(لاستعمال هيئة التحرير ) تاريخ الإرسال (11-11-2023)، تاريخ قبول النشر (18-12-2023)

 

مقومات النهضة الأخلاقية في القرآن الكريم ومضامينها التربوية والنهضوية

اسم الباحث الأول باللغتين العربية والإنجليزية

د.عماد محمد أبو غوري

Dr. Emad mohammed Abu ghory

اسم الباحث الثاني باللغتين العربية والإنجليزية:

 

 

اسم الباحث الثالث باللغتين العربية والإنجليزية:

 

 

The components of moral renaissance, and demonstrated the educational and renaissance implications of those components

1 اسم الجامعة والدولة (للأول) باللغتين العربية والإنجليزية

كلية الدعوة الإسلامية غزة فلسطين

College of Islamic Da’wah, Gaza, Palestine

2 اسم الجامعة والدولة (للثاني) باللغتين العربية والإنجليزية

 

 

3 اسم الجامعة والدولة (للثالث) باللغتين العربية والإنجليزية

 

 

Doi: لاستعمال هيئة التحرير

 

* البريد الالكتروني للباحث المرسل:       E-mail address:

Aburahma2009@hotmail.com

 

الملخص:

هدفت الدارسة للتعرف إلى مقومات النهضة الأخلاقية، وبينت المضامين التربوية والنهضوية لتلك المقومات، والنماذج القرآنية الدالة عليها، واعتمدت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي، وتوصلت لنتائج منها: النهضة الأخلاقية في القرآن الكريم تمتاز بالشمول تبدأ من تزكية النفس البشرية للفرد وصولاً لترسيخ الأخلاق في الجميع، لمقومات النهضة الأخلاقية في القرآن الكريم مضامين تربوية، يستفاد منها ويُهتدى بها، كثرت نماذج النهوض الأخلاقي في القرآن الكريم، لترسيخها في النفوس، وإغناء شخصية المسلم. كما وأوصت الدارسة وزارة التربية والتعليم الاهتمام بالنهضة الأخلاقية في المدارس، الاهتمام بدور المحاضن التربوية في ترسيخ النهضة الأخلاقية في نفوس المسلمين.

 

 

  كلمات مفتاحية:  (مقومات ، النهضة الأخلاقية ، القرآن الكريم)

 

Abstract:

The study aimed to identify the components of moral renaissance, and demonstrated the educational and renaissance implications of those components, and the Qur’anic models that indicate them. The study adopted the descriptive and analytical approach, and reached results including: The moral renaissance in the Holy Qur’an is characterized by comprehensiveness, starting from the purification of the human soul of the individual, all the way to consolidating morals in everyone, due to the components Moral advancement in the Holy Qur’an has educational implications that can be benefited from and guided by. There are many examples of moral advancement in the Holy Qur’an, to consolidate them in souls and enrich the Muslim’s personality. The study also recommended that the Ministry of Education pay attention to moral renaissance in schools, and pay attention to the role of educational incubators in consolidating moral renaissance in the hearts of Muslims..

 

Keywords: (Ingredients, moral renaissance, the Holy Qur’an (

 


جسم البحث:

-       المقدمة:

         للأخلاق في الإسلام  نصيب كبير واعتناء لا مثيل له، فأوجد له مساحة كبيرة في ديننا، فلا تكاد تخلو شعيرةً من شعائر الدين من عقيدة أو عبادة إلا والأخلاق هدف وجد فيها، وقد زكى القرآن الكريم هذه النفس البشرية لترتقي في مراقي التزكية لتصل إلى أعلى مراتب العبودية لله تعالى، وقد خاطب الله تعالى نبيه محمد – صلى الله عليه وسلم – بأرقى وأجمل خطاب، وشهادة تكريم من الله لنبيه – صلى الله عليه وسلم-  ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ  القلم: ٤، وإنك يا محمد لعلى أدب عظيم، وذلك أدب القرآن الذي أدّبه الله به، وهو الإسلام وشرائعه، وعن قتادة، قال: سألتُ عائشة عن خُلُق رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، فقالت: كان خُلُقه القرآن، تقول: كما هو في القرآن( الطبري، 2000: 23/529).

لهذه اللفتة القرآنية دلالتها على تمجيد العنصر الأخلاقي في ميزان الله، وأصالة هذا العنصر في الحقيقة الإسلامية كأصالة الحقيقة المحمدية، والناظر في هذه العقيدة، كالناظر في سيرة رسولها، يجد العنصر الأخلاقي بارزاً أصيلاً فيها، تقوم عليه أصولها التشريعية وأصولها التهذيبية على السواء، والدعوة الكبرى في هذه العقيدة إلى الطهارة والنظافة والأمانة والصدق والعدل والرحمة والبر وحفظ العهد، ومطابقة القول للفعل، ومطابقتهما معا للنية والضمير، والتشريعات في هذه العقيدة لحماية هذه الأسس وصيانة العنصر الأخلاقي في الشعور والسلوك، وفي أعماق الضمير وفي واقع المجتمع، وفي العلاقات الفردية والجماعية والدولية على السواء (قطب، 1412، 6/ 3656).

          وقد لخص النبي – صلى الله عليه وسلم- هدف رسالته للعالمين، بقوله: (إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ صَالِح الأَخْلاقِ) (البخاري- 273 – باب: حسن الخلق).         

          ووضح أن أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلُقاً، فقال: (أَكْمَلُ المُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخِياركم خياركم لِنِسَائِهِمْ) (سنن الترمذي- 1162 – باب: ما جاء في حق المرأة).

          والأخلاق تهذب وتصقل النفس البشرية لما لها من معانٍ سامية، والأخلاق تُغرس في نفس الإنسان، ولغرسها أهمية بالغة، حيث إنها تستطيع أن تغير الإنسان وأفعاله تغييراً جذرياً، فإذا ما تغير الإنسان بفعل الأخلاق الصالحة فإنها ستجعل منه فيصلاً وحكماً بين الحق والباطل وستصبح الأخلاق ميزاناً يزن به تلك الأفعال بخيرها وشرها (الشمري، 2008: 18).

لذلك فإن أقوى الأفكار الخلاقة حضاريًا تبزغ "عندما يدخل التاريخ مبدئاً أخلاقي (جندية، 2011: 37)

          والحضارة الإسلامية مؤهلة للقيام بدور الإنقاذ لحضارة الإنسان، وملء الفراغ الحضاري من خلال قيمها المتأتية من الوحي على الرغم من تقدم الأمم وتطور العلوم والمعارف فهي حضارة الوحي المنفتحة على الإنسان غير المتحيزة لجنس أو قوم أو لون؛ والتي تحقق حرية الاختيار وتعترف بالآخر، فهي المؤهلة للقيام بهذا الدور للحضور الحضاري أيضاً على خارطة العالم كله اليوم حيث تقدم نماذج ولو كانت قليلة تثير الاقتداء (زهرة،2014: 18).

       وعليه فإن غياب الأخلاق وانفصامها عن المجتمعات سبب لضياعها واندثارها كما يقول: الغزالي (د.ت: 27) " فقد قرر الإسلام أن بقاء الأمم وازدهار حضارتها، واستدامة منعتها، إنما يُكفل لها، إذا ضمنت حياة الأخلاق فيها، فإذا سقط الخلق سقطت الدولة معه".

           وتحدث العلماء والباحثون عن الأخلاق في الإسلام، وكتبت الرسائل العلمية في ذلك كدراسة الربيعي (2022): القرآن الكريم ودوره في تهذيب الأخلاق وتزكية النفس الإنسانية"، حيث وضحت دور القرآن الكريم في تهذيب الاخلاق وتزكية النفس، تضمن آيات القرآن الكريم ونصوص الأحاديث النبوية الشريفة حيث وضعت لها الضوابط التي بها تسمو الأخلاق في أفراد المجتمع الإسلامي

مشكلة الدراسة:

إن اهتمام الإسلام بالأخلاق الرفيعة الراقية، والتي تُستمد من شرعنا الحنيف؛ باعتباره ترجمةً سلوكيةً وتطبيقاً عملياً للدين، يُظهر المضمون والشكل الداخلي للإسلام؛ ليشاهده الآخرون واقعاً متفاعلاً في الحياة، وانعكاساً ظاهرياً للمكنون والجوهر الحضاري الإسلامي، فلا يُتأتى صلاح الماديات والكون دون صلاح النفوس، فهو أول خطوات الإصلاح والتغيير.

من خلال الواقع الأليم للمجتمعات الإسلامية نجد البعد والعزوف عن مقومات النهضة الأخلاقية إلا ما رحم ربي، لذا يتحتم على الباحثين والمصلحين بث تلك المقومات في نفوس المسلمين لاستعادة مجد الأمة، لذلك تكمن أهمية الدراسة لتبين مقومات النهضة الأخلاقية ومضامينها التربوية لتفعيلها في واقعنا وتعاملاتنا الحياتية.

ومن خلال العرض السابق تتحدد مشكلة الدراسة في الأسئلة التالية:

1-   ما مقومات النهضة الأخلاقية في القرآن الكريم؟

2-   ما المضامين التربوية والنهضوية لمقومات النهضة الأخلاقية؟

3-   ما النماذج القرآنية الدالة على النهضة الأخلاقية؟

4-   ما المضامين التربوية والنهضوية للنماذج القرآنية الدالة على النهضة الأخلاقية؟

أهداف الدراسة:

1-   توضيح مقومات النهضة الأخلاقية.

2-   استنتاج المضامين التربوية والنهضوية لمقومات النهضة الأخلاقية.

3-   التعرف على النماذج القرآنية الدالة على النهضة الأخلاقية.

4-   الكشف عن المضامين التربوية والنهضوية للنماذج القرآنية الدالة على النهضة الأخلاقية.

أهمية الدراسة:

1-   تعدُّ الدراسة تأصيلاً للمجالات التربوية.

2-   الإفادة من الدراسة للمعلمين والمصلحين وأفراد المجتمع الإسلامي.

حدود الدراسة:

تتحد الدراسة من خلال استقراء آيات القرآن الكريم وخاصة التي تتحدث عن مقومات ونماذج للنهضة الأخلاقية ومن ثَم تصنيف المقومات، واستنتاج المضامين التربوية والنهضوية، ومن خلال الاستعانة بالأدب التربوي.

مصطلحات الدراسة:

النهضة: السعي الجاد لتفعيل الطاقات، والقدرات، والعمل الدؤوب في سبيل التقدم بالأمة في كل مجالات الحياة، وامتلاك أسباب القوة، ومغادرة مربع الضعف، وتقديم الجديد النافع مع الاستفادة من الماضي (ناجي،2014: 423).

الأخلاق: هي ملكة نفسانية تصدر عنها الأفعال النفسانية بسهولة من غير روية، وقيل: هو اسم جامع للقوى المدركة بالبصيرة، وتجعل تارة للقوى الغريزية، وتارة للحالة المكتسبة التي بها يصير الإنسان خليقاً أَن يفعل شيئاً دون شيء (السيوطي، 2004 :197).

النهضة الأخلاقية: يمكن تعريفها إجرائياً بأنها: " تخلية المسلم من الرذائل والمعائب، وتحليته بالفضائل والشمائل المحمودة التي حث الإسلام عليها، لتصبح سجيةً عنده، والارتقاء بها في مجالات الحياة المتعددة، وظهورها أثراً واضحاً في فكره وسلوكه، فتميزه عن غيره".

