تاريخ الإرسال (05-02-2022)، تاريخ قبول النشر (22-02-2022)

قصيدة " زهور" للشاعر أمل دنقل -دراسة تحليلية

The poem “Flowers” ​​by the poet Amal Dunqul - an analytical study

اسم الباحث الأول:                                                                                 

اسم الباحث الثاني (إن وجد):                                                                 

اسم الباحث الثالث (إن وجد):                                                               

 

أ.حلى بلال السكافي Hala Bilal Al-Sakafi

 

 

1 اسم الجامعة والبلد (للأول)

2 اسم الجامعة والبلد (للثاني)

3 اسم الجامعة والبلد (للثالث)

 

* البريد الالكتروني للباحث المرسل:

 

       E-mail address:

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قسم اللغة العربية- كلية الآداب –الجامعة الهاشميّة-الأردن Department of Arabic Language - Faculty of Arts - The Hashemite University - Jordan

 

 

Halaalskafy1998@gmail.com

 

 

 

 

 

 

 



جسم البحث:

فيما يأتي شرح هذه الأبيات بأفكارها ومعانيها وبيان تنوّع الأساليب عند الشاعر في طريقة طرحه من تقديم وتأخير، واستخدام للجمل الاسمية والفعليّة، والجمل الخبريّة دون الإنشائية ...وغير ذلك كثير، كالآتي :

وسلالٍ من الوردِ

ألمحها، بين إغفاءة وإفاقهْ

وعلى كل باقهْ

اسم حاملها غي بطاقهْ

               وهنا يتضح في هذا القسم في حديثه عن باقات الزهور الكثيرة التي وصلت إليه ، وذلك في قوله :"وسلالٍ"   باستخدام جمع الكثرة ليدل على كثرة الزهور، إلا أنها لم تكن تبشر بالسعادة والإيجابية والأمل، كما هو المألوف، يغفى الشاعر ويفيق على رؤيتها وكأنها رؤية روتينية تحجب رؤيته عن أشياء أخرى مع عدم مبالاته للنظر إليها موحيًا ذلك باستخدامه الفعل (ألمحها) وكلمتا (إغفاءة وإفاقهْ) هاتان الكلمتان اللتان توحيان بالاضطراب وقلة النوم عنده ، ويبيّن أن كل مجموعة من هذه الزهور حملت رغمًا عنها بطاقة فيها اسم حاملها تلك اليد العابرة التي تناولتها لتقديمها بمكان لا يليق بها ، كما هي تشعر، فهنا يربط الشاعر بين حاله وحال الازهار، فالمكان المناسب للأزهار هو بساتينها لكي تعيشَ سيدة ذاتها ، ممتلكة لأمرِ نفسها ، جتى أن يداهمها حالة من القطف توصلها هنا (في المستشفيات) _كما في سياق القصيدة _فهي تشعر بالحزن لرحلتها الصعبة من البساتين للمستشفيات ، وهذا تمامًا كحالهِ في الحياة الطبيعية التي كان يعيش بها كبقية الناس إلى أن داهمه المرض اللعين، وجعله يأتي إلى هذا المكان (المشفى).

              ويُلحظ في هذا القسم استخدام الشاعر أسلوب التقديم والتأخير، إذ قدّم المفعول به ( وسلالٍ) على الفعل ( ألمحها) ، وهنا كان المفعول به معنىً لا لفظًا، حيث إعراب سلالٍ هو مبتدأ لكن هذا الكلمة تحمل معنى المفعولية ، وكذلك تقديم الخبر -شبه الجملة-  ( وعلى كل باقهْ) على المبتدأ وهو (اسمُ حاملها ) وهنا للتركيز على الحدث ، وعلى الزهور التي يقصد بها نفسه التي شغلت تفكيره، كما يلحظ عنده استخدام قافية الهاء الساكنة وذلك لانقطاع الصوت الذي يدلّ على التعب ووجود الحشرجات الكامنة والمكتومة في صدره وهو غير قادر على إخراجها من شدة ضعفه وتعبه .

………………………………………………………………………………………………


 

ثم يكون القسم الثاني :

تتحدث لي الزهرات الجميلة

أنّ أعينها اتّسعت _ دهشةً-

                                             لحظة القطفِ..

   لحظة القصفِ....

لحظة إعدامها في الخميلة !

                                      تتحدث لي..

                                      أنها سقطت من على عرشها في البساتين

                                     ثم أفاقت على عرضها في زجاج الدكاكين..أو بين أيدي

                                     المنادين..

حتى اشترتها اليد المتفضلة العابرة

                                    تتحدث لي..

                                    كيف جاءت إليّ...

