة والذي لا ينتج عنه علماً صحيحاً، فهذه الضوابط والمبادئ تبين اشتمالها على العمليات العقلية الدنيا والعليا للإنسان، فكل واحدة منها يناسب عقلاً بشرياً.

2-   التكامل في نظرة الإسلام للإنسان "البعد المقاصدي":

       اهتمت الشريعة الإسلامية للبعد المقاصدي للإنسان، وقد حافظت عليه في كل أحوال حياته، في دينه، ونفسه، وعقله، وعرضه، وماله، وما يؤول إليهم، وكذلك في البعد المقاصدي الآخر وهو الحفاظ على الكون وانتفاع الإنسانية منه.

            ومن التكامل في مصالح العباد ودفع مضارهم نوعان: أخروية ودنيوية، جعلوا الأخروية ما في سياسة النفس وتهذيب الأخلاق من الحكم، وجعلوا الدنيوية ما تضمن حفظ الدماء والأموال والفروج والعقول والدين الظاهر، وأعرضوا عما في العبادات الباطنة والظاهرة من أنواع المعارف بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله وأحوال القلوب وأعمالها كمحبة الله وخشيته وإخلاص الدين له والتوكل عليه والرجاء لرحمته ودعائه وغير ذلك من أنواع المصالح في الدنيا والآخرة، وكذلك فيما شرعه الشارع من الوفاء بالعهود وصلة الأرحام وحقوق المماليك والجيران وحقوق المسلمين بعضهم على بعض وغير ذلك من أنواع ما أمر به ونهى عنه، حفظا للأحوال السنية وتهذيب الأخلاق، ويتبين أن هذا جزء من أجزاء ما جاءت به الشريعة (ابن تيمية،2005: 32/ 234).       

         فقصد الشرع قد انصرف ابتداءً إلى درء المضرات على الناس وجلب المسرات الدنيوية والأخروية لهم، فالنظام المقاصدي ركب أصلاً من أجل تحصيل كلي عظيم يفتقر إليه الوجود البشري بفطرته التي فطره الله عليها، وهو مقصد الاستخلاف الذي تنبني عليه كل المقاصد الأخروية وتصدر عنه منظومة المصالح البشرية، ففي كلية الاستخلاف التي هي أصل الكليات نجد مصالح المجتمع، كما نجد فمصالح الإنسانية من حفظ الدين والنفس والعقل والمال والنسل أمور مطلوبة شرعاً لكن كلية الاستخلاف الكبرى التي بعث الخطاب الإلهي من أجل تحقيقها لا تقتصر على القضايا الخمسة، لكنها تتعدى لتنبه إلى قضية أخرى في غاية الأهمية، ولن تتحقق مصالح العباد على الوجه المطلوب إذا لم تراع، وهذا معناه أن النظام المقاصدي القائم يحتمل إضافة كليات يمكن مما دل عليه الشرع على اعتبارها وجاء أصلاً للمحافظة عليها ( ابن مبارك، 1995: 46)

        والقيم في الإسلام هي التي تشكل المقاصد الحركية للإسلام ومصالحه في تحريك الحياة، ويعبر عنها هذه بالمنافع التي قصدها الشارع، والتي يتحقق بها صلاح الإنسانية في الحال وفلاحها في المآل، أي: سعادتها في الدارين ابتداءً وانتهاءً، وتشكل روح بمجموعها، روح شرعة الإسلام ومنهاجه، فهي مرتبطة وجوداً وعدماً؛ إذ من خلال هذه القيم يظهر تمايز الشرعة الإسلامية عن غيرها.

ومقاصد الدين الخمسة، والتي يسعى الإسلام لتحقيقها والحفاظ عليها هي:

أ‌-       الدين: وهو الإطار المرجعي التأسيسي للأمة.

ب‌-   النفس: حفظ النفس للفردية والجماعة للأمة.

ت‌-   المال: حفظ المال وما يقوم عليه من عمليات التنمية والعمران.

ث‌-   العقل: حفظ العقل وما يحمله من عناصر التكوين الثقافي وترسيخ عناصر القيم المتعلقة به.

ج‌-    النسل: حفظ الكيان واستمراره في إطار العمارة الإنسانية وتنمية الموارد البشرية (الخطيب ،2010: 25)

          وقصد الشارع المحافظة على الضروريات، وما رجع إليها من الحاجيات والتحسينيات، وهو عين ما كلف به العبد، فلا بد أن يكون مطلوباً بالقصد إلى ذلك، وإلا لم يكن عاملاً على المحافظة لأن الأعمال بالنيات، وحقيقة ذلك أن يكون خليفة الله في إقامة هذه المصالح، بحسب طاقته ومقدار وسعه، وأقل ذلك خلافته على نفسه، ثم على أهله، ثم على كل من تعلقت له به مصلحة (الشاطبي: د.ت ،2/331).

         وتتكامل نظرة الإسلام للإنسان، فأثبت فطرته الخيرة منذ ولادته، والتأكيد على دور البيئة الاجتماعية، فالتنشئة تلعب دوراً أساسياً في تشكيل ديانته وعدوله عن الفطرة القويمة، كما في الحديث : (مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلاَّ عَلَى هَذِهِ الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ كَمَا تَنْتِجُونَ الإِبِلَ فَهَلْ تَجِدُونَ فِيهَا جَدْعَاءَ حَتَّى تَكُونُوا أَنْتُمْ تَجْدَعُونَهَا قَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ أَفَرَأَيْتَ مَنْ يَمُوتُ وَهُوَ صَغِيرٌ قَالَ اللهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ) (ابن حنبل- 8296 -  مسند أبي هريرة ).

            وتتكامل نظرته عن التسيير والتخيير للإنسان، فهو مسير في الأشياء التي لا يؤثر فيها كدقات القلب وغيرها، ومخير في الأمور التي يملك فيها التخيير كالإيمان والكفر وغيرها، ومع ذلك فالإنسان غير محاسب عن الأمور المسير فيها، لكنه محاسب ومسؤول عن اختياره.

     ومن مظاهر التكامل كذلك اختياره للسنن الإلهية أو الكونية فهي لا تجري من فوق الإنسان بل من تحت يده باختياره وإرادته، بعيداً عن توهمات بعضهم من أن هناك تناقضاً بين حرية الإنسان واختياره، وبين سنن الله في كونه وأقداره النافذة (الخطيب،2010: 180).

      ومنها كذلك التكامل الحضاري بالانفتاح على الآخرين، والاستفادة من موروثهم وأسباب تقدمهم ورقيهم النافع دون الإخلال بمبادئ الشرع، فينطلق في انفتاحه للتعارف، ومعرفة المفيد والجديد للأمة، وترك شوائب الأمم دون الأخذ بها، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ  ﱥ ﱦ  ﱧ ﱨ  ﱩ ﱪ  ﱫ ﱬ  ﱭ ﱮ ﱯﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵﱶ  ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ (سورة الحجرات،آية:21).