المضامين التربوية والنهضوية: يمكن تعريفها إجرائياً بأنها: " الإشارات أو اللمحات الخفية التي يحتويها النص ويعبر عنها بفكرة أو معانٍ لها قيمة، يمكن استنتاجها والاهتداء بها، والاستفادة منها في حياة المسلم ونهضة الأمة".

- منهج الدراسة:

استخدم الباحث في دراسته أسلوب تحليل المحتوى من الناحية الكيفية، كأحد مداخل المنهج الوصفي، والذي يعتمد على تجميع الآيات المتعلقة بمقومات النهضة الأخلاقية في القرآن الكريم، وتصنيفها، وتحليلها، وتفسيرها للوصول إلى مقترحات، ومضامين تربوية ونهضوية لتلك المقومات.

الدراسات السابقة:

1-    دراسة باسمة هلال الربيعي (2022): القرآن الكريم ودوره في تهذيب الأخلاق وتزكية النفس الإنسانية".

هدفت الدراسة إلى التعرف على دور القرآن الكريم في تهذيب الاخلاق وتزكية النفس، تضمن آيات القرآن الكريم ونصوص الأحاديث النبوية الشريفة حيث وضعت لها الضوابط التي بها تسمو الأخلاق في أفراد المجتمع الإسلامي حتى يتميز أفراد المجتمع الإسلامي عن المجتمعات الأخرى، وقد تناول القرآن الكريم تهذيب الاخلاق وتزكية النفس لأهميته في آيات كثيرة، كون الفرد هو النواة الأساسية في المجتمع وبقدر صلاحه يصلح المجتمع وينمو ويزدهر وهو كيان مستقل، وعليه يتوقف تكوين الأسرة من خلال حقوقه وواجباته وبما أعطاه الله سبحانه وتعالى من عقل ومنهج، واستخدم الباحث المنهج الوصفي، وتوصلت الدراسة لنتائج من أبرزها: أن الإنسان أفضل ما في هذا الكون من عناصر وموجودات وكون لديه الشخصية المتوازنة المؤمنة من خلال تزكية نفسه البشرية

2-    دراسة السادة (2017)،" المنهاج القرآني في البناء الأخلاقي للإنسان وأثره في رواد مراكز القرآن الكريم وعلومه في دولة قطر".

هدفت الدراسة لبيان المنهاج القرآني في بناء أخلاق الإنسان من خلال التوجيهات الأخلاقية التي يعرضها القرآن الكريم، بالإضافة إلى دعم هذا البحث بالآثار التطبيقية المترتبة على التمسك بهذا المنهاج في رواد مراكز القرآن الكريم وعلومه في دولة قطر في ظل التطور والتحول الذي تشهده دولة قطر، واستخدم الباحث في دراسته المنهج الوصفي التحليلي، وتوصلت الدراسة لنتائج من أبرزها: عناية المنهاج القرآني بالأخلاق عناية خاصة، وربط الجانب الأخلاقي بسائر الجوانب الأخرى من عقيدة، وعبادات، ومعاملات، وكذلك مجالات الأسرة الاجتماعية والوطنية.

3-   دراسة ناجي (2014)،" سنن النهضة في القرآن الكريم".

هدفت الدراسة إلى بيان معاني النهضة، ومعانيها المتعلقة بها في القرآن وغيره، وبينت الدراسة عوامل نهوض الأمة الإسلامية، من توفر الإنسان الصالح، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، والشمول، والتوازن، وامتلاك أسباب القوة وغيرها، وثم ذكرت أسباب ضعف النهوض، واستخدم الباحث المنهج الوصفي التحليلي، وتوصلت الدراسة لنتائج من أبرزها: للنهضة الإسلامية عوامل إذا توافرت مجتمعة تحققت النهضة المنشودة فإذا تحققت العوامل انتفت الموانع تحقق المطلوب، الانطلاق من الوحي إلى العصر هو مفتاح الانطلاق نحو المستقبل المنشود.

التعقيب على الدراسات السابقة:

بالنظر للدراسات السابقة كلها فإنها تبين أهمية البناء الأخلاقي وتزكية النفس البشرية مما يشوبها، وأهمية ذلك البناء في تأسيس بنيان المسلم في أسرته ومحيطه، وترسيخها سلوكاً وفكراً، وأن أي نهضة لابد لها أن تنطلق من الوحي مستمدةً نصوصها من القرآن الكريم، وقد أكدت الدراسة الحالية عليه.

ما تميزت به الدراسة:

1-   تعدُّ الدراسة تأصيلاً لمجالات التربية.

2-   ربطت بين مقومات النهضة الأخلاقية والمضامين التربوية والنهضوية للاسترشاد بها في حياة المسلم.

3-   ذكر نماذج من القرآن الكريم دالة على النهضة الأخلاقية، واستنتاج المضامين التربوية والنهضوية للاهتداء بها في حياة المسلم.

- خطوات الدراسة:

قام الباحث بالخطوات التالية:

1-    جمع الآيات القرآنية التي تتحدث عن مقومات النهضة الأخلاقية.

2-    تصنيف الآيات التي تتحدث عن مقومات النهضة الأخلاقية.

3-    ذكر المضامين التربوية والنهضوية لتلك المقومات.

4-    ذكر نماذج من القرآن الكريم دالة على النهضة الأخلاقية، ومضامينها التربوية والنهضوية.

5-    الرجوع إلى الأدب التربوي للاستفادة منه في إثراء مقومات النهضة الأخلاقية في القرآن الكريم.

ومضامينها التربوية والنهضوية.

الفصل الثاني

مقومات النهضة الأخلاقية في القرآن الكريم ومضامينها التربوية والنهضوية

        أ‌-        تزكية النفس.

      ب‌-      أداء الأمانات التي كلفه الله تعالى بها.

      ت‌-      الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 

      ث‌-      ترك الإمعية والتقليد والتبعية الباطلة.

       ج‌-       الالتزام بالعهود والمواثيق.

       ح‌-       جودة الخطاب مع الآخرين.

       خ‌-       تفعيل مبدأ النصيحة.

       د‌-       التواصي بالصبر.

       ذ‌-       تعديل سلوك الانحراف الأخلاقي.

       ر‌-       المضامين التربوية والنهضوية لمقومات النهضة الأخلاقية.

       ز‌-       نماذج من القرآن الكريم دال على النهضة الأخلاقية ومضامينها التربوية والنهضوية.

وأما عن مقومات النهضة الأخلاقية في القرآن الكريم، فهي كما يلي:

1- تزكية النفس:

          من واجبات الرسل الذين أرسلهم الله – سبحانه وتعالى- للناس تزكيته من معائب النفس، وهي هدف عباد الله المتقين في الدنيا، وبها نجاتهم، وعليها هلاك الكثير، وقد جعل الله تعالى العبادات في مضامينها وسيلة لتزكية النفس، والتي تنعكس على قلب وجوارح الإنسان.

        ويقصد بالتزكية اصطلاحاً: تطهيرها من أمراض وآفات، وتحققها بمقامات، وتخلقها بأسماء وصفات (حوى، د.ت: 3)

        ومن الآيات التي تحث على تزكية الإنسان لنفسه، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ     البقرة: ١٢٩

  البقرة: ١٢٩، وقوله تعالىﭐﱡﭐ   ﲿ     آل عمران: ١٦٤

، وقوله تعالىﱡﭐ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ  ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ  ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ الجمعة: ٢  وقال نبي الله موسى – عليه السلام- لفرعون: ﱡﭐ النازعات: ١٨ – ١٩ ، وبين الله تعالى أن سبب النجاح والفلاح للمسلم في الدنيا تزكية نفسه، والارتقاء بها لأعلى المقامات، ﱡﭐ    الشمس: ٩ - ١٠

ومن السنة ما تحث على تزكية النفس ومحاسبتها، لقوله – صلى الله عليه وسلم: (الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللهِ ) (ابن حنبل- 17398 – مسند حكيم بن حزام).

 وحالات النفس في القرآن، هي:

أ- النفس المطمئنة: ﱡﭐ الفجر: ٢٧ ، التي اطمأنت إلى وعد الله الذي وعد أهل الإيمان به في الدنيا من الكرامة في الآخرة، فصدّقت بذلك( الطبري، 2000: 24/ 423).

ب- النفس اللوامة: ﱡﭐ ﱿ القيامة: ٢، فتلوم نفسها على الشر لم فعلته , وعلى الخير أن لم تستكثر منه،. وقيل: أنها التي تلام على سوء ما فعلت (الماوردي، د.ت: 6/ 151).

ت- النفس الأمارة بالسوء: ﱡﭐ   يوسف: ٥٣، مائلة إلى الشهوات ( أبو السعود، د.ت: 4/ 285).

وتزكية النفوس أصعب من علاج الأبدان وأشد، فمن زكى نفسه بالرياضة والمجاهدة والخلوة التي لم يجيء بها الرسل فهو كالمريض، الذي يعالج نفسه برأيه، وأين يقع رأيه من معرفة الطبيب، فالرسل أطباء القلوب فلا سبيل إلى تزكيتها وصلاحها إلا من طريقهم وعلى أيديهم وبمحض الانقياد والتسليم لهم (ابن القيم، 1996: 2/ 300)

          وكما أنه لابد من احتمال مرارة الدواء، وشدة الصبر عن المشتهيات لصلاح الأبدان المريضة، فكذلك لابد من احتمال المجاهدة، والصبر على مداومة مرض القلب بل أولى، فإن مرض البدن يخلص منه بالموت، ومرض القلب عذاب يدوم بعد الموت أبداً. وينبغي للذي يطبُّ نفوس المؤمنين ألا يهجم عليهم بالرياضة في فن مخصوص، حتى يعرف أخلاقهم وأمراضهم، إذ ليس علاج كل مريض واحداً، فإذا رأى جاهلاً بالشرع علمه، وإذا رأى متكبراً حمله على ما يوجب التواضع، أو شديد الغضب ألزمه الحلم (ابن قدامة، 1978: 154)

ومن وسائل تزكية النفس وتطهيرها، التوبة والعمل الصالح يحصل بهما التطهير والتزكية، والصبر على جهاد النفس والامتثال لأمر الله تعالى، خشيته ومحبته والعبادة له وحده (ابن تيمية، 2018: 32)

وتزكية القلوب والنفوس إنما تكون بالعبادات ونوع من الأعمال، إذا أدى ذلك على كماله وتمامه، فعندئذ يتحقق القلب بمعان تكون النفس بها مزكاة، ويكون لذلك آثاره وثمراته على الجوارح كلها كاللسان والعين والأذن وبقية الأعضاء، وأظهر ثمرات النفس المزكاة حسن الأدب والمعاملة مع الله تعالى والناس: مع الله تعالى قياماً بحقوقه بما في ذلك بذل النفس جهاداً في سبيله، ومع الناس على حسب الدائرة، وعلى مقتضى المقام، وعلى ضوء التكليف الرباني (حوى، د.ت: 4)

ويمكن تطويع النفس وتزكيتها وتطهيرها بمحاسبة الإنسان نفسه، فينبغي إذا رآها قد قارفت معصية أن يعاقبها كما سبق، فإن رآها تتوانى بحكم الكسل بشيء من الفضائل، أو ورد من الأوراد، فينبغي أن يؤدبها بتثقيل الأوراد عليها، وإذا لم تطاوعه نفسه على الأوراد، فإنه يجاهدها ويكرهها ما استطاع. إن الصالحين كانت أنفسهم تواتيهم على الخير عفواً، وإن أنفسنا لا تواتينا إلا كرهاً، ومما يستعان به عليها أن يسمعها أخبار المجتهدين، وما ورد في فضلهم، ويصحب من يقدر عليه منهم، فيقتدي بأفعاله (ابن قدامة، 1978: 376)

وحقيقة التزكية تكون بتحقيق التوحيد الصحيح وبتكميل عبودية الله - عز وجل- في الظاهر والباطن، فتكون حركات نفسه وجسمه كلها في محبوبات الله، فكمال عبودية العبد موافقته لربه في محبه ما أحبه، وبذل الجهد في فعله؛ وموافقته في كراهة ما كرهه، وبذل الجهد في تركه. وهذا إنما يكون للنفس المطمئنة، لا للأمارة ولا للوامة. فهذا كمال من جهة الإرادة والعمل (ابن القيم، د.ت: 1/ 468)

  ومما يحصل به تزكية نفس المؤمن، التقرب لله تعالى بالفرائض ومن ثم النوافل، كما في الحديث: (وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ..) (صحيح البخاري- 6502- باب: التواضع)

·       المضامين التربوية والنهضوية لتزكية النفس، منها ما يلي:      

1-   تزكية النفس الإنسانية سبب لاستقامة السلوك والفكر.