              وفي هذا القسم ينتقل الشاعر للحديث عن الأنس الذي وجده مع الزهور والتي كانت له خيرَ الرفيق، إذ تشاركا الهموم وتحدثا لبعضهما البعض عن معاناتهما في الرحلة الصعبة لمجيء كلٍّ منهما إلى هذا المكان، فيقول الشاعر : " تتحدث لي الزهرات الجميلة ، أن أعينَها اتسعت -دهشةً- لحظة القطف ، لحظة القصف، لحظة إعدامها في الخميلة " وهنا يتحدّث عن مرحلة الموت البطئ الذي بدأت الأزهار ، ففي أول الحال كانت الزهرات بكلّ راحة وعزة وسعادة ، إلى أن جاءتها لحظة مفاجئة مباغتة لها وهي لحظة القطف وهنا يكنّي الشاعر عن لحظة معرفته بمرضه فهي لحظة مفاجئة لا استعدادَ لها ، فمن الطبيعي أن يكون هناك شعور بالذهول والدهشة والاستغراب كون الشاعر كان في أوّل شبابه، ثم تأتي اللحظة التي فيها القصف وهي لحظة أخذ الزهرة من مكانها الطبيعي وهو عرشها في البساتين لتصبح في أسرٍ إمّا لبعض الأيدي والمتناولين والعابرين أو حتى  في زجاج الدكاكين ، ويشير إلى أن الأزهار هنا فقدت عزّتها وكرامتها وآلت إلى زهرةٍ ضعيفة، وهذا هو أيضًا حاله عندما أُسِر في غرفة العلاج لأخذ الأدوية وتلقّي العلاج اللازم ، فهو يشعر بضعفه وانعدام قواه وشخصيته وملكوته ، إلى أن تأتي لحظة الإعدام وهي اللحظة الأخيرة بالنسبة لحياة الزهرة بأن توضع في الدكاكين ، وتصفّف في الباقات وبين أيدي المنادين ، وكذلك هو الحال عنده لوصوله إلى لحظة تُشعره بحتميّة الموت وعدم إمكانية الهروب منه لشدة ضعفه ومرضه .

                يُلحظ هنا في هذا القسم استخدام كلمة (لحظة)، وهي فترة زمنية قصيرة يقصد بها الشاعر الحدوث المفاجئ والمغاير لحياته الطبيعية دون سابق إنذار، وتُشير إلى المشاعر المضطربة والأفكار المتداخلة والمتفاوتة هنا وهناك ، ويثبت ذلك استخدامه الفعل (سقطت) للدلالة على سرعة السقوط ، ثم (أفاقت) هذا الفعل يدل على أن الأزهار لم تعبئ أن تنتبه لما يجري حولها إلا أن وجدت نفسها أسيرة في الباقات والدكاكين وأيدي العابرين ، وكذلك هو الشاعر سرعان ما استيقظ إلى أن وجد نفسه في المستشفى ، ويلحظ أيضًا وجود أسلوب التكرار في الفعل (وتتحدث لي) وذلك دلالة على استخدام الشاعر لتقنيات سردية حاضرة تفصل بين الكلام للحد من استرسال الحكي وتقسيم الأحداث بحسب الزمن ، زمن القطف ، وزمن العرض في الدكاكين ، وزمن مرتبط بالموت البطئ في غرفة المريض .

 

ثم يكون القسم الثالث :

                                          ( وأحزانها الملكية ترفع أعناقها الخضر)

                                        كي تتمنى لي العمر !

 وهي تجود بأنفاسها الآخره !!

                                        كل باقة

                                         بين إغماءة وإفاقه!

          تتنفس مثلي _بالكاد_ ثانية ..ثانية

     وعلى صدرها حملت_ راضية _

                                         اسم قاتلها في بطاقة !

 

              في هذا القسم يمكنني القول إنّ الشاعر رسم منحنىً وهميًا بتدرّجه بالمشاعر بدأ بالانخفاض ثم ارتفع قليلًا حيث إنّه سرعان ما ارتفع إلا وعاد تارة أخرى بالانخفاض المؤدي للعدم ، فكان الشاعر في الأقسام السابقة ضعيفًا ، كئيبًا ، حزينًا بسبب مرضه ، إلا أنّه في بداية هذا القسم لا يمكننا القول إنه بدا قويًا بل كان يحاول مقاومة هذا المرض ، ويظهر تشبثه بالحياة معبرًا عن ذلك بلسان الزهور التي كانت رغم ذبولها شامخة فوق أعناقها الخضر ، وتتمنّى العمر ، وهذا تحتيم على الموت القريب لأن فعل التمني يكون للمستحيل بعكس الرجاء الذي يمكن حدوثه ، فهنا يستحيل أمد العمر للزهور كما بستحيل بقاء الشاعر على قيد الحياة ، ثم قال :" وهي تجود بأنفاسها الآخرهْ " وهذه جملة حالية تدل على محاولة الزهور على المقاومة رغم حالها الضعيف الهزل ، ثم يقول :" كل باقة بين إغماءة وإفاقة " فكرر مقطعًا شبيه بالقسم الأول ، إلا أنه استخدم كلمة إغماءة دلالة على طول مدة فقد الوعي وعدم الحسّ بالحياة، فهي تتنفس تكلّفًا وهذا أقلُّها أن تتنفس وكان ذلك صعيبًا عليها كحاله ، إلى أن عاد انخفاض المنحنى من جديد ليعبّر عن يأس الشاعر وقصر أمله في الشفاء وشعوره بدنوّ الأجل ، حتى أنه رضي بالقدر (الموت) خلاصًا من عذاب المرض الذي هو قاتله ،.فقالها الشاعر بلسان الأزهار أنها حملت اسم قاتلها (المرض) للشاعر ،  و(القاطف) للزهر ، على صدرها _راضية_ فليس بيده حلّ غير الرضى حيث لا ينفع شئ غيره مع هذا الحال، ليكون له السلام الداخلي ، والسلام على الدنيا وما فيها.