        وتكمن الحكمة من توزيع الله – سبحانه وتعالى- المواهب والإمكانات على الأمم والشعوب؛ ليكون ذلك دافعاً للقاء والتنافع والتعاون، وتكون الحضارة الإنسانية المتكاملة هي جماع حضارات وإمكانات ومواهب الأمم والشعوب وتفاعلها أخذاً وعطاءً، فهذه الحضارات المتنوعة والمختلفة والمتفرقة هي في الحقيقة تصب وتتكامل مع حضارة الإنسان كل الإنسان، فالتكامل الحضاري من لوازم الخلق (زهرة،2014: 17).

        وقد فتح المنهج الإسلامي باب الاستفادة من الحضارات الأخرى بشروط وضوابط (يوسف، 2014: 41).   

          ومن نظائر المنهج التكاملي والذي له بُعدٌ مقاصدي؛ التكامل بين الرقابة الداخلية والخارجية، فالرقابة الداخلية في حقيقتها استشعار لرقابة الله تعالى، وأنه محاسبه عما يصدر منه، قال تعالى: ﱡﭐ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ  ﱫ ﱬ ﱭﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ  ﱶ ﱷ ﱸﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿﲀ  ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ (سورة البقرة، آية :284).

          والإسلام سعى لتحقيق الرقابة الداخلية الذاتية لدى المسلم، والمتمثلة في رقابة الضمير النابعة من خشية الله وراحة النفس (عباس،2011: 94)

 ومن الآيات التي تبين هذا المقصد، ﭧﭐﭨﭐ              ﱡﭐ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ     (سورة غافر:آية،19)، وتكمن تلك الرقابة في تصحيح الانحرافات، وإثابة المحسن ومعاقبة المسيء، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﳑ ﳒ ﳓ ﳔ ﳕ ﳖ ﳗ ﳘ ﳙ ﳚ  ﳛ ﳜ ﳝ ﳞ ﳟ ﳠ ﳡ(سورة النجم،آية:39-41).

        كما وتتكامل الرقابة المجتمعية ما بين الذاتية للمسلم والخارجية في المجتمع، ويظهر ذلك جلياً بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لتكون ثقافة لدى المجتمع لتعديله وتصحيح مساره، نظير قوله تعالى: ﱣﭐ ﱎ ﱏ    ﱑ ﱒ     ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙﱚ ﱧ (سورة آل عمران، آية :110).

         ومن مظاهر الرقابة المجتمعية على الأفراد في السنة النبوية، ما رواه أبو هريرة – رضي الله عنه- أن رسول الله مرّ على صُبْرَةِ فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بَلَلًا، فقال: (مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟ قَالَ أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ، مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي) (صحيح مسلم- 102 - باب: من غشنا فليس منا).

           لذا فمعاقبة المخالف أمر ضروري؛ لأن أي مخالفة لا تقابل بالجزاء المناسب لا بد أن تثمر مخالفات أخرى متعددة أعظم منها (الشعراوي،1997: 17/ 10766).

          والسنة النبوية رسخت مفهوم المسؤولية عند المسلم في كل ما أنيط به، قال ﷺ: (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) (صحيح البخاري- 2409 - باب: العبد راع في مال سيده).

      وتعرف المسؤولية بأنها " شعور الكل بالالتزام بالسلوك الذي يتفق مع القواعد الأخلاقية، والقيم الحضارية في انجاز العمل، وتحقيق أهدافه، واستعداده لتحمل نتائج التزاماته، وقراراته، واختياراته العلمية، من الناحية الايجابية والسلبية أمام الله ثم أمام ضميره وأمام المجتمع (ياغي، 2012: 71).

       وإذا استشعر الانسان المسؤولية، وأنه سيجازى على كل شيء، فالحركة التي يتحركها في الحياة إما ثواباً أو عقاباً، والتوجه إلى السلوك ومراقبته ومراقبة الذات ومراقبة الأعمال، يصبح ملتزماً بالقيم والمثل العليا التي يربيه الدين على احترامها، فتنضبط بذلك مطالبه من حقوقه ورغباته حتى مع مخالفيه، وتحمل مشاق البناء الصالح بحاجة على دوافع تنبع من الشعور بالمسؤولية والاحساس بالواجب (الخطيب،2010: 46- 47).

يظهر مما سبق حرص الإسلام على تكامل المسؤولية سواء الفردية أو المجتمعية، وتنمية الوازع الديني الداخلي واستشعار رقابة الله - تعالى عليه- ليكون دافعاً لهم لإتمام العمل واتقانه على أكمل وجه، وما يحققه من فائدة متحققة للمجتمعات الإسلامية.

3-   التكامل في الجانب الاقتصادي:

        لم يغفل التشريع الإسلامي عن توضيح الجانب الاقتصادي، حيث سن القوانين التي تحدد وتضبط التعامل الاقتصادي لئلا يخرج عن طريقه القويم، فضبط العلاقة بين الملكية الفردية والجماعية، وتحريك الحياة الاقتصادية وفق الشرع.                                   فالنظام المالي الإسلامي لم يكن لبيئة مكة وحدها، أو المدينة، أو الجزيرة العربية، ولم يقتصر على بيئة تجارية، أو زراعية، أو صناعية، ولعل الأديان السابقة لم تأت بنظام اقتصادي عالمي متكامل؛ لأنها كانت محددة الزمان والمكان والمذاهب الاقتصادية الوضعية كل مذهب نظر إلى البيئة التي نشأ فيها، والظروف المحيطة (السالوس، د.ت:77).

        ومن جانب آخر شرع الإسلام أحكاماً لنقل الأموال بين الأفراد، وعدم احتكارها في يد الأغنياء، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ  ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ  ﲋ ﲌ ﲍ ﲎﲏ    (سورة الحشر، آية:7)، فالآية تتضمن قاعدة ألّا يكون المال دُولة بين الأغنياء، ممنوعاً من التداول بين الفقراء. فكل وضع ينتهي إلى أن يكون المال دُولة بين الأغنياء وحدهم، هو وضع يخالف النظرية الاقتصادية الإسلامية، كما يخالف هدفاً من أهداف التنظيم الاجتماعي كله. وجميع الارتباطات والمعاملات في المجتمع الإسلامي يجب أن تنظم بحيث لا تخلق مثل هذا الوضع أو تبقي عليه إن وجد (قطب،1412: 6/ 3524).

         ومن الجدير ذكره أن  دعاة المذاهب الاقتصادية الفاسدة، يحتجون بهذه الآية على مذهبهم الفاسد، ويقولون: ويجوز للدولة أن تستولى على مصادر الإنتاج ورؤوس الأموال، لتعطيها أو تشرك فيها الفقراء، وما يسمونهم طبقة العمال، وهذا على ما فيه من كساد اقتصادي، وفساد اجتماعي، قد ثبت خطؤه وظهر بطلانه مجانباً لحقيقة الاستدلال، لأن هذا المال ترك لمرافق المسلمين العامة، من الإنفاق على المجاهدين، وتأمين الغزاة في الحدود والثغور، وليس يعطى للأفراد كما يقولون، ثم- هو أساساً- مال جاء غنيمة للمسلمين، وليس نتيجة كدح الفرد وكسبه الحلال، ولما كان مال الغنيمة ليس ملكا لشخص، ولا هو- أيضاً- كسب لشخص معين، تحقق فيه العموم في مصدره، وهو الغنيمة، والعموم في مصرفه وهو عموم مصالح الأمة، ولا دخل ولا وجود للفرد فيه، فشتان بين هذا الأصل في التشريع، وهذا الفرع في التضليل( الشنقيطي ،1995: 8/32).