2-   تستهدف تزكية النفس كل جوانب الإنسان، قلبه وجوارحه.

3-   تكمن حقيقة التزكية من خلال تطبيق أوامر الله تعالى وتوحيده.

4-   ارتباطها بالعبادات والتوحيد وهي وسيلة له.

5-   تزكية النفس تحتاج للاستمرار في تعاهدها ومتابعتها في كل الأوقات.

6-   أهمية الصبر في علاج أمراض النفس وتزكيتها، إذ إنها لا تتم إلا به.

7-   تتم التزكية من الإنسان ذاته، إذ لا بد من حمل نفسه عليها.

8-   تزكية النفس تكون بتحسين علاقة المسلم مع الله تعالى، وعلاقاته مع الغير.

9-   أهمية الصحبة والمحيط الصالح في تزكية النفس البشرية، إذ إنها تكون مطواعة له أكثر.

10-                   أهمية القدوة الحسنة في تزكية النفس.

11-                   التزكية صعبة في بدايتها، سهلة إذا انقادت لصاحبها.

12-                   أهمية النفس اللوامة في تزكية النفس، فبها يلوم المسلم نفسه على ما اقترف وفعل، لتكون دافعاً له في التزكية.

13-                   المسلم يسعى من خلال التزكية للارتقاء والوصول للنفس المطمئنة.

2- أداء الأمانات التي كلفه الله تعالى بها:

         حث الإسلام على أداء الأمانة التي كُلف بها الإنسان على أتم وجه، سواء كانت أمانة إلهيه، أم أمانة تخص الإنسان، بل جعلها أول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة، باعتبارها حقوقاً مستوجبة عليه، انطلاقاً من قوله تعالىﱡﭐ     ﲿ   النساء: ٥٨

        والأمانات كل ما ائتمن عليه الإنسان وأمر بالقيام به. فأمر الله عباده بأدائها أي: كاملة موفرة، لا منقوصة ولا مبخوسة، ولا ممطولاً بها، ويدخل في ذلك أمانات الولايات والأموال والأسرار؛ والمأمورات التي لا يطلع عليها إلا الله. وقد ذكر الفقهاء على أن من اؤتمن أمانة وجب عليه حفظها في حرز مثلها. قالوا: لأنه لا يمكن أداؤها إلا بحفظها؛ فوجب ذلك (السعدي ،2000: 183).

       ونبي الله يوسف - عليه السلام - عندما علم أنه سيكون ذو مكانة وائتمان عند ملك مصر، ورأى أن المسئولين عن أموال الدولة لا يحسنون التصرف بها، انتدب نفسه ليكون مسؤولاً عنها ويشرف عليها، فطلب من الملك أن تسند إليه السلطة المالية في مصر؛ معللاً ذلك الطلب بأنه متصف بصفات الأمانة والعلم، فهي صفات تلك الوظيفة وهي: الأمانة والقيام بحفظها والخبرة فيها,  ﱡﭐ     يوسف: ٥٤ - ٥٥، وكذلك ابنة شعيب تطلب من أبيها استئجار نبي الله موسى- عليه السلام - لرعاية مصالحه ورعي أغنامه؛ معللةً ذلك بصفتين هامتين: القوة ولأمانة، ﱡﭐ     القصص: ٢٦

، ونبي الله نوح- عليه السلام - يمدح نفسه بالأمانة ﱡﭐ  ﲿ  الشعراء: ١٠٥، ونبي الله هود – عليه السلام-  يقول عنه الله: ﱡﭐ      الشعراء: ١٢٣ - ١٢٥

، ونبي الله صالح- عليه السلام-  يقول الله عنهﱡﭐ     الشعراء: ١٤١ - ١٤٣

  ونبي الله لوط - عليه السلام - يقول الله عنه: ﱡﭐ   الشعراء: ١٦٠ - ١٦٢

 ، ونبي الله شعيب- عليه السلام - يقول الله عنه: ﱡﭐ   الشعراء: ١٧٦ – ١٧٧ ومن ثقل الأمانة أبين السماوات والأرض حمل الأمانة، وعدم القدرة على القيام بها، وأن الإنسان وحده الذي أعلن تحمله المسؤولية والقيام بها رغم ثقلها كما ﱡﭐ     ﲿ الأحزاب: ٧٢

        وقد امتدح الله تعالى قسم من أهل الكتاب لأدائهم ما اؤتمنوا عليه، ولو كان ثميناً مغرياً، وذم قسم آخر لخيانتهم ما اؤتمنوا عليه، ﱡﭐ         آل عمران: ٧٥

        كما وحذر الإسلام من خيانة الأمانة، ﱡﭐ         الأنفال: ٢٦ - ٢٧، يحذر الله الأمة خيانة الأمانة التي حملتها يوم بايعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على الإسلام، فالإسلام ليس كلمة تقال باللسان، وليس مجرد عبارات وأدعية؛ إنما هو منهج حياة كاملة شاملة تعترضه العقبات والمشاق، إنه منهج لبناء واقع الحياة على قاعدة أن لا إله إلا الله، وذلك برد الناس إلى العبودية لربهم الحق، ورد المجتمع إلى حاكميته وشريعته، ورد الطغاة المعتدين على ألوهية الله وسلطانه من الطغيان والاعتداء وتأمين الحق والعدل للناس جميعاً، وإقامة القسط بينهم بالميزان الثابت وتعمير الأرض والنهوض بتكاليف الخلافة فيها عن الله بمنهج الله (قطب، 1412: 3/1498).

        ومن عظم الأمانة بمفهومها الشامل نفى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الإيمان لمن خانها، لقوله: (لاَ إِيمَانَ لِمَنْ لاَ أَمَانَةَ لَهُ، وَلاَ دِينَ لِمَنْ لاَ عَهْدَ لَهُ) (ابن حنبل- 12578 – مسند أنس بن مالك).

          فإن الإيمان إذا دار في القلب وامتلأ به، أوجب لصاحبه القيام بحقوق الإيمان التي من أهمها: رعاية الأمانات، والصدق في المعاملات، والورع عن ظلم الناس في دمائهم وأموالهم. ومن كان كذلك عرف الناس هذا منه، وأمنوه على دمائهم وأموالهم. ووثقوا به، لما يعلمون منه من مراعاة الأمانات، فإن رعاية الأمانة من أخص واجبات الإيمان (الشحود، 2015: 9).

·       المضامين التربوية والنهضوية لأداء الأمانات التي كلفه الله تعالى بها، منها ما يلي:      

1-   شمول الأمانة أمور الدنيا والآخرة.

2-   الترهيب من خيانة الأمانة وعدم تحملها وفق منهج الله تعالى.

3-   تعدُّ سبباً لتحقيق غايات الإسلام من عبادة الله تعالى، وخلافة الأرض.

4-   يجب أن يسبق الأمانة العلم والخبرة الموصلان لحفظها.

5-   الأمانة لها مقومات تتعدد حسب تلك الأمانة، فأمانة العمل، تختلف عن أمانة العلم، عن أمانة الوظيفة، وهكذا.

6-   نفي الإيمان الكامل لمن لا يحفظها.

7-   الأمانة سبب لاستقامة المجتمع المسلم وفق ما يريده الله تعالى.

8-   سبب لتحقيق الأمن والأمان والاستقرار المجتمعي.

9-   لتحقيق نهضة المسلمين المنشودة.

10-                   تقي من الوقوع في ظلم الآخرين.

11-                   سبب أكيد للمحافظة على الكليات الخمس التي جاء بها الإسلام، من حفظ (المال، والنفس، والأعراض، العقل، والنسل).

3- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

        من الخصائص التي اختص الله سبحانه وتعالى الأمة الإسلامية في التغيير والصلاح المجتمعي؛ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلا ينبغي للمسلم أن يرى أو يسمع محارم الله تعالى تنتهك أمامه ثم يمضي في طريقه وكأن الأمر لا يعنيه.

        فدليل الخيرية في المجتمع المسلم مرهون بوجود شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتفعيله بين الناس، ﱡﭐ       آل عمران: ١١٠

           وهذا ما ينبغي أن تدركه الأمة المسلمة لتعرف حقيقتها وقيمتها، وتعرف أنها أخرجت لتكون طليعة، ولتكون لها القيادة بما أنها هي خير أمة. والله يريد أن تكون القيادة للخير لا للشر في هذه الأرض، فيبقى عليها أن تكون بتقدمها العلمي، وبعمارتها للأرض- قياماً بحق الخلافة- أهلاً له كذلك، ومن هذا يتبين أن المنهج الذي تقوم عليه هذه الأمة يطالبها بالشيء الكثير ويدفعها إلى السبق في كل مجال، وهذا ضروري لإقامة المجتمع الصالح وصيانته ولتحقيق الصورة التي يحب الله أن تكون عليها الحياة (قطب، 1412: 1/ 447).

        وقدم الله تعالى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإيمان بالله لما فيه من الخير والصلاح للناس. وقال عز وجل ﱡﭐ         التوبة: ٧١

         وذم الله – سبحانه وتعالى- من ترك هذا الواجب من بني إسرائيل، ولعنهم لعصيانهم وتركهم شعيرة النهي عن المنكر، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ         المائدة: ٧٨ - ٧٩

            وغلظ رسول الله – صلى الله عليه وسلم- على من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بقوله: (لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليسلطن الله عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم) (البزار، 2009: 15/163).

          وقد وضح الإسلام كيفية تغيير المنكر؛ فكل مسلم يغير حسب استطاعته، ولو أن تنكره بالقلب وهو أدناها، كما في الحديث: ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ)( ابن حنبل- 11636 – مسند أبي سعيد الخدري)، فالأمر للوجوب لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من واجبات الإيمان، ودعائم الإسلام بالكتاب والسنة، وفي الحديث إشارة إلى مراعاة الترتيب في كيفية التغيير، وأنه يكون بالأخف فالأخف، يعني بالأيسر فما فوقه، والتغيير بالقلب أن يكره المعصية ويود أن لو قدر لأزالها (الهرري، 2009: 2/404).

·       المضامين التربوية والنهضوية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، منها ما يلي:      

1-   الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسيلة للإصلاح والتغيير المنشود.

2-   مظهر من مظاهر إيجابية الإسلام.