         والإسلام لا يرى في الادخار فضيلة؛ بل يعدّ المال سبباً للتنمية الاقتصادية،   ﭐﭨ  ﱡﭐ  ﱡ ﱢ  ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ  ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰﱱ  ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ  ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ (سورة التوبة،آية:34)، ومن كنزهما فقد ظلمهما، وأَبطل الحكمة فيهما، وكان كمن حبس حاكم المسلمين في سجن، يمتنع عليه الحكم بسببه؛ لأنه إذا كنز فقد ضيع الحكم، ولا يحصل الغرض المقصود به، وما خلقت الدراهم والدنانير لزيد خاصة، ولا لعمرو خاصة، إذ لا غرض للآحاد في أعيانهما، فإنهما حجران وإنما خلقا لتتداولها الأيدي؛ فيكونا حاكمين بين الناس (الغزالي، د.ت: 4/91).

        والحكمة في تحريم اكتنازهما، إشارة إلى أن الذهب والفضة هما أساس التعامل في تسيير حركة العالم الاقتصادية، وأن هذا التعامل يقتضي الحركة الدائمة للمال؛ لأن وظيفة المال هي الانتفاع به في عمارة الأرض، ولو أنك لم تحرك مالك وكنت مؤمناً، فإنه ينقص كل عام بسبب الزكاة، ولذلك سيفنى هذا المال في مدة زمنية. فإن أراد المؤمن أن يُبْقي على ماله؛ فيجب أن يديره في حركة الحياة ليستثمره وينميه ولا يكنزه حتى لا تأكله الزكاة؛ وهي نسبة قليلة تُدفَعُ من المال، ولكن إذا أدار صاحب المال ما يملكه في حركة الحياة، فسينتفع به الناس وإن لم يقصد أن ينفعهم به (الشعراوي،1997: 8/5060).

            ومن مظاهر التكامل الاقتصادي عدم إكهال الناس بعبء التعامل بالربا وتحريمه، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ    ﱵ ﱶ ﱷ ﱸﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ  (سورة البقرة،آية:276)، والربا يثقل الصناعة بالفوائد الربوية التي تضاف إلى أصل التكاليف، ويثقل التجارة والمستهلك بأداء هذه الفوائد التي يفرضها على الصناعة. وهو في الوقت ذاته- كما تجلى ذلك في النظام الرأسمالي - يوجه الصناعة والاستثمار كله وجهة لا مراعاة فيها لصالح الصناعة، ولا لصالح الجماهير (قطب،1412: 2/639).

ومن التكامل في الجانب الاقتصادي توزيع الغنائم على الفاتحين ولغيرهم من ذراري المسلمين اللاحقة، في ارتباط عاطفي جميل، ويظهر هذا المقصد في سورة الحشر من الآية (7-10)، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ  ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ  ﲋ ﲌ ﲍ ﲎﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ  ﲕ ﲖ ﲗﲘ ﲙ ﲚﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ  إلى قوله تعالى:ﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ  ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ  ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ (سورة الحشر ،آية:7-10).

 والتنمية المستدامة في جوهرها هو التفكير في مستقبل الأجيال القادمة حيث إن الفيء تم تقسيمه ومراعاةً لصالح الأجيال القادمة ترك لهم ما لم يقسم، فلم يُعلم شيئ مما فتح عنوة قسم بين المسلمين إلا خيبر، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قسم نصفها فصار ذلك لأهله (يعنى ملاكه) لا خراج عليه، وسائر ما فتح عنوة مما فتحه عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - ومن بعده كأرض الشام والعراق ومصر وغيرها، لم يقسم منه شيء (ابن قدامة، 1997: 4/ 187).

فعنصر الزمن والمستقبل هو أهم ما يميز التنمية المستديمة، بعكس المفاهيم التنموية الأخرى التي تتجاهل البعد المستقبلي وتتغاضى عن احتياجات الأجيال المقبلة (كنفوش، د.ت: 29)

         وما يدلل على رعاية مصالح الأجيال القادمة ما ورد عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه- قدم الجابية، فأراد قسمة الأرض بين المسلمين، فقال له معاذ: والله إذاً ليكوننّ ما تكره، إنك إن قسمتها اليوم صار الريع العظيم في أيدي القوم، ثم يبيدون فيصير ذلك إلى الرجل الواحد والمرأة، ثم بعدهم قوم أخر يسدون من الإسلام مسداً وهم لا يجدون شيئاً، فانظر أمراً يسع أولهم وآخرهم (الهروي، د.ت: 74).

      وبهذا علمتنا الآيات الكريمة أن الأمة كلها وحدة متكاملة على اختلاف الأمكنة، وامتداد الأزمنة، وأنها -على مر العصور- حلقات متماسكة، يعمل أولها لخير آخرها، ويغرس سلفها ليجني خلفها، ثم يأتي الآخر فيكمل ما بدأه الأول، ويفخر الأحفاد بما فعله الأجداد، ويستغفر اللاحق للسابق، ولا يلعن آخر الأمة أولها (القرضاوي، د.ت: 1/ 358).

       ومن التكامل في الجانب الاقتصادي التوازن بين مصلحة الفرد والجماعة في الأعمال والصناعات: فلا يحتكر الفرد صنعةً لا يقوم بها إلا هو، أو مما يحتاجه الناس فيضرهم ويشق عليهم في معايشهم، بل يجبر عليها إجباراً للقيام بها تلبية لمن احتاجها. إن هذه الأعمال التي هي فرض على الكفاية متى لم يقم بها إلا الإنسان بعينه صارت فرض عين عليه، إن كان غيره عاجزاً عنها، فإذا كان الناس محتاجين إلى فلاحة قوم أو نساجتهم أو بنائهم صار هذا العمل واجباً يجبرهم ولي الأمر عليه إذا امتنعوا عنه بعوض المثل، ولا يمكنهم من مطالبة الناس بزيادة عن عوض المثل (ابن تيمية،2007: 255).

وهذا لا نراه في أي مذهب آخر؛ فالرأسمالية اتجهت نحو الفرد وإشباع رغباته دون حدود أو قيود، فلا يجبر على شيء مما سبق أو مثله. والماركسية ألغت مصلحة الفرد إلغاءً تاماً، وهكذا نجد اتجاهين متعارضين متناقضين: الاتجاه الفردي، والاتجاه الجماعي، ويبقى الاقتصاد الإسلامي متميزاً (السالوس، د.ت:65).