3-   إشارة لعدم عجز المسلم في التغيير؛ فكل مسلم مكلف بهذه الشعيرة كلًّ حسب وسعه وطاقته وعلمه.

4-   دليل على خيرية الأمة المسلمة، انطلاقاً من قوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالعوف وتنهون عن المنكر).

5-   يريد الإسلام أن يعم الخير وينطمس الشر في المجتمع الإسلامي.

6-   مؤشر لقيام نهضة وحضارة المسلمين حيث يسبقه أو يتزامن معه القيام بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

7-   تحقيق السيادة للأمة الإسلامية، وأن تكون في طليعة الأمم.

8-   الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب لترسيخ إيمان المسلم، حيث قدمه الله تعالى عليه، كما في قوله: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالعوف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله).

9-   سبب لإجماع الأمة واجتماعها.

10-                   صيانة المجتمع من عوامل الفساد.

4- ترك الإمعة والتقليد والتبعية الباطلة:

        غرس الإسلام التميز في شخصية المسلم في أقواله وأفعاله وتصرفاته، وفي كل ما يصدر عنه، فلا تجد عنده التقليد المذموم للآخرين، وخاصة فيما يخالف الشرع الحنيف، بل الأصالة والحداثة، والإبداع في مجالات الحياة، والانفتاح الواعي وضبط سلوكه بما يتوافق مع الشرع، رافضاً الإمعية والتقليد.

        فالمسلم الذي يستمع القول لا يسعه إلا أن يتبعه أحسنه وأفضله، قوله تعالى: ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ         الزمر: ١٧ - ١٩

 فمن لب المسلمين وحزمهم، أنهم عرفوا الحسن من غيره، وآثروا ما ينبغي إيثاره، على ما سواه، وهذا علامة العقل، بل لا علامة للعقل سوى ذلك، فإن الذي لا يميز بين الأقوال، حسنها، وقبيحها، ليس من أهل العقول الصحيحة، أو الذي يميز، لكن غلبت شهوته عقله، فبقي عقله تابعاً لشهوته فلم يؤثر الأحسن، كان ناقص العقل( السعدي،2000: 722)

        وذم الإسلام التقليد المذموم من بعض الأمم السابقة لآبائهم في معتقداتهم، فكان سبباً لضلالهم وهلاكهم، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ     الزخرف: ٢٣

 سورة الزخرف،آية:23)

                    وفي الآية دلالة على أن التقليد في نحو هذا ضلال قديم، وأسلافهم لم يكن لهم سند منظور يعتد به، وإِنما خصّص المترفين بالذكر للإِشعار بأن التنعم وحب البطالة صرفهم عن النظر إلى التقليد الأعمى (الصابوني، 1997: 3/143)

وحذر النبي- صلى الله عليه وسلم- من تقليد الآخرين بقوله: (لاَ تَكُونُوا إِمَّعَةً، تَقُولُونَ: إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا، وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا، وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ، إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا، وَإِنْ أَسَاءوا فَلاَ تَظْلِمُوا (سنن الترمذي- 2007 - باب: ما جاء في الإحسان والعفو)

                    وينفر الإسلام من التقليد الأعمى، والتبعية المطلقة بدون وعي أو تقويم، بل يحث الإسلام على حرية الفكر في شئون الحياة المختلفة، يدرسها دراسة واعية ودقيقة، ويبحث جوانبها المختلفة، ولا يكتفي بتقليد الآخرين في آرائهم، ولا يكون تابعًا لغيره في فكره ورأيه على إطلاقه، بل يكون له موقف من هذا، يهتدي إليه بعقله بإثبات الدليل، واستشارة الغير والموازنة  بين الآراء المختلفة حتى ينتهي إلى الرأي الصحيح، الذي يتجرد فيه من التقليد والتبعية المطلقة، لذلك حذر الحديث الشريف من الإمعة، الذي يقلد الناس بدون وعي في إحسانهم وإساءتهم، والمقلد والتابع بلا شخصية ولا رأي( صبح، 2002: 178).

         والإسلام يريد من أتباعه أن يمعنوا النظر والتأمل في الأمور كلها؛ ليوازنوا بينها من خلال الاستدلال الصحيح الذي لا ينبني على التقليد، وهذا من مقتضيات التحضر الإسلامي، وهذا ما يتفق مع منهج القرآن الكريم في الحث على التأمل والنظر، والترغيب في البحث والدراسة في الحياة والكون وقضايا الإنسان، ومقتضيات حياته، ليتعرف على الحق والحقيقة، ويكشف الباطل والزيف والضلال، ويقف على دلائل قدرة الله - عز وجل - وإبداعه في خلقه ومخلوقاته ليزداد إيمانًا وتصديقًا، ويعمل على الإصلاح والبناء القوي، ويرتقي بالمجتمع إلى مدارج الرقي والتقدم والحضارة  ( صبح، 2002: 178).

        ولا يقصد بالتأمل والنظر تلك القياسات المنطقية المعقدة التي درج عليها المختصون في علم الكلام، فإنها ليست في طاقة عامة المسلمين، فضلاً عن أنها قد لا تنشئ الإيمان الجازم، وإنما المقصود به استنهاض الفطرة الاستدلالية الكامنة في كل النفوس على قدر مشترك بينها، ثم على أقدار قد تتفاوت بين فرد وآخر لينتج عنها تقليب بحث (النجار، 1995: 83).

        فإنهاء حالة التبعية وردم الهوة الحضارية بين مجتمعاتنا الإسلامية، ومجتمعات الآخر لا يكون بتقليدها بل بإبداع نظامنا الخاص دونما انغلاق على تجارب الآخرين، والتخلف متلازم مع التبعية فلا يكون الخروج من التخلف إلا بالتحرر من التبعية ويبدأ ذلك من خلال سيطرتنا على مواردنا الطبيعية والإنسانية والاعتماد على النفس فقد سحقت التبعية إنسانيتنا بما فيه الكفاية، وبقدر ما تستمر عملية السحق هذه تطول أزمنة التخلف وتزداد صعوبات التحررـ فهي سلب كل شيء لإنسانيتنا وهويتنا بالذات ولطاقاتنا على النمو والإبداع( حلقاوي،2009: 105)

·       المضامين التربوية والنهضوية لترك الإمعة والتقليد والتبعية الباطلة، منها ما يلي:      

1-   نفض الإسلام غبار التقليد عن المسلمين.

2-   تركه سبب ووسيلة للارتقاء بالفكر والسلوك.

3-   يريد الإسلام من أتباعه الابداع وعدم الجمود.

4-   تنمية شخصية المسلم واغنائها في كل المجالات، وبكل جديد.

5-   ضبط السلوك الإنساني وفق شرع الله تعالى.

6-   تنمية التربية العقلية لدى المسلم، وموازنته للأقوال والأفعال.

7-   المراجعة والتقويم المستمر للأقوال والأفعال والتصرفات، ومعرفة التغذية الراجعة منها وخاصة إن كانت مخالفة.

8-   إطلاق الحرية الفكرية دون تقييد بالماضي أو بالموروث القديم إن كان مخالفاً.

9-   استنهاض الفطرة الاستدلالية واثبات الدليل لما يقال أو يشاهد.

10-                   سبب لقيام نهضة المسلمين وارتقائها.

11-                   ترسيخ البحث والاستكشاف والاستنتاج والتأمل والمشاهدة.

12-                   سبب للإصلاح والبناء القوي للمجتمع.

13-                   تنمية وترسيخ الخصوصية والتميز لدى المسلم.

5- الالتزام بالعقود والعهود والمواثيق:

        أمر الشرع بالإيفاء بالعهود والمواثيق التي أبرمها المسلم مع غيره سواء كان مسلماً أو غير مسلم، وألا ينقض ما عاهد عليه،  ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ     الإسراء: ٣٤

 ، وأوفوا بالعهود التي بينكم وبين الله- تعالى-، والتي بينكم وبين الناس، بأن تؤدوها كاملة غير منقوصة، وأن تقوموا بما تقتضيه من حقوق شرعية. وقوله: "إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مسئولا" تعليل لوجوب الوفاء بالعهد، أي: كونوا أوفياء بعهودكم لأن صاحب العهد كان مسئولا عنه، أمام الله تعالى وأمام الناس، والإشعار بكمال العناية بشأن الوفاء بالعهود، ويجوز أن يكون المعنى: وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولاً، أي: كان مطلوباً بالوفاء به (طنطاوي، 1997: 8/348).

         وقد أكد الإسلام على الوفاء بالعهد وشدد؛ لأن هذا الوفاء مناط الاستقامة والثقة والنظافة في ضمير الفرد وفي حياة الجماعة، وقد تكرر الحديث عن الوفاء بالعهد في صور شتى في القرآن الكريم والحديث النبوي سواء في ذلك عهد الله وعهد الناس أو عهد الفرد وعهد الجماعة وعهد الدولة وعهد الحاكم وعهد المحكوم، وبلغ الإسلام في واقعه التاريخي شأواً بعيداً في الوفاء بالعهود لم تبلغه البشرية إلا في ظل الإسلام (قطب، 1412: 4/2226).

        ومن أعظم صور الوفاء أن يكون الإنسان وفياً بعهده مع الله وذلك في طاعته والقيام بأوامره واجتناب نواهيه، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ         الأنعام: ١٥٢

 ، ومنها قوله تعالى: ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ   البقرة: ٤٠

 ، وقوله تعالى: ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱿ     النحل: ٩١

         ومن صور الوفاء أن يفي بعهوده والتزاماته مع غير المسلمين إذا التزموا بها ولم ينقضوها، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱿ     التوبة: ٤

 منها قوله تعالى: ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ       التوبة: ٧

        كما وحذر الإسلام من نقض العهود، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ         النحل: ٩٢

 

          وبالنظر إلى حال المجتمع إذا لم تُرَاعَ فيه العهود، ولم تُحترمَ المواثيق، ويستهين أهله بالوفاء وشرف الكلمة، فسوف تجده مجتمعاً فُقِدت فيه الثقة بين الناس، وإذا ما فُقِدت الثقة وضاع الوفاء وشرف الكلمة الذي تُدار به حركة الحياة فاعلم أنه مجتمع فاشل، ولأهمية العهد في الإسلام نجده ينعقد بمجرد الكلمة، وليس من الضروري أن يُسجَّل في سجلات رسمية؛ لأن المؤمن تثق في كلمته حتى إن لم تُوثَّق وتكتب (الشعراوي، 1997: 14/8525).

          وعدّ الإسلام أن نقض العهود صفة خارجة عن قيم وثقافة المسلم، بل شنع على الإخلال بها، وجعلها صفة من صفات المنافقين، فقال: رسول الله – صلى الله عليه وسلم- (ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ مَنْ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ) (ابن حنبل- 11080 – مسند أبي هريرة).

فالغدر وعدم الوفاء بالعهد حرام في الشريعة الإسلامية بل هو لا يليق بالرجال الأحرار ذوي الشهامة والمروءة والنجدة في عرف العقلاء، وكان العرب يتمدحون بخلق الوفاء بالعهد ويفخرون به ويحرصون عليه ولو كان في ذلك قتل لأبنائهم فلذة أكبادهم، وأكبر وعيد على جريمة الغدر بالعهود ذلك الوعيد المذكور في هذا الحديث حيث يعلن على ملأ الخلائق في الموقف العظيم يوم يجمع الله الأولين والآخرين يعلن إعلان عن كل غادر ترفع راية عالية على رءوس الخلائق (لاشين، 2002: 7/94)

·       المضامين التربوية والنهضوية للالتزام بالعقود والعهود والمواثيق، منها ما يلي:      

1-   يزيد في تماسك المجتمع الإسلامي ويضمن عدم تفككه.