بتحقيق التكامل بين كل الأجيال حيث مبدأ لا نهائية الموارد وضبط الحاجات فلا يسعى جيل بعينه للتمتع والاستفادة أو الاستئثار بكل طاقات الكون على حساب آخر؛ بل يقوم كل جيل بمزيد من الواجبات التي تحفظ حياة الجيل الآخر (الخطيب ،2010: 121).

نرى مما سبق ذكره أن الإسلام نظر للجانب الاقتصادي نظرة تكاملية في تحريك الحياة الاقتصادية، بحيث يستفيد منه الناس دون بخس أو غرر، وبما يحقق التنمية المستدامة منه للأجيال الأتية، وبما تضمن حقوق واحتياجات المسلمين الآنية والمستقبلية.

4-   التكامل في مكونات الحضارة الإسلامية:

سعى الإسلام للدمج بين المكونات الحضارية لتحقيق النهضة الإسلامية المنشودة، وإقامة البنيان الإسلام الصحيح، فقد اهتم الإسلام بجوانب تلك المكونات المادي والمعنوي.

ويظهر ذلك جلياً في نظير قوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳐ ﳑ ﳒ ﳓ ﳔ ﳕ (سورة القصص، آية:77)، وهكذا يحقق هذا المنهج التعادل والتناسق في حياة الإنسان، ويمكنه من الارتقاء الروحي الدائم من خلال حياته الطبيعية المتعادلة، التي لا حرمان فيها، ولا إهدار لمقومات الحياة الفطرية البسيطة (قطب، 1412: 5/2711).

أ‌-         حضارة لا تحدها حدود ضيقة من الفكر، فتحجبها من أي كمال من الكمالات.

ب‌-     لا تحدها حدود ضيقة من النفس فتحصرها ضمن الدوائر الأنانية العنصرية أو القومية أو الطبقية، أو غيرها.

ت- لا تحدها حدود مكانية، ولا حدود زمانية، لتكون هدفاً لإقامة الحضارة الإسلامية فيه (حنبكة،1998: 119).

ولقد كانت الحضارة الإسلامية من أثر إنسان صنع حضارة أكسبها مما اكتسب، وأفاء عليها مما أفاء الله عليه، حتى فاضت بما فيها من انسجام مع غيرها من الحضارات (ابن عاشور،2003: 12).

أ- أسسها الفكرية غير شاملة لكل ما في الحياة من مجالات التقدم والارتقاء، فإذا اهتمت بالجانب الوجداني النفسي أهملت المجالات الأخرى العلمية والجسدية، وميادين العمل والإنتاج والابتكار والتحسين، وإذا اهتمت بالمجال المادي أهملت المجالات الأخرى الخلقية والسلوكية، ومجالات السمو النفسي الوجداني، وهكذا حالها بين اهتمام في جهة، وتقصير في أخرى.

ب- وكذلك أسسها النفسية غير شاملة، فهي في معظم أحوالها سجينة الدوائر الأنانية، العنصرية، أو القومية، أو الطبقية، أو غيرها، فلا هي منطلقة وراء حدود دوائرها الأنانية إلى الشمول الإنساني بوجه عام، ولا هي مفتحة أبوابها لاستقبال الواردات الكريمات، المشبعات بإرادة الخير للإنسانية جمعاء.

ت- وأما عن ميادين نشاطها فهي محدودة لا تتجاوز رقعات من الأرض متميزة الحدود، أو هي محدودة في طائفة من المجالات دون غيرها.

وهكذا نلاحظ أن الأسس الفكرية، والنفسية، والمادية، لمعظم هذه الحضارات البشرية قاصرة، تدور ضمن حدود فكرية ونفسية ومادية غير شاملة (حنبكة،1998: 117).

         ومما سبق يتضح أن الإسلام قد جمع بين مكونات الحضارة والنهضة الإسلامية الجانب المادي والمعنوي لتكون بقاع الأرض هدفاً لتلك الحضارة الخالدة على مرِّ العصور والأزمان، وبما يضمن تحقيق الاستخلاف في الأرض، وانتشار دين الله تعالى.

رابعاً: أثر المعرفة التكاملية في الاسهام الفكري والحضاري الإنساني.

·          ما يتعلق بخصائصها:

1-    تعتمد المعرفة التكاملية في الإسلام على التلقي من الأساس المعرفي للبشرية، ومن تعليم الله تعالى للإنسان الأول آدم- عليه السلام- ثم استمدادها من الوحي، تلك المعرفة التي تخلو من رصيد المعرفة اليقينية، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ   ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ       ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ (سورة البقرة، آية:151).

2-    المعرفة لا تقتصر على البيئة التي نزل فيها القرآن؛ بل تتسع للبشرية بأكملها ونشر قيمها وهديها القويم، وبما يتوافق مع قوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ    ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ    (سورة سبأ، آية:28)، نعلم يقيناً بأن طرح فكرة العالمية إسلامياً هو البديل الذي بمقدوره حل الأزمة الإنسانية الراهنة على جميع الأصعدة (ابن مبارك ،1995: 73).

3-    توازن تلك المعرفة بين ما يتعلق بالحياة والإنسان والكون، وحاجات الروح والجسد في استهداف شامل ومتوازن، فالمعرفة التي لا يتكامل جميع مكوناتها تبقى ناقصة، مما يؤثر سلباً على ما ينتج عن ذلك.

4-    والتوازن بما يخص الاقتصاد لا يوجد في أي مذهب آخر؛ فالرأسمالية اتجهت نحو الفرد وإشباع رغباته دون حدود أو قيود. والماركسية ألغت مصلحة الفرد إلغاءً تاماً، وهكذا نجد اتجاهين متعارضين متناقضين، ويبقى الاقتصاد الإسلامي متميزاً بخصيصة التوازن (السالوس، د.ت:65).

5-    المعرفة التكاملية تؤكد مفهوم النفع في الإسلام، يفيد بها الغير ويستفيد من الغير، فلا احتكار لها، فالكون هو ملك جميع الأجناس يجمع بينهم في الإخوة الإنسانية، وهذا من معاني التعارف كما في قول الله تعالى: ﱡﭐ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱷ ﱸ   ﱹ ﱺ ﱻ (سورة الحجرات، آية:13).

6-    الوسطية في مفهوم المعرفة بحيث لا يطغى جانب على آخر، فلا إفراط فهمها وما ينتج عنها أو تفريط، وهذا وقع به اليهود والنصارى وما نتج عن ذلك من فكر ومعتقدات وسلوك يخالف ما نزلت به الشرائع، ويشهد بذلك آيات القرآن الكريم.

7-    تؤكد المعرفة التكاملية على واقعيتها من حيث الفكر والسلوك، وأحكامها مبنية على استطاعة وقدرة المكلفين، ورفع الحرج عند وجود المشقة وإلا وجد الترخيص والتيسير على الناس.