2-   سبب أكيد لتماسك المجتمع الإسلامي.

3-   يؤدي لرقي المجتمع وتقدمه.

4-   يعدُّ من محركات الحياة في كل مجالاتها (الأخلاقية، الاجتماعية، الاقتصادية).

5-   تنمية الضمير المتولد في المجتمع المسلم، أفراداً وجماعات.

6-   من أهم قيم الإسلام، حيث جعل الإسلام الغادر للعهد والميثاق منافقاً "عملياً" أي: بأفعاله.

7-   إيجاد الثقة بين أفراد المجتمع المسلم، فانعدامها تؤدي لسقوطه.

 

6- جودة الخطاب مع الآخرين:

         لأساليب الخطاب في القرآن الكريم وتحسينه اهتماماً كبيراً، لما له من الأثر الطيب في إقامة العلاقات الإنسانية بين الناس، فكان الاهتمام بما يصدر عن اللسان وبجودة الكلام وتخير الكلمات، فالخطاب القرآني ينوع بين الموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، والأمر بقول الأحسن، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل تعداها لتحريم كل كلام فيه إيذاء لمشاعر الآخرين، قطعاً لنزغ الشيطان بين المسلمين، فكان لاختيار أحسن الكلمات في الخطاب القرآني موقع جميلاً.

وقد حث الإسلام على الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال الحسن، حتى لا يورث الضغينة والكره في نفوس البعض، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ     النحل: ١٢٥

 (سورة النحل،آية:125)

أي: وادعهم إلى سبيل ربك بالأقوال المشتملة على العظات والعبر التي ترقق القلوب، وتهذب النفوس، وتقنعهم بصحة ما تدعوهم إليه، وترغبهم في الطاعة لله- تعالى- وترهبهم من معصيته- عز وجل- وقوله تعالى: " وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ"  بيان لوسيلة ثالثة من وسائل الدعوة السليمة، وجادل المعاند منهم بالطريقة التي هي أحسن الطرق وأجملها، بأن تكون مجادلتك لهم مبنية على حسن الإقناع، وعلى الرفق واللين وسعة الصدر فإن ذلك أبلغ في إطفاء نار غضبهم، وفي التقليل من عنادهم، وفي إصلاح شأن أنفسهم، وفي إيمانهم بأنك إنما تريد من وراء مجادلتهم، الوصول إلى الحق دون أي شيء سواه (طنطاوي، 1997: 8/262).

فالنفس البشرية لها كبرياؤها وعنادها، وهي لا تنزل عن الرأي الذي تدافع عنه إلا بالرفق، حتى لا تشعر بالهزيمة. وسرعان ما تختلط على النفس قيمة الرأي وقيمتها هي عند الناس، فتعتبر التنازل عن الرأي تنازلاً عن هيبتها واحترامها وكيانها. والجدل بالحسنى هو الذي يطامن من هذه الكبرياء الحساسة. ويشعر المجادل أن ذاته مصونة، وقيمته كريمة، وأن الداعي لا يقصد إلا كشف الحقيقة في ذاتها، والاهتداء إليها. في سبيل الله، لا في سبيل ذاته ونصرة رأيه وهزيمة الرأي الآخر! ولكي يطامن الداعية من حماسته واندفاعه يشير النص القرآني إلى أن الله هو الأعلم بمن ضل عن سبيله وهو الأعلم بالمهتدين. فلا ضرورة للحاجة في الجدل إنما هو البيان والأمر بعد ذلك لله، فهذا هو منهج الدعوة ودستورها ما دام الأمر في دائرة الدعوة باللسان والجدل بالحجة (قطب، 1412: 4/2203).

        وكذلك حثت آيات القرآن الكريم على اللين في الكلام، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ   طه: ٤٤

 واختيار أحسن الكلام دفعاً لنزغ الشيطان فلا يوقع بين المسلمين، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ   ﱿ  الإسراء: ٥٣

 فيختاروا أحسن ما يقال ليقولوه، بذلك يتقون أن يفسد الشيطان ما بينهم من مودة، فالشيطان ينزغ بين الإخوة بالكلمة الخشنة تفلت، وبالرد السيّء يتلوها فإذا جو الود والمحبة والوفاق مشوب بالخلاف ثم بالجفوة ثم بالعداء، والكلمة الطيبة تأسو جراح القلوب، تندّي جفافها، وتجمعها على الود الكريم(قطب، 1412: 4/2234).

والألفاظ ليست على درجة واحدة من حيث الإيحاء بالمشاعر والأحاسيس، فإن بعض الألفاظ يوحي بمشاعر يحسها السامع، لا توحي بها ألفاظ مرادفة لها، وإن كان يخيل للبعض أن هذه الألفاظ على درجة واحدة في دلالتها على المعنى إلا أنها تتفاوت تفاوتاً غير يسير في دلالتها على المعنى الأدبي والذوق الفني للكلام، لذلك تجد أن كل كلمة لها دلالات تأثيرية، ولها ظلال تميزها عن غيرها، فنحرص على اختيار الكلمات والعبارات ذات الظلال الحسنة (عبد الله، 2005: 161).

          بل تعدى ذلك بأن يترك المسلم ذلك المجلس الذي ينتقص فيه من الآخرين، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ     القصص: ٥٥

                    ومن جودة الخطاب مع الآخرين المفاضلة بين الكلمات واختيار أحسنها من خلال التمييز بين الكلمات واختيار أحسنها ليس سهلاً على كل الناس، ولا يوفق الكل لهذا المقصد العظيم، فهي تحتاج لقدرة عقلية ولغوية، في اختيار اللفظ الحسن المراد من ألفاظ حسنة متعددة، ولعل هذا ما بينه ووضحه القرآن الكريم معقباً على الآية بقوله: ( أولئك هم أولوا الألباب)، كما في قوله تعالى: ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ     الزمر: ١٨، أراد أن يكونوا نقاداً في الدين يميزون بين الحسن والأحسن والفاضل والأفضل فإذا اعترضهم أمران واجب ومندوب اختاروا الواجب، وكذا المباح والندب حرصاً على ما هو أقرب عند الله وأكثر ثواباً، أو يستمعون الحديث مع القوم فيه محاسن ومساو فيحدث بأحسن ما سمع ويكف عما سواه (النسفي،1998: 3/175).

          والعقول الزاكية من لبهم وحزمهم، أنهم عرفوا الحسن من غيره، وآثروا ما ينبغي إيثاره، على ما سواه، وهذا علامة العقل، بل لا علامة للعقل سوى ذلك، فإن الذي لا يميز بين الأقوال حسنها، وقبيحها، ليس من أهل العقول الصحيحة، أو الذي يميز لكن غلبت شهوته عقله، فبقي عقله تابعاً لشهوته فمن لم يؤثر الأحسن كان ناقص العقل (السعدي، 2000: 721).

ومن صفات المؤمنين أنهم يستمعون ما يستمعون من القول، فتلتقط قلوبهم أحسنه وتطرد ما عداه، فلا يلحق بها ولا يلصق إلا الكلم الطيب، الذي تزكو به النفوس والقلوب، والنفس الطيبة تتفتح للقول الطيب فتتلقاه وتستجيب له، والنفس الخبيثة لا تتفتح إلا للخبيث من القول ولا تستجيب إلا له (قطب، 1412: 5/3045).

·       المضامين التربوية والنهضوية لجودة الخطاب مع الآخرين، منها ما يلي:      

1-   ضبط لسان المسلم باعتباره مصدراً للسعادة والشقاء.

2-   تعزيز العلاقات الإنسانية وسبل تنميتها.

3-   تربية المسلم على التميز الخطابي.

4-    تحسين أساليب ومهارات الخطاب وتطويره.

5-   ضبط الكلام بضوابط وآداب الشرع.

6-   تنمية مهارات الاتصال والتواصل اللفظي بين المسلم وغيره.

7-   جودة الخطاب سبب لدخول القلوب، والتأثير الحسن على الغير.

8-   تنمية ملكات العقل لدى المسلم لاختيار أفضل الكلمات والعبارات في منطقه.

9-   سبب للانفتاح على الغير وإظهار حقيقة الإسلام.

10-                   تحقيق مبدأ الجودة والذي يسعى الإسلام لترسيخه لدى المسلم.

11-                   تأسيس للعلاقات الإنسانية التي ينبني عليها قبول حضارة المسلمين عند غيرهم.

12-                   تحقق الفاعلية في النهوض الحضاري وخلافة الأرض.

7- تفعيل مبدأ النصيحة:

        بذل النصيحة للمسلمين مهم في توجيه كل ما يصدر عن المسلم من أقوال أو أفعال في اتجاهه الصحيح دون انحراف أو اعوجاج، فهي ترشد الناس للخير وتبعدهم عما يضرهم، فهي الهداية للحيران ليسترشد بها في ظلمات الحياة وأزماتها، لذلك سنجد النصيحة في آيات القرآن الكريم زاخرة كثيرة المواضع، لأهميتها واحتياج الناس لها.

        ويقصد بالنصيحة: إخلاص النية من شوائب الفساد في المعاملة بخلاف الغش. وإرادة الخير للمنصوح له (الأثري، د.ت: 4)

        فمنها كنصيحة الأنبياء لأقوامهم وإرشادهم للخير واتباع منهج ربهم، وقد وردت النصيحة في مواضع عدة منها، عن قيل نوح: ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱿ   الأعراف: ٦٢

 ، وعن قيل هود: ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ الأعراف: ٦٨

)، وعن قيل صالح: ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ     الأعراف: ٧٩

 ، وعن قيل شعيب: ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ     الأعراف: ٩٣

          وتكون أحيانا النصيحة لإقامة الحجة على الآخرين، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ   الأعراف: ١٦٤

 ومنها نصيحة الرجل لنبي الله موسى – عليه السلام-  ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ     القصص: ٢٠

 ، وقد أخذ نبي الله موسى بنصيحته ومشورته فخرج من قريته على خوف، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ   القصص: ٢١

         وبيّن النبي- صلى الله عليه وسلم- مجالات النصيحة بقوله:( الدِّينُ النَّصِيحَةُ قَالُوا لِمَنْ قَالَ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُؤْمِنِينَ) (ابن حنبل- 17214- مسند الشاميين).

       ونجد بالمقابل نوعاً آخر من النصيحة الكاذبة والمشورة الموبقة، عندما أشار إبليس على آدم -عليه السلام- أن يأكل هو وزوجته من الشجرة التي مُنع منها، وعندما رأى منهما عدم الاستجابة الفورية لمشورته أقسم لهما -كاذباً- إنه ناصح لهما، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲿ         الأعراف: ٢١ - ٢٢

        ومن آدابها أن تكون النصيحة لوجه الله وحده، وأن تكون سراً، وأن تكون بالحكمة والموعظة الحسنة، اختيار الوقت والظرف المناسب (الأثري، د.ت: 12).

·       المضامين التربوية والنهضوية لتفعيل مبدأ النصيحة، منها ما يلي:      

1-   صلاح المجتمع؛ إذ تشاع فيه الفضيلة، وتستتر فيه الرّذيلة، والاشتغال بالنّفس لاستكمال الفضائل من تمام النّصح، وبيان خطأ المخطئ في المسألة والمسائل- وإن كرهه- من النّصيحة الواجبة لا من الغيبة المحرمة (ابن حميد، د.ت :8/3507).