8-    ومن التكامل المعرفي للمنهاج الإسلامي أنه تدرج عبر التاريخ الزماني مع النبوات السابقة؛ فالصورة الأخيرة التي انتهت إليها النبوة لا تخص فترة النبوة الخاتمة، ولا تقتصر عليها من الناحية الزمانية والمكانية والحضارية والثقافية، وإنما هي في الحقيقة ثمرة النبوة التاريخية بكل بنائها وعطائها، وإن النبوة هي اللبنة في هذا البناء المتكامل الكامل (ابن المبارك1995: 26).

·          ما يتعلق بمظاهرها:

1-    الـتأكيد على الربط بين الجانب الإيماني والسلوكي، فهو محدد للسلوك الإنساني، كما ويعدّ الحصن الحصين للمسلم، بحيث لا يخرج عن المنهج المرسوم له من الله تعالى، وإلا أدى ذلك لظهور الغلو والانحلال الأخلاقي، وتنوع الثقافات الدخيلة المناقضة للدين، والتي يراد منها ابعاد المسلم عن شرع الله، لذلك نجد بأن كل عبادة من العبادات المشروعة لها دورها في تعزيز النهوض بالأمة، فكلما زاد وقوي الجانب الإيماني زادت وظهرت آثاره على الفرد والمجتمع، فدلائل الإيمان بالله تعالى هو التطبيق العملي له.

2-    لا ينصلح خلل انفصام الجانب العقدي والإيماني عن العمل إلا بتعدية التوجيه العقدي إلى العمل بعد تعديه إلى الفكر، وأن تكون التعدية بحضور المعاني العقدية حضوراً دائماً في ضمير المسلم حال مباشرته للعمل (النجار1995: 78).

3-    توسع المنهج المعرفي التكاملي في الإسلام بمحددات المعرفة الصحيحة وطرق الحصول عليها، فربط بين النقل من الوحي وما أنتجه العقل البشري في انسجام تام دون تعارض أو تصادم، فلا يومن إلا أن تكون دقيقة ضمن منهجية علمية تخلو من الأهواء الشخصية، تسعى لما هو جديد من المعرفة، بعيداً عن التقليد المذموم، مرسخاً لقواعد الوصول لها، وكل ذلك أثرى الحضارة الإسلامية بمنجزات علمية يشهد لها العالم قديماً وحديثاً، وقد نبغ علماء المسلمين في كل مجالات العلم والمعرفة وتفوقهم على غيرهم، وما تفوق الغرب في حضارتهم إلا بالاستفادة من تلك المنجزات.

4-    الوحي يرشد العقل ويهديه إلى المباشرة والبحث عن حقائق الموجودات والتزود من معانيها المعرفية (محمود، 2016: 156).

5-     من معاني التكامل المعرفي إعمال هذه المنهجية في فهم العلوم المعاصرة والتعامل معها، وبناء شخصية إسلامية معاصرة تتصف بالتماسك والفاعلية، وكذلك تمكين الأمة من الإسهام المتميز في الحضارة الإنسانية وترشيدها بهداية الوحي الإلاهي (ملكاوي، 2011: 291).

6-    يؤكد الإسلام من خلال قواعد العلم والمعرفة الصحيحة على التربية العقلية، والناقدة، والابداعية في حياة المسلم وفي مجالات الحياة المتعددة.

7-    والنظرة الجامعة هي النظرة القرآنية الإسلامية الأصيلة، نظرة التكامل والتوازن لإقامة بناء ثقافي حضاري جامع تتمثل فيه كل القوى؛ الروحية، والنفسية، والمادية، والوجداني، وكل ما يتصل بالقلب والعقل والجيم، وكل مطامح الفكر ومطالب الغرائز، حتى تصدر عن موازنة شاملة تحفظ الإنسان من شر الانحراف نحو محور المادية الخالصة أو الروحية الخالصة، أو نحو الرهبانية أو الإباحية، أو العقلانية أو الوجدانية؛ ذلك أن الإنسان في تركيبه متكامل، ولذلك كان لا بدّ أن تكون نظرته إلى الكون والوجود والحياة متكاملة جامعة (الجندي، 2012).     

8-    ربط الاقتصاد الإسلامي بالدين ليكون سياجاً وحامياً له، فلا تستأثر فئة قليلة من المحتكرين له في رقاب ومصير الناس، أو عدم تنعم الناس بنعم الله تعالى، وظهر ذلك في كثير من الأزمات الاقتصادية التي ضربت بأطلالها على كثير من الدول الغربية حيث عانت من الكساد والاستغلال والبطالة، وفي تلك الأثناء لم تتأثر بعض الاقتصاديات الإسلامية وظهور من ينادي بتطبيق البديل الإسلامي.

9-    أسس الإسلام مبدأ التكامل بين الأجيال الحاضرة واللاحقة من خلال تنمية اقتصادية مستدامة وتوزيع عادل ليتفادى الإسلام خطأ الرأسمالية التي تؤثر مصلحة الجيل الحاضر ومنفعته، مغفلة -في الغالب- ما وراءه من الأجيال، كما تجنب خطأ الشيوعية التي تتطرف كثيرًا إلى حد التضحية بجيل أو أجيال قائمة، في سبيل أجيال لم تطرق بعد أبواب الحياة (القرضاوي، د.ت: 1/ 358).

10-      التأكيد على أهمية وتكامل الجانب المادي للحضارة كما اهتم الغرب به، لكن ومع ذلك ربط الإسلام بين البعدين المادي والمعنوي لمكونات الحضارة، فلا حضارة ما لم تكن منضبطة بشرع سماوي وإلا تغول بعضها على بعض.

11-      من معاني التكامل التفاعل الحضاري والذي أصبح ضرورة لابد منها لتحقق التقدم في كل ما من شأنه أن يأخذ بيد الإنسان نحو حياة أفضل بخلاف العزلة الحضارية التي تحول دون انسياب المعرفة بين الأمم، فلم يعد بإمكان أية أمة أن تتقوقع على نفسها وتبتعد عن الآخرين في ظل ضغوط القضايا المشتركة، وتتشابك العلاقات الإنسانية ووجود تحديات لا يمكن لأي أمة مهما بلغت من قدرة أن تواجهها بمفردها، والتطور الحضاري نتاج تواصل دائم وتفاعل مستمر بين الأمم، مما يعني أنه كلما ازدادت فرص الالتقاء ازدادت فرص التفاعل والتطور (زهرة ،2014: 48).

12-والإنجاز الحضاري للإسلام يتسم بصفة الشمول والتكامل؛ لأنه تكامل مع إبداعات كافة الشعوب في جميع أنحاء الأرض، وتلاقح أفكارها ونتاج تبادل ثمرات معارفها وخبراتها وإنجازاتها العلمية، فهي ليست ملكاً لأمة دون غيرها، وإنما تعود لكل البشر على اختلاف انتماءاتهم وأجناسهم (زهرة ،2014: 58).

النتائج والتوصيات

أولاً: النتائج:

من خلال دراسة ملامح المنهج المعرفي التكاملي في التربية الإسلامية وأثره في الاسهام الفكري والحضاري الإنساني، فقد توصلت الدراسة للنتائج الآتية:

1-    للمنهج التكاملي ملامحه الواضحة، وخصائصه التي ينضبط بها.

2-    له مظاهر تتعلق بالجانب الإيماني وتكامله بين العلم والإيمان وتحقيق الاستقامة، كذلك بالعبادات وعلاقتها بالقيم والأخلاق.

3-    وضوح المنهج التكاملي في الجانب العلمي والمعرفي، من خلال تكامل مصادر المعرفة، وذكر مبادئ المنهج العلمي، وقواعد الوصول للمعرفة الصحيحة.

4-    تركيز المنهج التكاملي على نظرته للإنسان "البعد المقاصدي" والذي يحقق مصالح الإنسانية في الدنيا والآخرة، وبما يضمن حفظ (الدين، والنفس، والعقل، والمال، والنسل)، وحفظ الكون والاستفادة منه.

5-     تحقيق التكامل في الجانب الاقتصادي، ومراعاة مصالح الفرد والجماعة، وتحقيق التنمية المستدامة للأجيال القادمة.

6-    للمنهج المعرفي التكاملي في التربية الإسلامية آثاره في الاسهام الفكري والحضاري الإنساني.

ثانياً: التوصيات:

بعد البحث في ملامح المنهج المعرفي التكاملي في التربية الإسلامية أثره في الاسهام الفكري والحضاري الإنساني، وفي ضوء نتائج الدراسة توصي الدراسة بتوصيات وهي:

1-   توصي الدراسة وزارة التربية والتعليم وواضعي المناهج الاهتمام بالمنهج المعرفي التكاملي والتي تؤدي للمعرفة الصحيحة من جوانبها المتعددة.

2-    الاهتمام بتفعيل الآثار المترتبة على الاسهام الفكري والحضاري الإنساني.

ثالثاً: المقترحات:

توصلت الدراسة لمقترحات منها:

1-    إجراء دراسة تفصيلية بعنوان: " المنهج التكاملي في التربية الإسلامية - الجانب الاقتصادي أنموذجاً".

2-    إجراء دراسة تفصيلية بعنوان: " المنهج التكاملي في التربية الإسلامية - البعد المقاصدي أنموذجاً".

3-    إجراء دراسة بعنوان المنهج المعرفي التكاملي عند علماء الفكر التربوي الإسلامي.


 

المصادر والمراجع

القرآن الكريم: تنزيل الحكيم الخبير

1-    ابن حنبل، أحمد (2010). مسند أحمد بن حنبل. جمعية المكنز الإسلامي.

2-    ابن قدامة، موفق الدين عبد الله (1997). المغني. عالم الكتب- الرياض.

3-    ابن كثير، إسماعيل بن عمر (1999). تفسير القرآن العظيم. دار طيبة للنشر والتوزيع، ط2.

4-    ابن منظور، محمد (د.ت). لسان العرب. دار صادر، ط 1- بيروت.

5-    البخاري، محمد بن إسماعيل (1422). الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه = صحيح البخاري. دار طوق النجاة.

6-          الزبيدي، محمد (د.ت). تاج العروس من جواهر القاموس. دار الهداية- مصر.

7-    الطبري، محمد بن جرير (2000). جامع البيان في تأويل القرءان. مؤسسة الرسالة.

8-    العسقلاني، أحمد بن علي (1379). فتح الباري شرح صحيح البخاري. دار المعرفة – بيروت.

9-    الغزالي، محمد بن محمد (د. ت). احياء علوم الدين. دار المعرفة- بيروت.

10-      الفيروز آبادي، مجد الدين (2005). القاموس المحيط. مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت – لبنان.

11-      النيسابوري، مسلم بن الحجاج (د.ت). المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. دار إحياء التراث العربي – بيروت.

ثانياً: المراجع:

1-   ابن القيم، محمد بن أبي بكر (1994). زاد المعاد في هدي خير العباد. مؤسسة الرسالة- بيروت. 

2-   ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم (2005). مجموع الفتاوى. دار الوفاء، ط3.

3-    ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم (2007). الحسبة لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله. ط2.

4-   ابن عاشور، محمد الفاضل (2003). روح الحضارة الإسلامية. نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع.

5-   ابن مبارك، برغوث (1995). المنهج النبوي والتغيير الحضاري. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية- قطر، ط1.

6-   ابن نبي، مالك (2007). مشكلات الحضارة القضايا الكبرى. دار الفكر- دمشق، ط7.

7-        الجرجاني، علي بن محمد (2002). كتاب التعريفات. دار الكتاب العربي- بيروت.

8-   جندية، بتول (2011). على عتبات الحضارة - بحث في السنن وعوامل التخلق والانهيار. دار الملتقى للطباعة والنشر والتوزيع، سورية، ط1.

9-       حنبكة، عبد الرحمن بن حسن (1998). الحضارة الإسلامية أسسها ووسائلها وصور من تطبيقات المسلمين لها ولمحات من تأثيرها في سائر الأمم. دار القلم- دمشق، ط1.

10-   الخطيب، محمد عبد الفتاح (2010). قيم الإسلام الحضارية نحو إنسانية جديدة. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – قطر.

11-   خليل، عماد الدين (د.ت). صفحات من حضارة الإسلام " العلوم التطبيقية" دراسة في المعطيات وعوامل الازدهار والتوقف. كلية التربية- جامعة الموصل.

12-   الدغيشي، أحمد (2016). نظرية المعرفة في القرآن الكريم وتضميناتها التربوية. مركز الكتاب الأكاديمي- الأردن.

13-   الراغب، الحسين بن محمد (2007). الذريعة إلى مكارم الشريعة. دار السلام – القاهرة.

14-   رحائم، سعاد (2007). الحضارة الإسلامية جذور وامتدادات. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية- قطر.

15-   الزحيلي، محمد مصطفى (2006). الوجيز في أصول الفقه الإسلامي. دار الخير للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق – سوريا، ط2.

16-   زهرة، عطا محمد (2014). تكامل الحضارات بين الإشكالية والإمكانات. الأوقاف والشؤون الإسلامية.

17-   السالوس، علي بن أحمد (د.ت). الاقتصاد الإسلامي والقضايا الفقهية المعاصرة. دار الثقافة - مؤسسة الريان-الدوحة- للطباعة والنشر والتوزيع.

18-   السعدي، عبد الرحمن بن ناصر (2000). تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان. مؤسسة الرسالة، ط1.

19-   السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر (2004). معجم مقاليد العلوم في الحدود والرسوم. مكتبة الآداب – القاهرة، ط1.

20-   الشاطبي، إبراهيم بن موسى (د.ت). الموافقات في أصول الفقه. دار المعرفة – بيروت.

21-   الشعراوي، محمد متولي (1997). تفسير الشعراوي. مطابع أخبار اليوم.