2-   أساس للعمل الهادف والجاد، وخاصة أن الجهد الإنساني يعتريه النقص والقصور.

3-   الدفع في البناء الحضاري للمجتمعات الإسلامية.

4-   تقليل الأخطاء والخلل قدر الإمكان.

5-   يعدّ تقويماً للعمل وتقديماً لتغذية راجعة مفيدة.

6-   سبب لإنجاز العمل وصولاً لكماله، ومؤشر للأداء الصحيح.

7-   العمل وإن كان فردياً أحياناً، لكنه بالنصيحة يجعله أداءً جماعياً.

8-   النصيحة تنشر الثقة بين الناس.

9-   يسود بسببها الأمن والطمأنينة بين الأفراد، لانتفاء الغش والخيانة من خلالها.

10-                   الهدف من النصيحة ليس، انتقاصاً أو تشهيراً، بل تصويباً وتكميلاً.

11-                   سبب لنشر المحبة والمودة بين المسلمين، فالمسلم يحب من يوجهه للخير ويبعده عن الشر.

8- التواصي بالصبر:

الصبر من الأخلاق الإسلامية المحمودة التي حث الإسلام عليها ورغب فيها، وبدونه يجد الضنك والشدة التي تورث عنده الهم والحزن والجزع، وتفقده قوة ضبط النفس وخاصة عند الابتلاءات والشدائد والمحن، وما من نبي من أنبياء الله تعالى إلا وقد ابتلي، فكان عنواناً للصبر والمصابرة على أذى قومه، أو على عنت الحياة وأوجاعها.

        ومن الصبر الذي ذكره القرآن الكريم ، صبر الأنبياء على مشاق الدعوة إلى الله تعالى، وكانت تسلية الله لأنبيائه دائما، ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲿ       الأحقاف: ٣٥

)، يقول تعالى ذكره لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -، مثبته على المضي لما قلده من عبء الرسالة، وثقل أحمال النبوة - صلى الله عليه وسلم -، وأمره بالانتساب في العزم على النفوذ لذلك بأولي العزم من قبله من رسله الذين صبروا على عظيم ما لقوا فيه من قومهم من المكاره، ونالهم فيه منهم من الأذى والشدائد، (فَاصْبِرْ) يا محمد على ما أصابك في الله من أذى مكذبيك من قومك الذين أرسلناك إليهم بالإنذار (كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) على القيام بأمر الله، والانتهاء إلى طاعته من رسله الذين لم ينههم عن النفوذ لأمره، ما نالهم فيه من شدّة. وقيل: إن أولي العزم منهم، كانوا الذين امتُحِنوا في ذات الله في الدنيا بِالمحَن، فلم تزدهم المحن إلا جدّا في أمر الله، كنوح وإبراهيم وموسى ومن أشبههم (الطبري، 2000: 22/145)

وقد أمر الله تعالى رسوله أن يصبر على أذية المكذبين المعادين له، وأن لا يزال داعياً لهم إلى الله وأن يقتدي بصبر أولي العزم من المرسلين سادات الخلق أولي العزائم والهمم العالية الذين عظم صبرهم، وتم يقينهم، فهم أحق الخلق بالأسوة بهم والقفو لآثارهم والاهتداء بمنارهم، فامتثل - صلى الله عليه وسلم - لأمر ربه فصبر صبرًا لم يصبره نبي قبله حتى رماه المعادون له عن قوس واحدة، وقاموا جميعاً بصده عن الدعوة إلى الله، وفعلوا ما يمكنهم من المعاداة والمحاربة، وهو - صلى الله عليه وسلم - لم يزل صادعاً بأمر الله مقيماً على جهاد أعداء الله صابراً على ما يناله من الأذى، حتى مكن الله له في الأرض وأظهر دينه على سائر الأديان وأمته على الأمم، فصلى الله عليه وسلم تسليماً( السعدي، 2000: 783)

ولهذا يحتاج النبي – صلى الله عليه وسلم- إلى توجيه ربه: " فاصبر" ألا إنه لطريق شاق طريق هذه الدعوة. وطريق مرير. حتى إنها لتحتاج لنفس كنفس محمد- صلى الله عليه وسلم- في تجردها وانقطاعها للدعوة، وفي ثباتها وصلابتها، وفي صفائها وشفافيتها وتحتاج إلى التوجيه الرباني بالصبر وعدم الاستعجال على خصوم الدعوة المتعنتين. وإن مشقة هذا الطريق لتحتاج إلى مواساة، وإن صعوبته لتحتاج إلى صبر، وإن مرارته لتحتاج إلى جرعة حلوة من رحيق العطف الإلهي المختوم (قطب، 1412: 6/3276).

        ومن الآيات التي دعت أنبياء الله للصبر قوله تعالى: ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ   ص: ١٧ والصبر في الدعوة إلى الله سنة العقائد والدعوات. لا بدّ من بلاء، ولا بدّ من أذى في الأموال والأنفس، ولا بدّ من صبر ومقاومة واعتزام، إنه الطريق إلى الجنة. وقد حفت الجنة بالمكاره. بينما حفت النار بالشهوات، ثم إنه هو الطريق الذي لا طريق غيره، لإنشاء الجماعة التي تحمل هذه الدعوة، وتنهض بتكاليفها، وهو طريق المزاولة العملية للتكاليف والمعرفة الواقعية لحقيقة الناس وحقيقة الحياة، ذلك ليثبت على هذه الدعوة أصلب أصحابها عوداً. فهؤلاء هم الذين يصلحون لحملها إذن والصبر عليها (قطب، 1412: 1/539).

           وسُئل الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: أيها أفضل للرجل أن يمكَّن أو يبتلى فكان من دقيق استنباطه وفهمه لكتاب الله - عز وجل - وسنة نبيه أن قال: " لا يمكن حتى يبتلى (المدري، 2013: 1/335).

           ويقصد بالصبر: حبس النفس عن الجزع" (ابن تيمية،2002: 146)، وقيل: بأنه خلق فاضل من أخلاق النفس يتمتع به من فعل مالا يحسن ولا يجمل، وهو قوة من قوى النفس التي بها صلاح شأنها وقوام أمرها" (ابن القيم، د.ت: 8).

         ومن الصبر الذي يحتاجه النهضويون والمصلحون في حياتهم، الصبر على التعلم وتحمل طريقه الشاقة والطويلة، وما يكلفه من انفاق المال والأوقات وترك الأهل والترحال، وخير دليل قصة الصبر على التعلم مع نبي الله موسى - عليه السلام- ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ   الكهف: ٦٨ - ٦٩

 أي: ستجدني صابراً وغير عاص، فمن شرط اتباعك لي أنك إذا رأيت مني شيئاً وقد علمت أنه صحيح، إلا أنه خفي عليك وجه صحته فأنكرت في نفسك ألا تفاتحني بالسؤال، ولا تراجعني فيه حتى أكون أنا الفاتح عليك وهذا من أدب المتعلم مع العالم والمتبوع  مع التابع (النسفي، 1998: 2/311)

        فلا توجد فضيلة من الفضائل إلا والصبر دعامتها، فما من إنسان وصل غايته وحقق هدفه إلا بالصبر، وما من رئيس وصل إلى منصبه إلا بالصبر، وإذا كانت قلة الصبر هي التي طردت آدم وحواء من الجنة، فلا شك في أنهما لم يهبطا متسلحين إلا بالصبر متأهبين به لمواجهة الحياة الجديدة التي نزلا إليها، وأيضاً لولا فضيلة الصبر ما كانت أبوة ولا أمومة، وما أقيمت أسرة، ولا نشأت جماعة، ولا كانت للإنسانية وجود (مراد، 2005: 65).

          إن الصبر من أجل مقامات الإيمان، وإن أخص الناس بالله وولاهم به أشدهم قياماً وتحققاً به، والخاصة أحوج إليه من العامة، أن الصبر سبب في حصول كل كمال ممكن، فأكمل الخلق أصبرهم، ولم يتخلف عن أحد كماله الممكن إلا من ضعف صبره، وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: " خير عيش أدركناه بالصبر" (ابن القيم، د.ت: 2/ 579).

·       المضامين التربوية والنهضوية للتواصي بالصبر، منها ما يلي:      

1-   ضبط النفس الإنسانية وما يصدر عنها من سلوك منهي عنه.

2-   يتحمل المسلم من خلاله مصاعب الحياة ومشاقها.

3-   الصبر سلاح الذي يتصدى للإصلاح والنهوض لصالح الأمة الإسلامية.

4-   به يتم التغلب على العقبات التي تواجه المصلحين.

5-   الاستمساك بالإنجاز الذي وصل إليه المسلم والمحافظة عليه.

6-   تتكامل شخصية المصلحين والنهضويين وتزداد خبراتهم واغنائها من خلاله في الحياة.

7-   استثمار قانون التحدي في الحياة.

8-   ما وصلت أمة من الأمم في حضارتها إلا بدفع تلك الضريبة من الصبر والمصابرة.

9-   به تتحقق التربية المستدامة للأمة الإسلامية، لذلك أصبح الصبر هو قانون الإعداد للحياة الآمنة والناهضة.

10-                   طريق لتربية جماعة المسلمين وإخراج مكنوناتها من الخير والقوة.

11-                   سبب لتمكين المسلمين في الأرض.

12-                   تربية المسلم على الثبات على طريق الإسلام والدعوة إليه.

13-                   الصبر دليل على تمكن قوة نفس المسلم منه، فلا يظهر الجزع أو القنوط.

8-   تعديل سلوك الانحراف الأخلاقي:

        الانحراف الأخلاق من أصعب ما تواجه المجتمعات والقيام على تعديل سلوك أصحابه؛ وذلك لأن المنحرف قد عَدَل بسلوكه القويم، ومخالفة الفطرة الإنسانية التي فطر الله تعالى الناس عليها، وتخالف ما أراده لعباده من تحقيقها والانتفاع بمقاصدها الصحيحة.

        ومن الآيات التي وضحت ذلك الانحراف الأخلاقي ما كان في قوم نبي الله لوط – عليه السلام-  كما في قوله تعالى: ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ       الأعراف: ٨٠ - ٨١

 ولا ذم أعظم منه، لأنه وصف لهم بالبهيمية، إنه لا داعى لهم من جهة العقل البتة كطلب النسل ونحوه، أو حال بمعنى مشتهين تابعين للشهوة غير ملتفتين إلى السماجة بل أنتم مسرفون، أضرب عن الإنكار إلى الإخبار عنهم بالحال التي توجب ارتكاب القبائح وتدعوا إلى اتباع الشهوات وهو أنهم قوم عادتهم الإسراف وتجاوز الحدود في كل شيء، فمن ثم أسرفوا في باب قضاء الشهوة، حتى تجاوزوا المعتاد إلى غير المعتاد (الزمخشري،1407 : 2/125)، ووصفهم بالبهيمة الصِّرْفة تنبيهٌ على أن العاقل ينبغي له أن يكون الداعي له إلى المباشرة طلب الولد، وبقاء النوعِ لإقضاء الشهوة (أبو السعود،د.ت:3/245).

          والإسراف الذي يدمغهم به لوط – عليه السلام - هو الإسراف في تجاوز منهج الله الممثل في الفطرة السوية، لأداء دورهم في امتداد البشرية ونمو الحياة، فإذا هم يريقونها ويبعثرونها في غير موضع الإخصاب. فهي مجرد «شهوة» شاذة. لأن الله جعل لذة الفطرة الصادقة في تحقيق سنة الله الطبيعية، فإذا وجدت نفس لذتها في نقيض هذه السنة، فهو الشذوذ إذن والانحراف والفساد الفطري، قبل أن يكون فساد الأخلاق. ولا فرق في الحقيقة. فالأخلاق الإسلامية هي الأخلاق الفطرية، بلا انحراف ولا فساد (قطب،1412: 3/1316).

           وعن الحكمة من تحريم السلوك المنحرف أن الإنسان مخلوق كخليفة في الأرض عليه استبقاء نوعه؛ لأن كل فرد له عمر محدود، ويخلف الناس بعضهم بعضاً، ولابدّ من بقاء النوع، وقد ضمن الله للإنسان الأقوات التي تبقيه، وحلل له الزواج وسيلة لإبقاء النوع، ومهمة الخلافة تفرض أن يخلف بعضنا بعضاً، وكل خليفة يحتاج إلى اقتيات وإلى إنجاب والإقتيات خلقه الله في الأرض التي قدر فيها أقواتها، والنوع البشري جعل منه سبحانه الذكر والأنثى ومنهما يأتي الإنجاب الخلافي؛ فإذا أنت عزلت هذه الشهوة عن الإِنجاب والامتداد تكون قد أخللت وملت عن سنة الكون، وإذا تعطل الإِنجاب تعطلت خلافة الأرض (الشعراوي،1997: /4228)

        ولتعديل السلوك الأخلاقي المنحرف يجب الالتجاء للفطرة السليمة في قضاء تلك النزوة، وبالحث على الزواج مما شرعه الله تعالى لخلقه، وبيّن نبي الله لوط – عليه السلام – ذلك 

بقوله: ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ       هود: ٧٨

 ، وقوله تعالىﭧﭐﭨﭐﱡﭐ   ﲿ   البقرة: ٢٢٣

          كما يجب ترسيخ مفهوم تقوى الله تعالى في نفوس الناس، فهو السبيل لتعديل ما انحرف من أخلاق تشمئز منها الفطرة السليمة، ويظهر ذلك جلياً من خلال الآيات السابقة، كما في قوله: ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ   آل عمران: ١٠٢

 المضامين التربوية والنهضوية لتعديل سلوك الانحراف الأخلاقي، منها ما يلي:      

1-   القضاء على النسل والتكاثر الذي حث عليه الإسلام.

2-   انتشار الأمراض الفتاكة بين الأفراد.

3-   عدم تحقيق خلافة الأرض التي هي غاية الإسلام.

4-   العدول عن الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها.

5-   حتى لا تعدل عن الاستقامة الخُلقية.

6-   مخالف للتكريم الإلهي للإنسان عامةً.

7-   فيه إسراف للطاقة التي وهبهم الله إياها، ووضعها في غير محلها.

8-   يؤدي للفساد الأخلاقي والاجتماعي.

9-   ظهور العنوسة في المجتمع، وما يترتب عليه من انحلال.

          نموذجان من القرآن الكريم دالان على النهضة الأخلاقية.

        تعدّ النماذج الأخلاقية في القرآن الكريم من أكثرها انتشاراً في السور والآيات، فلا تكاد تخلو سورة أو آية من خلق أو مقصد أخلاقي، بل من عظم تلك الأخلاق سميت سورة في القرآن بسورة الآداب لما احتوته من آداب وأخلاق مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم- أو مع الآخرين، وكثرة ذكر الأخلاق والآداب في القرآن الكريم إنما هو لترسيخ القيم والاتجاهات والمبادئ الصحيحة في الأفراد والمجتمعات، وتصحيح السلوك الخاطئ عند الأقوام، ومن هذه النماذج:

أولاً: الآيات التي تحدثت عن وصايا لقمان لابنه وهي طويلة، لكن نذكر منها ما يتعلق بالجانب الأخلاقي:

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ       ﲿ         لقمان: ١٦ - ١٩

·        والآيات اشتملت على مضامين تربوية ونهضوية تتعلق بالأخلاق، منها ما يلي:

1- الإكثار من ذكر الآداب والأخلاق في الآيات، لأهميتها وأثرها على الفرد والمجتمع.

2- ارتباط الأحكام الشرعية بالأخلاق لأهميتها، (أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر).

3- الأخلاق يجب أن تظهر سلوكاً على المسلم في المجتمع، (وأمر بالمعروف وانه عن المنكر).

4-   تعويد الأبناء على خلق الصبر، والتحلي به في نوائب الدهر، (واصبر على ما أصابك).

5-   التحذير من التكبر والتعالي، والإعجاب بالنفس على الناس، (ولا تصعر خدك للناس ولا تمشِ في الأرض مرحاً).

6-   الأخلاق الإسلامية تعد ميزان الوسيطة والاعتدال، وتعليم الأبناء دون إفراط أو تفريط، (واقصد في مشيك).

7-   الالتزام بآداب وأساليب التواصل، من خلال خفض الصوت في الكلام، (واغضض من صوتك).

8-   المحافظة على مشاعر الناس من الإيذاء، كعلو الصوت، (واغضض من صوتك).

9-   التنفير مما تكرهه الطباع السوية والمخالفة للقيم من خلال تشبيهه بأمر تأنفه النفس، "علو الصوت بصوت الحمار" ويتمثل ذلك في قوله تعالى: (إن أنكر الأصوات لصوت الحمير).

ثانياً: الآيات التي تحدثت عن ابنتي مدين من الآية (23- 28) من سورة القصص نذكر ما يتعلق بالجانب الأخلاقي منها:

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ  ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ  ﱝ ﱞ ﱟ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ  ﱩ ﱪ ﱫ القصص: ٢٣

·        الآيات اشتملت على مضامين تربوية ونهضوية تتعلق بالأخلاق، منها ما يلي:

1- الابتعاد عن مخالطة النساء للرجال، وخاصة في أوقات الزحام، (ووجد من دونهما امرأتين تذودان).

2- أهمية الرفقة الصالحة، ووجود العدد في خروج النساء ليأمنّ على أنفسهنّ، (ووجد من دونهما امرأتين تذودان).

3- تَلَمس حاجات الناس، والمبادرة في تقديم المساعدة، (قال ما خطبكما ﱞ ﱟ).

4- الاقتصاد في الكلام مع الرجال على قدر الحاجة، (ﱡ ﱢ قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء).

5- في بعض الأحيان يقدم الشخص الدليل في كلامه ليعذره الآخرين، كتقديم ابنتي مدين سبب خروجهما، (وأبونا شيخ كبير).

6- تقديم المساعدة للآخرين دون انتظار المقابل، (فسقى لهما).

7- الابتعاد عمن أُحسن إليه دفعاً لإحراجه، (ثم تولى إلى الظل).

8- أهمية خلق الحياء عند النساء، وخاصة في مشيتها، (فجاءته إحداهما تمشي على استحياء).

9- مكافأة من صنع لك المعروف، (إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا).

10- الاستماع لآلام وجراحات الآخرين والتخفيف عنه، (فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف).

11- الأدب في مخاطبة الوالدين، (قالت إحداهما يا أبتِ).

12- استماع الآباء للأبناء والبنات في نصحهم وآرائهم، (قالت إحداهما يا أبتِ استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين).

13- أهمية خلق القوة والأمانة، (إن خير من استأجرت القوي الأمين).

14- تزويج البنات بمن يمتلك الأدب والأخلاق، (قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي).

15- إتمام وإكمال الأعمال الموكلة إليه، (فإن أتممت عشراً فمن عندك).

16- عدم تحميل العمال مالا يطيقون أو يشق عليهم، (وما أريد أن أشق عليك).

          إن الأخلاق كانت منذ بداية عصور النبوة ترشيداً وإصلاحاً وتصحيحاً كل نبي لقومه، ثم انتهت تلك الخلاصة من القيم والأخلاق عند خاتم الأنبياء محمد – صلى الله عليه وسلم- لترتقي في معالي الشرف وأكملها وأتمها، بما أراده الله تعالى له لتأسس حضارة، اختصها الله تعالى بتلك القيم لترتبط هذه الحضارة بكتاب الله الخالد؛ فتخلد تلك الحضارة بخلوده.

 

النتائج والتوصيات

أولاً: النتائج:

من خلال دراسة مقومات النهضة الأخلاقية في القرآن الكريم ومضامينها التربوية والنهضوية، فقد توصلت الدراسة للنتائج الآتية:

1-   النهضة الأخلاقية في القرآن الكريم تمتاز بالشمول تبدأ من تزكية النفس البشرية للفرد وصولاً لترسيخ الأخلاق في الجميع.

2-   ضبط السلوك الأخلاقي وفق شرع الله تعالى.

3-   تحقيق الجودة الأخلاقية في الفرد والجماعة.

4-   لمقومات النهضة الأخلاقية في القرآن الكريم مضامين تربوية، يستفاد منها ويُهتدى بها.

5-   كثرت نماذج النهوض الأخلاقي في القرآن الكريم، لترسيخها في النفوس، وإغناء شخصية المسلم.

 

6-   ثانياً: التوصيات:

بعد البحث في مقومات النهضة الإدارية في القرآن الكريم وتطبيقاتها التربوية والنهضوية، وفي ضوء نتائج الدراسة توصي الدراسة بمجموعة من التوصيات وهي كما يلي:

1-   توصي الدراسة وزارة التربية والتعليم الاهتمام بالنهضة الأخلاقية في المدارس.

2-   توصي الإعلام بتنمية النهضة الأخلاقية في وسائله.

3-   الاهتمام بدور المحاضن التربوية في ترسيخ النهضة الأخلاقية في نفوس المسلمين.

4-   توصي الدراسة أولياء الأمور والمهتمين بالإصلاح المجتمعي الاهتمام بالنهضة الأخلاقية في كل الميادين.

ثالثاً: المقترحات:

توصلت الدراسة لمقترحات منها:

1-   اجراء دراسات ميدانية يقاس من خلالها مدى تطبيق مقومات النهضة الأخلاقية في القرآن الكريم على الأسرة الفلسطينية.

2-   اجراء دراسات ميدانية يقاس من خلالها مدى تطبيق مقومات النهضة الأخلاقية في القرآن الكريم على طلاب مرحلة معينة من المراحل التعليمية.

المصادر والمراجع

أولاً: المصادر:

القرآن الكريم: تنزيل الحكيم الخبير

1-   ابن حنبل، أحمد (2010). مسند أحمد بن حنيل. جمعية المكنز الإسلامي.

2-   أبو السعود، العمادي محمد بن محمد (د.ت). تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم. دار إحياء التراث العربي – بيروت.

3-   البخاري، محمد بن إسماعيل (1422). الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه = صحيح البخاري. دار طوق النجاة.

4-   البزار، أحمد بن عمرو (2009). مسند البزار. مكتبة العلوم والحكم - المدينة المنورة.

5-   الترمذي، محمد بن عيسى (2014). سنن الترمذي. مركز البحوث بدار التأصيل.

6-   الزمخشري، محمود بن عمرو (1407). الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل. دار الكتاب العربي – بيروت، ط3.

7-   الطبري، محمد بن جرير (2000). جامع البيان في تأويل القرءان. مؤسسة الرسالة.

8-   النسفي، عبد الله بن أحمد (1998). مدارك التنزيل وحقائق التأويل. دار الكلم الطيب، بيروت، ط1.