22-   الشنقيطي، محمد الأمين (1995). أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن. دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع بيروت – لبنان

23-   الصلابي، علي (2001). الوسطية في القرآن الكريم. مكتبة الصحابة، الشارقة - الإمارات، مكتبة التابعين، القاهرة – مصر.

24-   عاشور، سعيد، وعبد الحميد، سعد، والعبادي، أحمد (1996). دراسات في تاريخ الحضارة الإسلامية العربية. دار المعرفة الجامعية- القاهرة.

25-      عباس، أنس (2011). إدارة الأعمال وفق منظور معاصر. دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة- الأردن.

26-   العسكري، الحسن بن عبد الله (1412). معجم الفروق اللغوية. مؤسسة النشر الإسلامي.

27-      العطية، حامد (2006). نظام المعرفة ومنهج البحث العلمي في القرآن الكريم. دار الأنوار للطباعة والنشر والتوزيع- بيروت.

28-   الفاروقي، إسماعيل (1435). التوحيد مضامينه على الفكر والحياة. مدارات للأبحاث والنشر- مصر.

29-      قطب، سيد (1412). في ظلال القرآن. دار الشروق – بيروت، ط17.

30-   الكيلاني، ماجد (1407)،" فلسفة التربية الإسلامية دراسة مقارنة بين فلسفة التربية الإسلامية والفلسفات التربوية المعاصرة. مكتبة المنارة- مكة.

31-      مدكور، على أحمد (2001). مناهج التربية أسسها وتطبيقاتها. دار الفكر العربي.

32-   ملكاوي، فتحي (2011)،" منهجية التكامل المعرفي مقدمات في المنهجية الإسلامية. المعهد العالمي للفكر الإسلامي، أمريكا.

33-        النووي، محيي الدين بن شرف (1392). المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج. دار إحياء التراث العربي – بيروت.

34-      الهروي، القاسم بن سلام (د.ت). كتاب الأموال. دار الفكر – بيروت.

35-      ياغي، محمد (2012). الأخلاقيات في الإدارة. دار وائل للنشر- الأردن.

36-      يوسف عبد المولى محمد (2014). ضوابط التفاعل الحضاري ووسائله وآثاره التربوية. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية- قطر، ط1.

ثالثاً: الرسائل العلمية:

1-   كنفوش، محمد (د.ت). الاقتصاد الخفي وآثاره على التنمية المستديمة. رسالة ماجستير، كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير، جامعة سعد دحلب- الجزائر.

رابعاً: الدوريات العلمية:

1-     أمزيان، محمد (2022). أصول المنهج المعرفي من القرآن والسنة. مجلة المسلم المعاصر، ع87.

2-     دراسة أبو بكر، عبير (2015). التكامل بين الفردية والجماعية في التربية الإسلامية. مجلة الزرقاء للبحوث والدراسات الإنسانية، عدد1.

3-     دراسة حسين، أحمد ونصيرات، رائدة (2016). نظرية المعرفة عند الغزالي ومقارنتها بالفلسفات التربوية. مجلة جامعة القدس المفتوحة للبحوث الإنسانية والاجتماعية، عدد 39.

4-     دراسة قاسمي، عمار (2018). التكامل المعرفي – مقاربة مفاهيمية. مجلة آفاق علمية، عدد1.

5-     شيخون، محمود السيد (1977). العبادات في الإسلام وأثرها في إصلاح المجتمع. مجلة الجامعة الإسلامية- عدد1.

6-     محمود، رواد (2016). عقل الإنسان بين وحي الطبيعة والقرآن. مجلة إسلامية المعرفة، عدد2.

7-     المصري، رفيق (2005). مصرف الغارمين وأثره في التكافل الاجتماعي. مجلة جامعة الملك عبد العزير، الاقتصاد الإسلامي- عدد1.

8-     منصور، علي عبد اللطيف (1404). العبادات في الإسلام وأثرها في تضامن المسلمين. مجلة الجامعة الإسلامية- عدد61.

9-     النجار، عبد المجيد (1995). دور الإصلاح العقدي في النهضة الإسلامية. مجلة إسلامية المعرفة- عدد1.

10- هاشم، خديجة (2022). مرتكزات التكامل المعرفي بين مفكري التربية الإسلامية وعلماء الفقه وأصوله. مجلة التربية للبحوث التربوية والنفسية والاجتماعية، عدد 196.

خامساً: مقالات علمية:

1-    البرادعي، أروى (2021). التكامل المعرفي في الإسلام " التكامل بين الوحي والعقل أنموذجاً. بتاريخ 30/ 10/ 2021م.

2-    الجندي، أنور (2012). أصالة المنهج الإسلامي منهج التكامل الجامع. بتاريخ 15/11/2012م.

3-    العايد، سليمان (1425). بحوث ندوة أثر القرآن الكريم في تحقيق الوسطية ودفع الغلو. وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - المملكة العربية السعودية.

4-    النجار، عبد المجيد (1413). خلافة الإنسان بين الوحي والعقل بحث في جدلية النص والواقع. المعهد العالمي للفكر الإسلامي- أمريكا.

ثانياً : المراجع العربية الإنجليزية

The Holy Quran: The Revelation of the Wise and All-Knowing (In Arabic).
Ibn Hanbal, A. (2010). Musnad Ahmad ibn Hanbal (In Arabic). Islamic Manuscripts Society.
Ibn Qudamah, M. A. (1997). Al-Mughni (In Arabic). Riyadh: Alam al-Kutub.
Ibn Kathir, I. I. (1999). Tafsir Al-Quran Al-Adhim (2nd ed.) (In Arabic). Dar Taybah for Publishing and Distribution.
Ibn Manzur, M. (n.d.). Lisan Al-Arab (1st ed.) (In Arabic). Beirut: Dar Sader.
Al-Bukhari, M. I. (1422). Al-Jami' Al-Musnad Al-Sahih Al-Mukhtasar min Umur Rasul Allah wa Sunanihi wa Ayyamihi = Sahih Al-Bukhari (In Arabic). Dar Tawq Al-Najat.
Al-Zabidi, M. (n.d.). Taj Al-Arus min Jawahir Al-Qamus (In Arabic). Egypt: Dar Al-Hidaya.
Al-Tabari, M. J. (2000). Jami' Al-Bayan fi Ta'wil Al-Quran (In Arabic). Mu'assasat Al-Risalah.
Al-Asqalani, A. A. (1379). Fath Al-Bari Sharh Sahih Al-Bukhari (In Arabic). Beirut: Dar Al-Ma'arifah.
Al-Ghazali, M. M. (n.d.). Ihya Ulum Al-Din (In Arabic). Beirut: Dar Al-Ma'arifah.
Al-Fayruzabadi, M. (2005). Al-Qamus Al-Muhit (In Arabic). Beirut: Mu'assasat Al-Risalah.
Al-Naysaburi, M. I. (n.d.). Al-Musnad Al-Sahih Al-Mukhtasar bi Naql Al-Adil 'an Al-Adil ila Rasul Allah (In Arabic). Beirut: Dar Ihya Al-Turath Al-Arabi.