ثانياً: المراجع:

1-   ابن القيم، محمد بن أبي بكر (1996). مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين. دار الكتاب العربي – بيروت.

2-   ابن القيم، محمد بن أبي بكر (د.ت). كتاب الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي (الداء والدواء). دار الكتب العلمية – بيروت.

3-   ابن القيم، محمد بن أبي بكر (د.ت). مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة. دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع.

4-   ابن تيمية، أحمد (2002). مكارم الأخلاق. المكتبة العصرية- بيروت.

5-   ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم (2018). فصل في تزكية النفس. مكتبة النهج الواضح- الكويت.

6-   ابن حميد، صالح بن عبد الله (د.ت). نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم. دار الوسيلة للنشر والتوزيع، جدة، ط4.

7-   ابن قدامة، أحمد بن عبد الرحمن (1978). مختصر منهاج القاصدين. مكتبة دار البيان – دمشق.

8-   الأثري، عبد الله (د.ت). النصيحة فقهها شروطها ضوابطها. دار ابن خزيمة.

9-   جندية، بتول (2011). على عتبات الحضارة - بحث في السنن وعوامل التخلق والانهيار، دار الملتقى للطباعة والنشر والتوزيع، سورية، ط1.

10-                   حوى، سعيد (د.ت). المستخلص في تزكية الأنفس. دار عمار – الأردن.

11-                   زهرة، عطا محمد (2014). تكامل الحضارات بين الإشكالية والإمكانات.وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.

12-                   السعدي، عبد الرحمن بن ناصر (2000). تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان. مؤسسة الرسالة، ط1.

13-                   السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر (2004). معجم مقاليد العلوم في الحدود والرسوم. مكتبة الآداب – القاهرة، ط1.

14-                   الشحود، علي بن نايف (2015). الخلاصة في شرح الأربعين الاجتماعية. دون دار طباعة.

15-                   الشعراوي، محمد متولي (1997). تفسير الشعراوي. مطابع أخبار اليوم.

16-                   الشمري، هدى علي (2008). الأخلاق في السنة النبوية. دار المناهج للنشر والتوزيع.

17-                   الصابوني، محمد على (1997). صفوة التفاسير. دار الصابوني للطباعة والنشر والتوزيع – القاهرة.

18-                   صبح، علي علي (2002). التصوير النبوي للقيم الخلقية والتشريعية في الحديث الشريف. المكتبة الأزهرية للتراث، ط1.

19-                   طنطاوي، محمد سيد (1997). التفسير الوسيط للقرآن الكريم. دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، الفجالة – القاهرة، ط1

20-                   عبد الله، عودة (2005). أدب الكلام وأثره في العلاقات الإنسانية في ضوء القرآن الكريم. دار النفائس- الأردن.

21-                   الغزالي، محمد (د.ت). خلق المسلم. دار نهضة مصر.

22-                   الغزالي، محمد بن محمد (د.ت).إحياء علوم الدين. دار المعرفة- بيروت.

23-                   قطب، سيد (1412). في ظلال القرآن. دار الشروق – بيروت، ط17.

24-                   لاشين، موسى شاهين (2002). فتح المنعم شرح صحيح مسلم. دار الشروق.

25-                   الماوردي، علي بن محمد (1421). أدب الدنيا والدين. دار ومكتبة الهلال – بيروت.

26-                   المدري، أمير بن محمد (2013). موسوعة وصايا للدعاة الى الله. دار الكتب اليمنية –صنعاء.

27-                   مراد، مصطفى (2005). خلق المؤمن. دار الفجر للتراث- القاهرة.

28-                   الهرري، محمد الأمين بن عبد الله الأُرَمي (2009). الكوكب الوهَّاج والرَّوض البَهَّاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج. دار المنهاج - دار طوق النجاة، ط1.

ثالثاً: الدراسات العلمية:

1-   السادة، مريم حسين (2017):" المنهاج القرآني في البناء الأخلاقي للإنسان وأثره في رواد مراكز القرآن الكريم وعلومه في دولة قطر" رسالة ماجستير، كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة قطر.

رابعاً: الدوريات:

1-   باسمة هلال الربيعي (2022): القرآن الكريم ودوره في تهذيب الأخلاق وتزكية النفس الإنسانية"، مجلة اشراقات علمية محكمة، كلية التربية، الجامعة المستنصرية، عدد 31.

2-   ناجي، فرحان (2014)" سنن النهضة في القرءان الكريم"، مجلة جامعة الناصر، اليمن- عدد 4.

3-   النجار، عبد المجيد (1995)" دور الإصلاح العقدي في النهضة الإسلامية"، مجلة إسلامية المعرفة- عدد1.

المراجع العربية الإنجليزية

1.    The Holy Qur’an: Revelation of the Wise, the All-Aware, (in Arabic).

2.    Ibn Hanbal, A. (2010). Musnad Ahmed bin Hanil. (in Arabic), Islamic Thesaurus Society.

3.    Abu Al-Saud, A (D.T). Tafsir Abi Al-Saud = guiding the sound mind to the merits of the Holy Book. (In Arabic), Arab Heritage Revival House - Beirut.

4.    Al-Bukhari, M. (1422). Al-Jami’ Al-Musnad Al-Sahih, a summary of the affairs of the Messenger of God, may God bless him and grant him peace, his Sunnahs and his days = Sahih Al-Bukhari. (in Arabic), House of Lifeline.

5.    Al-Bazzar, A. (2009). The gardener's ottoman. (in Arabic), Library of Science and Governance - Medina.

6.    Al-Tirmidhi, M. (2014). Sunan al-Tirmidhi. (in Arabic), Research Center at Dar Al-Taseer.

7.    Al-Zamakhshari, M. (1407). Revealing mysterious facts download. (In Arabic), Dar Al-Kitab Al-Arabi - Beirut, 3rd edition.

8.    Al-Tabari, M. (2000). Jami’ al-Bayan in the interpretation of the Qur’an. (in Arabic), Al-Resala Foundation.

9.    Al-Nasafi, A. (1998). The perceptions of revelation and the facts of interpretation. (In Arabic), Dar Al-Kalam Al-Tayeb, Beirut, 1st edition.

10. Second: References:

11. Ibn al-Qayyim, M. (1996). The paths of the travellers, between the dwellings, Thee we worship and Thee we seek help. (In Arabic), Dar Al-Kitab Al-Arabi - Beirut.

12. Ibn al-Qayyim, M. (d.d.). The sufficient answer book for those who ask about the cure (the disease and the cure). (In Arabic), Dar Al-Kutub Al-Ilmiyya - Beirut.

13. Ibn al-Qayyim, M. (d.d.). The Key to the House of Happiness and the publication of the Guardianship of Knowledge and Will. (In Arabic), Dar Alam Al-Fawaed for Publishing and Distribution.

14. Ibn Taymiyyah, A. (2002). High morals. (In Arabic), Al-Asriyya Library - Beirut.

15. Ibn Taymiyyah, A. (2018). A chapter on self-purification. (In Arabic), Al-Nahj Al-Wadeh Library - Kuwait.

16. Ibn Hamid, p. (d.d.). The freshness of bliss in the noble morals of the Holy Prophet - may God bless him and grant him peace. (In Arabic), Dar Al-Wasila for Publishing and Distribution, Jeddah, 4th edition.

17. Ibn Qudamah, A (1978). Summary of the curriculum of destinations. (In Arabic), Dar Al Bayan Library - Damascus.

18. Al-Athari, A. (d. T.). Advice has its jurisprudence, conditions and controls. (In Arabic), Dar Ibn Khuzaymah.

19. Jundia, B. (2011). On the Thresholds of Civilization - Research into Sunnahs and Factors of Creation and Collapse, (in Arabic), Dar Al-Multaqa for Printing, Publishing and Distribution, Syria, 1st edition.

20. Hawwa, S. (d.t.). Abstract in purification of souls. (In Arabic), Dar Ammar - Jordan.

21. Zahra, A. (2014). Integration of civilizations between the problem and the potential. (in Arabic), Ministry of Endowments and Islamic Affairs.

22. Al-Saadi, A. (2000). Taysir Al-Karim Al-Rahman in interpreting the words of Al-Mannan. (In Arabic), Al-Resala Foundation, 1st edition.

23. Al-Suyuti, A. (2004). Dictionary of the reins of science in borders and drawings. (In Arabic), Library of Arts - Cairo, 1st edition.

24. Al-Shahoud, A. (2015). The conclusion in explaining the social forty. (in Arabic), without a printing house.

25. Al-Shaarawy, M. (1997). Interpretation of Al-Shaarawi. (in Arabic), Akhbar Al-Youm Press.

26. Al-Shammari, H. (2008). Ethics in the Sunnah of the Prophet. (In Arabic), Dar Al-Manhaj for Publishing and Distribution.

27. Al-Sabouni, M. (1997). The elite of interpretations. (In Arabic), Dar Al-Sabouni for Printing, Publishing and Distribution - Cairo.

28. Sobh, A. (2002). The prophetic depiction of moral and legislative values ​​in the noble hadith. (In Arabic), Al-Azhari Heritage Library, 1st edition.

29. Tantawi, M. (1997). Intermediate interpretation of the Holy Quran. (In Arabic), Dar Nahdet Misr for Printing, Publishing and Distribution, Al-Fagala - Cairo, 1st edition.

30. Abdullah, A. (2005). The etiquette of speech and its impact on human relations in light of the Holy Qur’an. (In Arabic), Dar Al-Nafais - Jordan.

31. Al-Ghazali, M. (d.d.). Muslim creation. (in Arabic), Dar Nahdet Misr.

32. Al-Ghazali, M. (D. T.). Revival of Religious Sciences. (in Arabic), Dar Al-Ma’rifa - Beirut.

33. Qutb, S. (1412). In the shadows of the Qur’an. (In Arabic), Dar Al-Shorouk - Beirut, 17th edition.

34. Lashin, M. (2002). Fath al-Moneim, explanation of Sahih Muslim. (in Arabic), Dar Al-Shorouk.

35. Al-Mawardi, A. (1421). Literature of the world and religion. (In Arabic), Al-Hilal House and Library - Beirut.

36. Al-Madri, A. (2013). Encyclopedia of commandments for those calling to God. (In Arabic), Yemeni Book House - Sanaa.

37. Murad, M. (2005). Creating a believer. (In Arabic), Dar Al-Fajr Heritage - Cairo.

38. Al-Harari, M. (2009). The glowing star and the shining earth in the explanation of Sahih Muslim bin Al-Hajjaj. (In Arabic), Dar Al-Minhaj - Dar Touq Al-Najat, 1st edition.

39. Third: Scientific studies:

40. Al-Sada, M. (2017): “The Qur’anic curriculum in the moral structure of man and its impact on the pioneers of the centers of the Holy Qur’an and its sciences in the State of Qatar” (in Arabic), Master’s thesis, College of Sharia and Islamic Studies, Qatar University.

41. Fourth: Periodicals:

42. Basima H (2022): The Holy Qur’an and its role in refining morals and purifying the human soul,” (in Arabic), peer-reviewed scientific journal, College of Education, Al-Mustansiriya University, No. 31.

43. Naji, F. (2014) “Sunan al-Nahda in the Holy Qur’an,” (in Arabic), Al-Nasser University Journal, Yemen - No. 4.

44. Al-Najjar, A. (1995) “The Role of Doctrinal Reform in the Islamic Renaissance,” (in Arabic), Islamic Knowledge Magazine - No. 1.