Second: References

Ibn al-Qayyim, M. B. A. (1994). Zad Al-Ma'ad fi Hady Khayr Al-'Ibad (In Arabic). Beirut: Mu'assasat Al-Risalah.
Ibn Taymiyyah, A. B. A. H. (2005). Majmu' Al-Fatawa (3rd ed.) (In Arabic). Dar Al-Wafa.
Ibn Taymiyyah, A. B. A. H. (2007). Al-Hisbah li Shaykh Al-Islam Ibn Taymiyyah (2nd ed.) (In Arabic).
Ibn Ashur, M. F. (2003). Ruh Al-Hadarah Al-Islamiyyah (In Arabic). Nahdat Misr Printing, Publishing, and Distribution.
Ibn Mubarak, B. (1995). Al-Manhaj Al-Nabawi wa Al-Tahawwul Al-Hadari (In Arabic). Qatar: Ministry of Endowments and Islamic Affairs.
Ibn Nabi, M. (2007). Mushkilat Al-Hadarah: Al-Qadaya Al-Kubra (7th ed.) (In Arabic). Damascus: Dar Al-Fikr.
Al-Jurjani, A. B. M. (2002). Kitab Al-Ta'rifat (In Arabic). Beirut: Dar Al-Kitab Al-Arabi.
Jundiyah, B. (2011). Ala Atabat Al-Hadarah: Bahth fi Al-Sunan wa Awamil Al-Takhalluq wa Al-Inhiyar (In Arabic). Syria: Dar Al-Multaqa.
Hanbakhah, A. B. H. (1998). Al-Hadarah Al-Islamiyyah: Ususuha wa Wasailuha wa Surat min Tatbiqat Al-Muslimin laha wa Lamahat min Ta'thiraha fi Sa'ir Al-Umam (In Arabic). Damascus: Dar Al-Qalam.
Al-Khatib, M. A. F. (2010). Qiyam Al-Islam Al-Hadariyyah: Nahw Insaniyyah Jadidah (In Arabic). Qatar: Ministry of Endowments and Islamic Affairs.
Khalil, I. D. (n.d.). Safahat min Hadarat Al-Islam: Al-Ulum Al-Tatbiqiyyah (In Arabic). Mosul University.
Al-Daghishi, A. (2016). Nazariyyat Al-Ma'rifah fi Al-Quran Al-Karim wa Tadminatuha Al-Tarbawiyyah (In Arabic). Jordan: Academic Book Center.
Al-Raghib, A. B. M. (2007). Al-Dhariat ila Makarim Al-Shari'ah (In Arabic). Cairo: Dar Al-Salam.
Rahaim, S. (2007). Al-Hadarah Al-Islamiyyah: Judhur wa Imtidadat (In Arabic). Qatar: Ministry of Endowments and Islamic Affairs.
Al-Zuhaili, M. M. (2006). Al-Wajiz fi Usul Al-Fiqh Al-Islami (2nd ed.) (In Arabic). Damascus: Dar Al-Khayr.
Zahrah, A. M. (2014). Takamul Al-Hadarah: Bayn Al-Ishkaliyyah wa Al-Imkaniyyat (In Arabic). Qatar: Ministry of Endowments and Islamic Affairs.
Al-Salus, A. B. A. (n.d.). Al-Iqtisad Al-Islami wa Al-Qadaya Al-Fiqhiyyah Al-Mu'asirah (In Arabic). Doha: Dar Al-Thaqafah - Mu'assasat Al-Rayyan.
Al-Sa’di, A. B. N. (2000). Tafsir Al-Karim Al-Rahman fi Tafsir Kalam Al-Mannan (In Arabic). Dar Al-Risalah.
Al-Suyuti, A. B. A. B. (2004). Mu'jam Maqalid Al-Ulum fi Al-Hudud wa Al-Rusum (In Arabic). Cairo: Maktabat Al-Adab.
Al-Shatibi, I. B. M. (n.d.). Al-Muwafaqat fi Usul Al-Fiqh (In Arabic). Beirut: Dar Al-Ma'arifah.
Al-Sharawi, M. M. (1997). Tafsir Al-Sharawi (In Arabic). Akhbar Al-Yawm Press.
Al-Shinqiti, M. A. (1995). Adwa' Al-Bayan fi Idah Al-Quran bil-Quran (In Arabic). Beirut: Dar Al-Fikr.
Al-Salabi, A. (2001). Al-Wasatiyyah fi Al-Quran Al-Karim (In Arabic). Sharjah: Maktabat Al-Sahabah.
Ashour, S., Abdul Hamid, S., & Al-Abadi, A. (1996). Dirasat fi Tarikh Al-Hadarah Al-Islamiyyah Al-Arabiyyah (In Arabic). Cairo: Dar Al-Ma'arifah Al-Jami'iyyah.
Abbas, A. (2011). Idarat Al-A'mal Wifqan li Manzur Mu'asir (In Arabic). Jordan: Dar Al-Maseerah.
Al-Askari, A. B. A. (1412). Mu'jam Al-Furuq Al-Lughawiyyah (In Arabic). Islamic Publishing Institution.
Al-Attiyah, H. (2006). Nizam Al-Ma'rifah wa Manhaj Al-Bahth Al-Ilmi fi Al-Quran Al-Karim (In Arabic). Beirut: Dar Al-Anwar.
Al-Faruqi, I. (1435). Al-Tawhid wa Madaminuhu Ala Al-Fikr wa Al-Hayah (In Arabic). Egypt: Madarat for Research and Publishing.
Qutb, S. (1412). Fi Zilal Al-Quran (17th ed.) (In Arabic). Beirut: Dar Al-Shuruq.
Al-Kilani, M. (1407). Falsafat Al-Tarbiyah Al-Islamiyyah: Dirasa Muqaranah (In Arabic). Mecca: Maktabat Al-Manarah.
Madkour, A. A. (2001). Manahij Al-Tarbiyah: Ususuha wa Tatbiqatuha (In Arabic). Arab Thought House.
Malkaoui, F. (2011). Manhajiyyat Al-Takamul Al-Ma'rifi: Muqaddimat fi Al-Minhajiyyah Al-Islamiyyah (In Arabic). International Institute of Islamic Thought.
Al-Nawawi, M. A. S. (1392). Al-Minhaj Sharh Sahih Muslim Ibn Al-Hajjaj (In Arabic). Beirut: Dar Ihya Al-Turath Al-Arabi.
Al-Harawi, Q. B. S. (n.d.). Kitab Al-Amwal (In Arabic). Beirut: Dar Al-Fikr.
Yaghi, M. (2012). Al-Akhlaqiyyat fi Al-Idarah (In Arabic). Jordan: Dar Wael.
Yousuf, A. M. (2014). Dawabit Al-Tafa'ul Al-Hadari wa Wasailuh wa Atharuh Al-Tarbawiyyah (In Arabic). Qatar: Ministry of Endowments and Islamic Affairs.